يبدو ان مرضى السكر أشبه بالغرقى يتمسكون ولو بقشة, ولا أحد يلومهم ان هم اندفعوا نحو أي منتج يزعم صاحبه ان لديه علاجا لهذا المرض, الذي يعاني منه عشرات الملايين على وجه الخليقة, فما يعانيه مرضى السكر من متاعب وصعوبات ليس بالأمر الهين كما ان هذه المعاناة ليست محددة بزمان أو مكان, بل ملازمة للإنسان طوال حياته. وقد انتشرت في الشهور الأخيرة بعض الأنباء عن اكتشاف طبيب عربي دواء يقول انه يؤدي في النهاية الى التخلص من الأنسولين ومعاناة المرض بشكل نهائي وأمام هذا الكلام وتحت ضغط المعاناة والصعوبات ولعدم وجود البديل أمام المرضى فقد اندفع الكثيرون لشراء هذا الدواء دون ان يحصل حتى على ترخيص من منظمة الغذاء والدواء (FDI) ودون تقدير مخاطر تناوله التي قد تكلف الإنسان حياته, بهبوط حاد غير متوقع ومفاجىء. وفي محاولة من (اليوم) لتوضيح الحقائق فقد اعددنا هذا التحقيق وأخذنا رأي صاحب الاختراع وكذلك بعض المتخصصين المحذرين من خطورة هذا الدواء وسألنا بعض من جربه وخرجنا بهذا التحقيق الذي نضعه بين يدي القارىء ليقرر انحيازه مع او ضد هذا الدواء الذي يصفه مكتشفه بالمعجزة بينما يصفه الاخصائيون بالكذبة الكبير. السكر والبنكرياس ولكن قبل ان نخوض في هذا الدواء نود اولا ان نتحدث عن السكري كداء وعن البنكرياس كغدة مسؤولة عن افراز الأنسولين حتى تتضح الصورة. السكري مرض يجعل الجسم غير قادر على استخدام السكر الممتص من الطعام في الدم مما يؤدي الى ارتفاع نسبة السكر في الجسم وتفاعله مع أنسجة الجسم المختلفة الأمر الذي يعرضها لضرر كبير على مدى سنوات عدة, اذا لم يسيطر المصاب على نسبته بشكل معقول. أما البنكرياس فهو عضو يقع في أعلى البطن من جسم الإنسان والنسخية تفرز عصارة البنكرياس في الإثنا عشر وتحتوي هذه العصارة على انزيمات لهضم الطعام, كما ان البنكرياس يحتوي على غدد صماء تعرف بجزر لانجرهانز وهي تحتوي على خلايا Beta التي تفرز هرمون الأنسولين الذي ينظم السكر في الدم. كما تحتوي على خلايا الفا (ALPHA) التي تفرز هرمونا معروفا باسم جلوكاجون له مفعول معاكس لمفعول الانسولين. وما دام الحديث عن الانسولين فالأفضل ان نوضحه للقارىء ونقول ان الانسولين هرمون يساعد الجسم على استخدام الغذاء الذي نأكله ويحوله الى طاقة وهذا الهرمون ضروري للحفاظ على المستوى الطبيعي للسكر في الدم, الذي يتراوح بين 3.9 و6.6ملم وحتى تكتمل الصورة نوضح ان السكري معروف بنوعين الأول يعرف بسكر الاطفال والشباب, حيث يفشل البنكرياس في افراز هرمون الانسولين أو إفرازه بنسبة قليلة جدا غير كافية ولهذا يأخذ مرضى هذا النوع حقن الانسولين لاعادة سكر الدم لمستواه الطبيعي. اما النوع الثاني فهو الذي يصيب الكبار بعد سن 30 عاما وقد يصيب من هم أقل من هذا العمر. وعادة يرتبط هذا النوع بالسمنة او الوراثة وهذا النوع تمانع خلايا الجسم عن عمل الانسولين ولا يستطيع البنكرياس افراز كمية كافية, ولهذا يحتاج المريض الى تناول الحبوب لمساعدة البنكرياس على إفراز المزيد من الأنسولين.ولا ننسى ايضا سكر الحمل كنوع ثالث. معجزة غير مرخصة وامام الاحصائيات المخيفة لاعداد مرضى السكري, ولاهمية الامر, كونه ينقل املا لهم, كان لابد لي من الحديث مع صاحب الاكتشاف, وهو الدكتور عوض منصور الحاصل على دكتوراة في الهندسة الكيميائية الذي تحدث عن الدواء الجديد ووصفه بالمعجزة, كونه سيغني المرض عن عن استخدام الادوية التي تعايشوا معها, سواء من الحبوب او حقن الانسولين, سألته اولا ان كان دواؤه قد حصل على ترخيص من منظمة الغذاء والدواء FDI التي تملك حق الترخيص لاي دواء جديد, فقال: انه لم يحصل على هذا الترخيص واضاف: السبب ليس لان اكتشافي غير مفيد, ولكن لانني عربي, ولان الدواء سيشكل ضربة لشركات ادوية كبيرة, لهذا لم احصل على الترخيص. وعندما سألت الدكتور عوض عن ماهية دوائه قال: انه ينشط خلايا البنكرياس, ويجعلها تعمل بشكل طبيعي.. واكد ان لديه تجارب كثيرة, تؤكد نجاح دوائه.. واضاف: هذا الدواء يقلل من المضاعفات التي نصيب مرضى السكر, واهمها الفشل الكلوي, والخلل في وظائف القلب, وضعف في النظر, والضعف الجنسي عند الرجال, وتنميل الرجلين, وتجلط القدمين. واوضح ان الدواء الجديد هو مستحضر غذائي صحي طبيعي متطور لمرض السكري بانواعه الثلاثة, وهو محضر من اعشاب ونباتات طبيعية 100%, وهو خال من اية مواد كيميائية, ويؤدي الى هبوط السكري, والدواء الذي اكتشفه يحمل مواصفات كثيرة, اهمها انه لاسلبيات له مطلقا, وانه ينظم السكر في البول والدم, ويقوي الجسم وينشطه, ويغذي القلب, ويمنع الجلطة, ويمنع الفشل الكلوي لدى مرضى السكري, ويحسن اداء الكبد, ويمنع الضعف الجنسي, ويقلل الكولسترول والدهون وحامض البوليك,ب ويمنع التبول المتكرر للمرضى, ويمنع ضعف البصر, ويحسن اداء الدورة الدموية. كلام خطير وعجيب عندما تحدثت مع مكتشف الدواء واستمعت منه الشرح والتوضيح خيل الي ان هذا الدواء فعلا معجزة, وان الناس فعلا وجدوا اخيرا ضالتهم. ولكن بحثت عمن جرب هذا الدواء من السعوديين, فتحدثت مع عدد منهم, اوجز ما قالوه بدون اضافة او حذف. وكان اول المتحدثين هو عبدالله الدوسري, وهو مدير دائرة التدريب على مهارات العمل في شركة الكهرباء بالشرقية, قال: عمري 50 سنة بدأ معي السكر عام 1985م, اي قبل 19 سنة, وكنت في البداية استخدام الحبوب, ثم تحولت الى الانسولين الحقن وقد سمعت عن الدواء واستعملته منذ شهر ونصف الشهر, وبدأت في تخفيض نسبة الانسولين, ومع ذلك كان معدل السكر ينخفض, وبدأت في الاكل الطبيعي من رز ولحم وفواكه ورطب, واحسست بالتحسن الفعلي, وفهمت ان الدواء يحيي جينات البنكرياس, وقد اصبت في البداية باسهال ومغص, وعرفت بعد استشارة الطبيب الموزع ان ذلك يحدث, بسبب نبتة هندية تعمل على تنشيط البنكرياس, وانها لاتسبب الاسهال لكل المرضى, وقد اوقفت الانسولين بشكل نهائي, وبدأت في تخفيض عدد الحبوب التي اتناولها. كما تحدث يعقوب الحنيف, وهو مدرب اداري, قال: عمري 54 سنة, بدأ معي السكر منذ 30 سنة, وكنت استعمل الحبوب في البداية, ثم حقن الانسولين, وكان معدل السكر لدي يصل الى 570. وقالو لي ان البنكرياس لايعمل, وانا استعمل الدواء الجديد منذ 4 اسابيع, وبدأت اشعر فعلا بتحسن في مستوى السكر, واحيانا يهبط, ولكن اعتقد ان استمراري في ذلك سيكون مفيدا. رأي المتخصصين وبعد ان استمعنا لاثنين ممن جربوا الدواء قررت ان أغير الاتجاه, واتحدث مع احد الاستشاريين السعوديين, فكان الحديث مع الدكتور يوسف الصالح استشاري امراض الغدد والسكري بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض. الذي قال العالم يسمع بين الحين والآخر عن ادوية تقضي على امراض خطيرة وكثيرة وشائعة, وكأنه عصا سحرية, وليس دواء عاديا واعجب كيف يصدق الناس مثل هذه الامور بهذه البساطة فاكتشاف علاج لمئات الملايين من مرضى السكري لاشك انه سيهز العالم وسيقلب الموازين ويعيد الحسابات وسينال جائزة نوبل للطب لكن الحقيقة ان هذا الدواء وكما يسميه صاحبه كذلك غير موجود في اي مراكز للبحث ولا يعرف عنه احد في امريكا واوروبا وكل العالم, وحتى ان مواقع البحث العلمي ليس موجودا فيها فكيف نقبل بهذه المفارقة العجيبة. بل حتى المجلات والنشرات العلمية والطبية لم تشعر بهذا المنتج لامن قريب او بعيد ثم ان مايقوله صاحبه حول قدرته على التخلص من مضاعفات كثيرة كالفشل الكلوي وجلطات القلب وضبط السكر في الدم والبول ويعالج الضعف الجنسي ان مايقوله صاحب الاكتشاف ماهو الا كذبة كبيرة ولو كان كلامه صحيحا لحصل على ترخيص FDI المعترف به دوليا ولكنه بدلا من حصوله على ترخيص تسويقه كدواء حصل على ترخيص لتسويقه على انه اضافة غذائية وترخيص من هذا النوع لا يحتاج الى مراحل مثل المراحل التي يمر بها اي دواء تحتاج الى مالا يقل عن 10 سنوات من الابحاث والتجارب قبل مروره على لجنة محايدة لتقرر ان كان هذا الدواء مفيدا وبدون اضرار وهذا بالتأكيد لم يحدث مع صاحب الاختراع ولهذا احذر بجدية من اندفاع المواطنين للحصول على هذا الدواء فلربما تكون له نتائج خطيرة من بينها الهبوط المفاجئ للسكر الذي قد يؤدي الى غيبوبة ثم موت. غير مرخص كدواء واضاف الدكتور يوسف الصالح انه بحث في كل المراجع الطبية في امريكاوكندا ليرى اي بحث علمي محترم عن هذا الدواء, ولم يجد بل انه لا توجد اية جهة علمية في كندا بلد الشركة المنتجة يدعي بان هذا الدواء هو علاج للسكري فهو يباع في كندا على اساس انه اضافة غذائية FOOD SUPPLEMENTS وهذه المركبات يمكن تسويقها دون الحاجة الى اذن او تصريح من هيئة الاغذية والدواء الامريكية كأي دواء رسمي فهي تعتبر كمقويات تضاف للغذاء ليس لها تأثير هام او سام على الجسم ولا يمكن لاي شركة تسويقه على انه دواء وان فعلت قوضيت الشركة قانونيا وألزمت بتعويض من اشترى من اية مضاعفات ممكنة. وقد سألت الدكتور يوسف الصالح عن تجارب بعض المواطنين التي اشرت اليها في هذا التحقيق خاصة وانهم استفادوا فعلا بل وتخلص احدهم من حقن الانسولين فقال لقد حذرت في البداية وهأنذا احذر مرة اخرى ان على المواطنين الا تغرهم النتائج الوقتية فهذا الدواء لم يمر بمراحل الاختبار التي اشرت اليها واي نتائج ايجابية في بداية العلاج قد تكون لها انعكاسات كبيرة في الفترة اللاحقة، سواء في تأثير مباشر على معدل السكر حيث قد يهبط او يصعد لدرجات غير محتملة وفي اي وقت مما يسبب خطورة لاحدود لها او ربما تأثيرات مستقبلية على القلب والنظر والكلى وغيرها وعلى كل مواطن ان ينتظر حتى تتضح الصورة وحتى يتمكن صاحب المنتج من اثبات انه فعال وبلا مضاعفات آنية او مستقبلية واوضح لكل مواطن ان مثل هذه الامراض ليست بهذه البساطة التي نعتقد ان حلها بهذه السهولة واذكرهم ان الطبيب المذكور يقول انه استثمر مايقارب 150 مليونا للابحاث بينما الابحاث الخاصة بمثل هذه الادوية تحتاج الى استثمارات اكبر بكثير من هذا الرقم ولهذا عندما يتم التصديق على اي دواء تمنح الشركة صاحبة الاختراع مدة 10 سنوات حماية لا يسمح بانتاج اي علاج مشابه اما بخصوص ان معدل السكر ينخفض وان هناك من بدأ ترك الانسولين فان ذلك ان حدث فهو بلا شك مصيبة والحديث عنه خطير لان لدينا عددا كبيرا من المواطنين لايدركون خطورة ذلك وتأثيراته الجانبية فالمسألة حياة او موت وليست بهذه البساطة ولهذا اطالب وزارة الصحة لدينا بالتحرك الفعلي والعاجل للتدخل وتوعيةالناس بخطورة مثل هذا الاندفاع حتى لو كان تحت ضغط معاناتهم المالية ومشاكلهم الصحية بسبب مرض السكري. واضاف الدكتور يوسف الصالح اننا نعاني من ان الحبل على الغارب، فمن بصمة الابهام الكاذبة لمعرفة الاغذية المؤدية للسمنة، التي تكسب منها بعض المختبرات الملايين على حساب المصابين بالسمنة الى العشبة الهندية او الصينية، وصلنا لهذا الدواء العجيب، الذي لا يتعدى كونه كذبة كبرى، يتعلق بها مريض السكري كما يتعلق الغريق بقشة فما بالك اذا كان هناك اكثر من 200 مليون مريض بالسكري، ونحن نقر ونعترف بحديث رسولنا الكريم حول ان لكل داء دواء باذن الله، لكن حتى اللحظة لا يمكن لنا الجزم بأن هناك علاجا لمرض السكري، ولا بأس ان دللت على ان هناك دولا ومراكز ابحاث ترصد آلاف الملايين للبحث عن علاجا لمرض السكري، وبالطبع لن يكون هذا الدواء هو هذه الكذبة الكبيرة على الناس البسطاء. كلام معقول لقد اعطيت الفرصة للجميع سواء الدكتور الذي اكتشف الدواء، واكد على نجاحه وبعض من جربه، وقال رأيه وكذلك الاكاديميون من خلال احد الاستشاريين الذين نعتز بهم ونقدر مكانتهم، واذا كنت اردت ان اصل بالناس المتعطشين لأي خبر عن علاج جديد للسكري فانني اردت ان اكون محايدا في هذا التحقيق ولو انني اميل الى ما قاله الدكتور يوسف الصالح من خطورة الاندفاع نحو هذا الدواء، وألخص وجهة نظره كاستشاري يهمه ان يكون امينا على مرضاه صادقا مع مواطنيه لا يزعجه ان يكون هناك علاج لمرضاه، ولكنه يوضح مقالة هامة تفيد الناس وتضعهم في دائرة المعرفة لا الجهل بالشيء، وهذا ايجاز لما قاله الدكتور يوسف الصالح استشاري امراض الغدد والسكري بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض: هذا المنتج لم يحصل على اي ترخيص لتوزيعه كدواء. لوسوقته الشركة على انه دواء للسكري تتم مقاضاة الشركة. المنتج هو اضافة غذائية وليس دواء وهذا هو ترخيصه. ترك الانسولين مخاطرة اشبه بالانتحار في شكلها الطبيعي لا الشرعي. هناك آثار تكون خطرة لاتتضح على المدى القصير. اي نتائج لمعدلات السكر قد تكون نتيجة لظروف اخرى كالغذاء نوعا وكما وليس السبب الدواء. الهيئات والدول ومراكز الابحاث ترصد ميزانيات ضخمة للبحث عن علاج للسكري وليس مثل المبلغ الذي يتحدث عنه مكتشف الدواء. لم يمر هذا المنتج على مراحل اعتماده كدواء ولم تشرف عليه اي جهة محايدة. طالب اللجنة الوطنية للسكري بالتصدي لهذه الكذبة (حسب كلامه). زراعة البنكرياس وحتى نصل الى نقطة الحقيقة الكاملة لما يدور حول هذا المرض وعلاجه ومن خلال بحثي عما هو جديد لعلاجه وقد قرأت عن زارعة البنكرياس حيث جاء في الخبر ان فريق عمل طبيا يعمل في بحوث مرض السكر بمستشفى (لاببروني) الفرنسية استطاع ان يصل الى امكانية زراعة بنكرياس صناعي يقوم بنفس عمل البنكرياس الطبيعي، حيث تمت بالفعل زراعة اول بنكرياس لديهم في اكتوبر الماضي، والبنكرياس الصناعي عبارة عن انبوبة من الانسولين توضع تحت جلد البطن على نفس مستوى البنكرياس، ويبلغ طول الانبوبة 12 سم وبسمك 2سم، وتحتوي على خزان ليتم ملؤه بالانسولين المركز كل 3 اشهر، عن طريق الحقن العادي، ويضمن توزيع الانسولين في الجسم، واكد الباحثون ان نجاح العملية يعد نجاحا مذهلا بعد نجاح عمليات زراعة القلب والكلى، خاصة ان اعداد المصابين بهذا المرض يتزايد كل عام. واذا كنت قد طرحت هذا التحقيق بشيء من الحيادية اود فقط ان اختمه بحكمة معروفة هي: (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة) وادعو الله ان يشفي كل مريض بالسكري او بغيره. معاناة مرضى السكري تدفعهم للتعلق بأي داء جديد وفي الاطار د. يوسف الصالح اجزاء البنكرياس