الليلة هي ليلة النصف من شعبان و شهر شعبان شهر يغفل عنه الناس و لدى البعض تصورات أو اعتقادات عن هذا الشهر و عن ليلة النصف منه بالذات فما هو الصحيح مما يقال أو يعتقد فيه؟ و الجواب على ذلك قول الله جل وعلا (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و إلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا ) و قوله تعالى ( واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). كما أن ما تعارف عليه الناس و هو خطأ أو مخالف للشرع فلا يسوغ الاستمرار فيه و لابد من الرجوع إلى الشرع و النصوص و إن خالف هوانا أو معتقدنا المبني على خطأ حول شهر شعبان و ليلة النصف فيه التقينا بالشيخ يوسف عبدالرحمن العفالق قاضي محكمة الاستئناف بالمنطقة الشرقية حيث قال: شهر شعبان هو شهر التهيؤ و الاستعداد لاستقبال شهر رمضان و استعدادات الناس لاستقبال هذا الشهر العظيم استعدادات مختلفة و متابينة و الكثير منهم يركز على الجوانب المادية كتوفير أنواع الأطعمة و الأشربة و غيرها لكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين له الاستعداد الحقيقي لهذا الشهر العظيم فعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم و ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان و ما رأيته في شهر أكثر صياما فيه من شعبان) رواه البخاري ومسلم. كبشن (بعض الناس قد يتعبد الله بغير ما شرع ويدعي حسن النية والرغبة في الخير) رفع الأعمال وروى أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال (قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان قال ذلك شهر تغفل الناس عنه بين رجب و شعبان و هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين و أحب أن يرفع عملي و أنا صائم) أخرجه النسائي وحسنه الألباني. وأضاف الشيخ العفالق قائلا: بشرى للمؤمنين وتحذير للمتخاصمين و أنه ما ورد في ليلة النصف من شعبان قوله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله على خلقه فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه) أخرجه الطبراني والبيهقي وحسنه. وهذا الحديث يدعو كل من كان في قلبه شيء على إخوانه أن يسامحهم و يطهر قلبه من الحقد والحسد والضغائن تلك هي الاستعدادات النبوية لاستقبال شهر الخير شهر رمضان فيستعد المرء ويهيئ نفسه لفعل الخيرات وترك المنكرات وقراءة القرآن والصوم في وتصفيه النفوس من الحقد والخصومه. ولا مانع من الاستعدادات المادية لكن لا تكن هي أكبر هم المسلم. من جهته تحدث الشيخ عقيل العقيل رئيس المحكمة العامة بالخبر عن بعض الاعتقادات الخاطئة التي يرتكبها الناس في شهر شعبان و بالذات في ليلة النصف منه حيث قال : نعلم أن الله سبحانه و تعالى جعل لبعض الأزمنة و الأمكنة خصوصية و فضل بعضها عن بعض و لكن هذه الخصوصية و الأفضلية تكون بموجب نصوص شرعية والمشكلة لدى بعض الناس أنهم يحدثون في الدين ما ليس منه و ربما نعبد الله بما أحدثوا وهذه مصيبة عظيمة إذ لا يعبد الله إلا بما شرع. حسن النية و الاعتماد على أحاديث ضعيفة و موضوعة . و أضاف قائلا : قال بعض الناس قد يتعبد الله بغير ما شرع و يدعي حسن النية و الرغبة في الخير فهنا يقال أن حسن النية والرغبة في الخير لا تكفي فلابد من الاتباع وفق ما جاء في الشرع كما أن البعض يعتمد على أحاديث ضعيفة لم يثبت صحتها فضلا عن آخرين يعتمدون على أحاديث موضوعة ومن هذه الأمور إحياء ليلة النصف من شعبان بالذكر والعبادة والصلاة وغيرها و الصحيح أنه لم يرد شيء من التخصيص في هذه الليلة بالذات وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في كثرة الآجال فيها فلا تلتفتوا إليه» وأضاف قائلا: وكتابة الآجال والأرزاق إنما هي في ليلة القدر في شهر رمضان المبارك كما قال سبحانه (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم). إياكم ومحدثات الأمور في الختام حذر الشيخ العقيل من البدع في الدين و قال إنما أهلك الناس من قبل البدع في الدين وخطر ذلك على المرء في دينه و آخرته . وتحدث الشيخ خالد الرشود رئيس المحكمة الجزئية بالخبر عن الغفلة سواء في شهر شعبان أو غيره من الشهور وسائر الأيام والاعوام حيث قال: مما يؤسف له ان الكثير الا من رحم الله يعيش في غفلة و اعراض وذهول وقد حذر جل وعلا (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم.. الاية) ويقول سبحانه (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون). وأضاف يقول الشيخ ابن سعدي عن الاية الأولى: «هذا تعجب من حال الناس وانهم لا ينفع فيهم تذكير ولا يرعون إلى نذير وامنهم قد قرب حسابهم ومجازاتهم على اعمالهم والحال انهم في غفلة معرضون أي في غفلة مما خلقوا له واعراض عما زجروا به كأنهم للدنيا خلقوا وللتمتع بها ولدوا». وأختتم حديثا قائلا: فينبغي للمسلم ان يتنبه من غفلته قبل فوات الاوان وعليه ان يغتنم مواسم الطاعات لاسيما شهر رمضان فإذا لم يصلح حال المرء في رمضان فمتى إذا؟