تصاعدت ازمة الثقة بين الاتحاد الاوروبى وحلف شمال الاطلسى على خلفية ادارة الامن الاوروبى وتحديد الخيارات العسكرية والاستراتيجية داخل القارة الاوروبية وتحديد دور الولاياتالمتحدة فى القارة. وبعد أربع وعشرين ساعة من اختتام القمة الاوروبية اعمالها فى بروكسل والتى شهدت مواجهة حادة بين أنصار الدفاع الاوروبى المستقل ودعاة الحفاظ على دور مركزى للولايات المتحدة على صعيد ادارة الامن الاوروبى قالت مصادر حلف شمال الاطلسى انه وبطلب أمريكى تمت الدعوة الى اجتماع طارئ واستثنائى للسفراء الدائمين داخل الناتو لبحث مستقبل العلاقات الاطلسية الاوروبية. وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة ان الاجتماع سيجرى بعد ظهر الاثنين القادم وبطلب من السفير الامريكى فى الناتو نيكولا بيرنس الذى صعد فى الاونة الاخيرة من انتقاداته العلنية لخيارات الاتحاد الاوروبى فى اقامة نهج مستقل عن الناتو فى مجال الامن والدفاع. وامتنع القادة الاوروبيون فى ختام قمتهم امس الجمعة عن الاشارة الى اية خطة أوروبية فعلية ومستقلة لاقامة دفاع أوروبى خارج اطار الحلف ولكن الرئيس الفرنسى جاك شيراك أعلن رسميا أن مشروع اقامة هيئة أركان أوروبية مستقلة عن الحلف ستمضى قدما سواء انضمت اليها بريطانيا أم لا. وشهدت القمة الاوروبية مواجهة فعلية بين المعسكر الموالى لحلف شمال الاطلسى بزعامة بريطانيا ودعم أسبانياوايطاليا وبولندا وبين المعسكر الاوروبى الاستقلالى الذى تقوده فرنسا ويحظى بدعم المانيا وبلجيكا ولكسمبورغ بشكل رسمى وعملى0 وقال رئيس الحكومة البريطانية فى موقف يعكس ارادة بريطانيا على الابقاء على تحالف عضوى ومستديم مع الولاياتالمتحدة انه لن يشارك فى اية خطة دفاعية أوروبية قد تلحق ضررا بحلف الناتو أى أن بريطانيا لن تقبل بالمشروع الرباعى الذى تقوده فرنسا داخل الاتحاد الاوروبى حاليا. وكانت فرنسا وبلجيكا والمانيا ولكسمبورغ اتفقت يوم 29 أبريل الماضى على انشاء نواة فعلية لدفاع اوروبى مستقل عبر انشاء مقر لهيئة اركان اوروبية وعبر دعم الصناعات الحربية الاوروبية. وتعتبر الدول الاربع أن مثل هذه النواة تبدو ضرورية وملحة لإضفاء مصداقية على أى حضور دولى للاتحاد الاوروبى فى المستقبل. وقال رئيس وزراء ايطاليا سليفيو برلسكونى المؤيد للاطرواحات الامريكية فى القارة والرئيس الدورى للاتحاد الاوروبى فى ختام القمة الاوروبية أن أى دفاع أوروبى لا يمكنه الا أن يكون مكملا للحلف الاطلسى وليس منافسا له. وتراهن الدول الاوروبية المؤيدة لخط دفاعى استقلالى أوروبى على ادراج مادة واضحة ضمن الدستور الاوروبى المطروح حاليا والمثير للجدل وتشير صراحة الى ارساء نهج دفاعى أوروبى. ولكن الدستور الاوروبى يعانى حاليا من مصاعب وهو مجال خلافات بين دوله بشأن العديد من البنود المتعلقة بمجالات السيادة الوطنية وبما فى ذلك فى قطاع الامن والدفاع وهو ما ستوظفه الولاياتالمتحدة دون شك لتصعيد الانشقاقات الاوروبية. وتعارض مجمل الدول الشرقية التى ستنضم اعتبارا من العام المقبل للاتحاد الاوروبى والتى التحقت العام الماضى بالحلف أى مساس بدور الناتو فى ادارة أمن القارة وتعتبر هذه الدول الحليف الرئيس للولايات المتحدة. وكانت الحرب الاخيرة ضد العراق عكست حدود التنسيق الاوروبى فى مجال الدفاع والسياسية الخارجية حيث انقسمت الدول الاوروبية بين مؤيد للحرب ومعارض لها ومن المتوقع أن يكرر السفير الامريكى فى الناتو نيكولا ببرنس خلال الاجتماع الاستثنائى للسفراء الدائمين لدى الحلف الاثنين القادم رفض الولاياتالمتحدة القاطع لأى فصل للدفاعيين الاطلسى والاوروبي وضرورة استمرار اوروبا فى الاعتماد على القدرات المشتركة للطرفين والصناعات الحربية الامريكية. وسيركز الاوروبيون في خط دفاعهم على عدم وجود تناقض هيكلى فى دعم الدفع الاوروبى والابقاء فى نفس الوقت على تحالف وثيق مع الحلف. ويقول منسق السياسة الخارجية الاوروبية خافير سولانا ان قدرات الدفاع الاوروبية المقترحة قد تستعمل فقط فى المجالات التى لا يمكن للناتو التحرك داخلها.