من سنن الله الكونية الملموسة، تعاقب الليل والنهار وسرعة مرور الليالي والأيام وبذلك ينتهى عمر الإنسان وتنتهي الحياة. شهر يعقبه شهر، وعام يخلفه عام ( يقلب الله الليل والنهار ان في ذلك لذكرى لأولى الأبصار) الليالي تتوالى والأيام حبالى يلدن كل جديد، وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي مناد ويقول يا ابن آدام أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا ذهبت لا أعود، نعم ان الدقائق والساعات والليالي والأيام والشهور والأعوام إذا ذهبت لا تعود حتى يدخل الجمل في سم الخياط، ومع ذلك فإن أكثر الناس يعيشون حالة ذهول عن أعمارهم وغفلة عن آخرتهم ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) ==1== تمر بنا الأيام تترى وإنما==0== ==0==نساق إلى الأجال والعين تنظر فلا عائد ذاك الشباب مضى==0== ==0==ولا زائل هذا المشيب المكدر==2== تلكم هي سنة الحياة والسعيد فيها من اتعظ بمجرياتها وأحداثها واستغل أيام عمره واستغل مواسم الخيرات وأن مما يعيشه كثير من الناس في خضم الغفلة العامة غفلتهم الخاصة عن بعض المواسم والمناسبات منها الغفلة عن شهر شعبان الذي نعيشه هذه الأيام وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغفلة لكي ينتبه الناس. روى أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان قال ( ذلك شهر تغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) حسنه الألباني. وروى البخاري ومسلم وغيرها عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان). أن لهذا الشهر مزايا كثيرة منها:- أولاً: أنه يسبق شهر رمضان مباشرة وهذا يعني لزوم التنبه من الغفلة والاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك. ثانياً: أن هذا الشهر ترفع فيه الأعمال إلى الله وهذه فرصة عظيمة لأن نتوب من أعمالنا السالفة وما اجترحناه من السيئات فترفع توبتنا إليه سبحانه عله يتقبل منا. ثالثاً: أنه شهر تغفر فيه الذنوب فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يطلع الله على جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا المشرك أو المشاحن) رواه الطبراني وابن حبان وصححه الألباني. وفي هذا الحديث نداء لمن امتلأت قلوبهم بالبغضاء أن يطهروا نفوسهم منها حتى يغفر الله لهم. وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله على خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه) أخرجه الطبراني والبيهقي وحسنه الألباني. سامي المبارك