في الكتابةِ شيءٌ من العدوى. تقرأ نصاً جميلا فتنتقل إليك عدوى الكتابة، وينشط في مخيلتك فيروس الإبداع الكامن فيك، لتكتشف أن شيئاً من ماء العدوى الخلاقة قد تسرب إليك؛ ليبلل أعضاءك التي نهشها الظمأ، وطول غياب لحظة الإلهام التي تفرط في تمنعها وتفلتها منك. أزعم أن هذا هو ما يحدث الآن في الموقع الاجتماعي الشهير، الفيس بوك، حيث نشط خلال الفترة الماضية عدد من المبدعين والشعراء، تحديداً في كتابة ونشر نصوصهم بشكل مكثف وغزير على حائطه المليء بالخربشات والصور والتهويمات، وربما المزاعم والسخافات التي قد لا تعني أحداً سوى من قام بخربشتها. هناك ما يشبه «الاحتلال الجميل» لجدار الفيس بوك من قبل مجموعة من الأسماء الشعرية، التي تنتمي لأجيال وبلدان ومناطق جغرافية، وتوجهات جمالية مختلفة، تمطرنا كل يوم بمجموعة من النصوص -التي نجحت إلى حد بعيد- في بث روح جديدة ومنعشة في الشعر، الذي يراد له أن ينزوي في هامش أشكال الكتابة السائدة، التي يهيمن عليها السرد والنثر الذي يستسهل ويستعجل بعض الكتّاب من خلالهما الوصول إلى قارئ قصير النفس، متعجل اعتاد على النصوص القصيرة السريعة، واللغة في أدنى مستوياتها التوصيلية، عبر ما أضحى يحيط به ويلقي بشباكه اللا مرئية حوله، من أجهزة اتصال وتواصل حديثة لا تكفُّ عن تغيير جلدها كل حين. هناك ما يشبه «الاحتلال الجميل» لجدار الفيس بوك من قبل مجموعة من الأسماء الشعرية، التي تنتمي لأجيال وبلدان ومناطق جغرافية، وتوجهات جمالية مختلفة، تمطرنا كل يوم بمجموعة من النصوص، التي نجحت -إلى حد بعيد- في بث روح جديدة ومنعشة في الشعر إنه نوع من التآلف والتكاتف غير المعلن بين من وقفت الحدود الجغرافية حاجزاً بينهم، وبين من كان انتماؤهم لمراحل عمرية متباعدة وأجيال مختلفة، يقف عائقاً في الكثير من الأحيان في وجه تلمسهم لملامح بعضهم بعضاً، أو حتى معرفة بعضهم الآخر. والجميل في الأمر، أن التفاعل مع ما ينشر من النصوص يكون فورياً وآنياً ومرئياً للجميع، مما يمنح لكاتب نص ما تصوراً، على قدر كبير من الوضوح، عن مدى ونوعية تلقي واستقبال القراء لنصه. ولا بد من الإشارة هنا إلى جانب مهم وفاعل في هذا النوع من التفاعل الخلاق، حيث تصل إلى كاتب النص ملاحظات شبه فورية عن نصه، قد تتبين له من خلالها مواضع خلل ما فاته التنبه لها، لتتاح له إمكانية تصويبها وتنقيحها قبل دفعها للنشر في مطبوعة ورقية، أو في كتاب ما، خاصة في ظل الغياب التام أو شبه الغياب لوظيفة المحرر الأدبي لدى أغلب دور النشر العربية.