موجة نزوح جديدة في غزة.. إسرائيل تهجر سكان «الشجاعية»    فارس الجنوب يطيح بالخلود    حلبة كورنيش جدة تستضيف برنامج فتيات    بعد أداء مميز في قطر والقصيم.. معاذ حريري يتأهب للمشاركة في رالي دبي    نائب وزير الخارجية يجتمع بأعضاء اللجنة السياسية والأمنية بالاتحاد الأوربي    شتوية عبور" تجمع 300 طفل بأجواء ترفيهية وتعليمية بمناسبة اليوم العالمي للطفل    تعليم الطائف يطلق برنامج ممارس الإدارة المدرسية للمكاتب الخارجية    تجربة استثنائية لزوار "بنان"    أمير الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    شركة سناب تعزز حضورها في السعودية بافتتاح مكتب جديد وإطلاق «مجلس سناب لصناع المحتوى»    وكالة الفضاء السعودية تدشن "مركز مستقبل الفضاء"    انطلاق معسكر "إخاء الشتوي" تحت شعار "فنجال وعلوم رجال" في منطقة حائل    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    الأمير سعود بن نايف يفتتح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»    لأول مرة.. لجنة للفروسية في اتحاد الغرف    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُقيم فعالية "اليوم العالمي للإلتهاب الرئوي"    برنامج الغذاء العالمي: وصول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم للنازحين في دارفور    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    موعد مباراة الهلال ضد السد في دوري أبطال آسيا    أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    هل تؤثر ملاحقة نتنياهو على الحرب في غزة ولبنان؟    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    في أقوى صراع الحريق يشعل منافسات براعم التايكوندو    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    القِبلة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ختام مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين
نشر في اليوم يوم 07 - 10 - 2003

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله يقام مساء اليوم الثلاثاء الحفل الختامي لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية في دورتها الخامسة والعشرين لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، التي تنظمها وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد حاليا بقاعة التضامن الاسلامي بفندق انتركونتيننتال في مكة المكرمة.
وفي صباح اليوم نفسه، يفتتح معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بمشيئة الله تعالى ندوة: (أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو)، بمشاركة عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ المختصين.
وصرح معالي الوزير صالح آل الشيخ بهذه المناسبة بأن المسابقة بدورتها الحالية قد انقضى من عمرها ربع قرن من الزمان نتجت من خلالها معان جليلة من أهمها شدة التنافس والاقبال الكبير على كتاب الله الكريم بين أبناء المسلمين في شتى الأقطار، كما ساعدت على التآخي بين تلك الفئات وجمعتهم على صعيد واحد، وظهر لهم في واقع حي ومشاهد عظمة هذا الدين القويم الذي جمع الناس، وألف بينهم على الرغم من اختلاف اللون والجنس واللغة والأرض، مؤكدا معاليه ان المسابقة شهدت وستشهد إن شاء الله تعالى المزيد من التطوير والتجديد في برامجها وأعمالها، لتحقق غاياتها السامية.
وقال معاليه: ان القرآن الكريم أفضل الذكر لأنه مشتمل على جميع الذكر من تهليل وتحميد وتسبيح وتمجيد وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والأمر بالتفكر في آياته، فقد جاءت النصوص في فضل القرآن الكريم متواترة في الكتاب والسنة، قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) الحديث، مشيرا معاليه إلى أن الله تعالى قد أنزل القرآن الكريم كما أخبر في كتابه العزيز لغايتين لقوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب).
وأضاف معاليه: ان حكومة خادم الحرمين الشريفين ابتداء من مؤسسها تغمده الله برحمته ومن بعده أبناؤه البررة جعلوا خدمة القرآن الكريم أسمى الغايات وأنبل الأهداف، وبذلوا لتحقيق تلك الغايات شتى الوسائل والسبل من مدارس ومعاهد وكليات للعناية بالقرآن الكريم وعلومه، إضافة إلى أن مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة الذي أمر بإنشائه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بأرقى الوسائل لطباعة القرآن الكريم، ونشره وتوزيعه بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، وحفز الهمم عليه بالحفظ والعناية والتدبر.
وبين معالي الشيخ صالح آل الشيخ ان كتاب الله تعالى صان الكليات الخمس الضرورية للحياة الانسانية: الدين، والنفس، والعرض، والمال، والعقل، ورتب عليها العقوبات المنصوصة التي تعرف في الفقه الاسلامي بالجنايات والحدود، وان القرآن دستور تشريعي كامل، يقيم الحياة الانسانية على أفضل صورة وأرقى مثال، وسيظل إعجازه التشريعي قرينا لإعجازه العلمي، وإعجازه اللغوي إلى الأبد، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه أحدث في العالم أثراعظيما غير وجه التاريخ، وقد اختص الله تعالى هذا القرآن العظيم من بين سائر الكتب المنزلة، بأنه تولى حفظه، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، حفظه الله تعالى من أن يزاد فيه باطل، أو ينقص منه حق، قال تعالى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، فلا يلحقه تحريف ولا تبديل، تم صدقا وعدلا، كماقال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم).
وأوضح معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ انه معلوم أن العمل بالقرآن الكريم، واتباع هديه متوقفان على تدبر آياته، وفهم معانيه، ولهذا جاء الأمر بتدبر القرآن الكريم، والحث على فهم معانيه، قال تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته)، وقال تعالى: (أفلايتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، ولهذا أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس مانزل اليهم من الوحي، كما قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون)، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمر ببيانه أتم البيان، وتلقى الصحابة هذا البيان والتفسير بمفهوم ثاقب، وعقول واعية، وهم أرباب البلاغة والفصاحة، فكانوا لا يتجاوزون عشر آيات من كتاب الله تعالى إلى غيرها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل: وعلى منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم في التعليم، سار الصحابة رضي الله عنهم في تعليم تلاميذهم من التابعين، ثم تلقى تابعو التابعين هذا العلم العظيم، فكانت هذه الأجيال الثلاثة أعلم الناس بتلاوة القرآن، وأفقههم لمرادات التنزيل، وأعقلهم لمقاصد التأويل.
وأكد معاليه ان الأمة الاسلامية في عصرنا الحاضر لن يعود إليها عزها ومجدها إلا بالعودة الصادقة إلى كتاب الله تعالى، وفهمه ، والعمل به، وتحكيمه في جميع شؤون الحياة، وأقرب الطرق الى ذلك، هو تربية ناشئة الأمة على مائدة القرآن الكريم، وتشجيعهم على الاقبال عليه، وحفظه وتجويده وفهمه، وتدبر معانيه، والتخلق بأخلاقه، والعمل بأحكامه، وقد أثبتت التجربة العملية أن من أنفع وسائل التشجيع على ذلك اقامة المسابقات في حفظ القرآن الكريم، وتكريم الحفظة، ومنحهم الجوائز ، ويأتي في مقدمة المسابقات القرآنية: مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، التي تقام في مكة المكرمة، بجوار بيت الله العتيق، مما أكسبها تميزا فريدا، أضفى عليها رونقا وبهاء، حيث يحظى المتسابقون فيها، ومن يرافقهم بأداء مناسك العمرة، وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه.
وحث معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ القائمين على الجمعيات والمؤسسات والهيئات المعنية بتعليم كتاب الله وحفظته توخي الحذر من الحملات المغرضة التي يشنها أعداء الاسلام، وقال: ان الواجب علينا أن نعي أولا ضخامة ما يراد للإسلام ولحملته خاصة حملة القرآن، وجمعيات تحفيظ القرآن من اضمحلال لها، فإذا وعينا ذلك عظمت المسؤولية على الجميع في أن نكون أولا محافظين على ماتحقق من انجازات، وثانيا: أن نكون على مستوى المسؤولية لسد كل الثغرات التي قد يدخل منها الأعداء.
وأضاف معاليه قائلا: إن هذه البلاد المباركة تأسست على القرآن والسنة، وارتفعت فيها راية الكتاب والسنة، وانتشرت فيها مدارس تحفيظ القرآن الكريم منذ عقود من الزمن بدعم من ولاة الأمر فيها, لأن حمل القرآن واشاعته أساس في تنشئة جيل يحمل مبادىء هذه الدولة حرسها الله وهذا يعظم علينا المسؤولية في معرفة الفضل لأهله، وفي ادراك ما علينا من واجبات تجاه حماية هذه الجمعيات التي لا شك أن الطموح لها أكبر من واقعها.
وشكر معاليه المولى جل وعلا كثيرا على نعمه وآلائه، وقال: إن كل النعم من الله جل جلاله ابتداء وانتهاء، قال المولى عز وجل: (وما بكم من نعمة فمن الله)، ومن حفظ القرآن فالنعمة من الله عليه لم يعمل شيئا لربه من جهة حفظه، وإنماعمل لنفسه لما حفظ مخلصا لله جل وعلا والفضل لله تعالى أولا وآخرا في كل متقلب نتقلبه، فالتيسير لحفظ القرآن أو لإقامة الجمعيات، أو لإنشاء المعاهد أو لإعداد الدورات أو البرامج كل ذلك من الله سبحانه وتعالى ابتداء وانتهاء فله الحمد سبحانه وتعالى كثيرا كما أعطى كثيرا، وله جل وعلا الثناء الأعظم الأجل كفاء ما جعلنا في نعمه المتواترة، وآلائه المتتابعة.
وختم معاليه تصريحه سائلا الله جل وعلا أن يوفق الجميع لما فيه رضاه، وأن يجزي ولاة الأمور عنا خير الجزاء، وأن يجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى وأن يجزيهم خيرا، ويثيبهم برا واستدامة لما نحن فيه على ما بذلوه في هذا الدين، ودعموا هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية.
وعن ندوة بعنوان: (أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو) قال معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد: ان عقد هذه الندوة يأتي ضمن البرنامج الوطني الشامل لرد الغلو وآثاره، وانعكاسا مباشرا لرسالة الوزارة الشرعية لزيادة الوعي الديني لدى المسلم والمسلمين وفق منهج اسلامي معتدل بعيد عن طرفي الغلو والجفا والافراط والتفريط.
وبين معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ ان الوسطية والاعتدال سمتان من سمات الشريعة الاسلامية تؤكدهما نصوص الكتاب والسنة، ويرشد إليهما العقل الصحيح، وقال: إن الشرع الصحيح بنصوصه وقواعده واجتهادات العلماء فيه يدعو الى الوسطية والاعتدال وينهى عن الغلو والمبالغة، قال الله سبحانه وتعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
واكد معاليه ان الغلو في الدين من اشد المحرمات لانه يبعث على ارتكاب كثير من المحرمات ووسيلة لاثارة محرمات كثيرة، كما انه من اسباب الافتراق الرخيم وضرب الامة بعضها رقاب بعض، موضحا ان من اسباب ظهور الغلو في الدين عدم فهم القرآن على طريقة الصحابة رضوان الله عليهم وعدم تدبره بالأسلوب الصحيح، وكذلك وجود المتشابه في الكتاب والسنة، وترك الرجوع للراسخين في العلم، وظهور اوضاع واحوال لاترضي من ذهب إلى الغلو.
واشار معاليه في هذا السياق الى ان من مظاهر الغلو وصوره المبالغة في حب بعض بني آدم وتعظيمهم، وكذلك الغلو في مسائل التكفير، وجعل المجتمعات الاسلامية جاهلية على عمومها، وهذا غلط وباطل، وقال: لابد ان ننظر الى اسباب ظهور الغلاة حتى لا نقع فيما وقعوا فيه لان كلا منا يريد الخير ويريد التقرب الى الله، مؤكدا انه ينبغي لكل من عرف من عنده مظهر من مظاهر الغلو ان يسعى في مناصحته، او ان يدل اهل العلم عليه حتى يحاوروه ويردوه الى الحق، ويناصحوه ويقيموا عليه الحجة ويبينوا له المحجة.
واضاف قائلا: ان الواجب علينا اليوم عظيم جدا، وان حماية الاسلام ورعايته تتطلب منا دائما النصح والمراجعة، ونقد النفس بين حين وآخر، حتى يكون العمل صالحا خالصا صوابا، كما يتطلب منا الوقوف بحزم مع متطلبات منهج السلف الصالح الذي يأمر بالوسطية والاعتدال، لأنها موجودة في سلوك الصحابة وائمة الاسلام، وان حياة الناس لا تستقيم الا بهذه الوسطية.
واضاف معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ ان من سمة الوسطية والاعتدال في الاسلام انهما يبرآن من الهوى، ويعتمدان على العلم الراسخ، والعلم اما ان تكون نصا من كتاب الله العزيز، او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم او ان يكون قولا لصحابي فيما لم يرد فيه النص، او يكون من اجتهادات اهل العلم الراسخين في ذلك، كما ان الوسطية تراعي القدرات والامكانات، والزمن، فالمحافظة على المنهج الوسط هذا يقتضي ان يكون هناك مراعاة لاختلاف الازمنة والامكنة والناس، ولهذا نص اهل العلم على ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان، والمكان، والوقائع، والأحوال، والناس.
واوضح معاليه ان الله سبحانه وتعالى أمر بالوسطية والاعتدال، لأن الله جل وعلا امر بها وامر بها رسوله صلى الله عليه وسلم فهي مأمور بها ويجب على الناس ان يمتثلوا المأمور، وان يجتنبوا ما لم يؤمروا به في المناهج والافكار كما في الاقوال والافعال والاعتقادات.
وفي الصدد نفسه، قال معاليه: ان الوسطية لا تعني الانغلاق والانزواء على الذت، بل تعني المحافظة على الدين، والانفتاح العاقل على العالم، فالوسطية في مفهومها العام، تعني وسطية العقيدة والشريعة، وهذا يعني وسطية التعامل في جميع شؤون الحياة، أما الغلو في التعبد فجاء النهي عنه في السنة، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أنما اهلك من كان قبلنا الغلو، وفي القرآن الكريم، قال الله جل وعلا: (يا أهل الكتاب لاتغلو في دينكم ولاتقولوا على الله الا الحق)، فالغلو يكون في جانب منه زيادة في التعبد، ويقابله الجفاء وهو التفريط في اداء واجبات الدين، فأتى الاسلام بالوسطية في التعبد والتعامل مع الناس من منطلق الاحترام، ونشر الدعوة من منطلق قوله تعالى: (وقولوا للناس حسنا)، ومن منطلق نشر الحق بأصوله، التوحيد والعقيدة الصحيحة، لأن الوسطية والاعتدال هما المنهج الذي ارتضاه الله لهذه الامة، ووصفها به، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي (عدلا خيارا) عدلا، في احكامها على نفسها، وفي احكامها على غيرها، و(خيارا) الخيرية كما وصفها الله بها في قوله تعالى: (كنتم خير امة اخرجت للناس).
واوضح معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ انه يجب ايضا على المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب وكره وان لا ينازع الامر اهله كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، فأمر الامامة والولاية خطير، وشأنه عظيم لكن معه في منهج الوسطية النصح والبيان والتعاون مع ولاة الامر على البر والتقوى، وكذلك فان منهج الوسطية والاعتدال عدل ووسط في الفقه والاحكام، والمصلحة، والشريعة الاسلامية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، فرعاية المقاصد والمصالح مطلب شرعي ضروري لتأصيل منهج الوسطية والاعتدال في الأمور.
وجدد معالي الشيخ صالح ال الشيخ التأكيد على اهمية الوسطية والاعتدال في الحكم على الاشياء، لأن الأشياء تتجدد والقضايا تتنوع، ولابد حينئذ من ان يكون هناك منهج واضح معتدل في الحكم على الاشياء، والاوضاع، والاشخاص، والأفكار، والنوايا والمقاصد، والمجتمعات، والدول، والعلماء، والدعاة، والناس، وهذا المنهج الوسط يجب ان يؤصل في اطروحات، وفي رسائل حتى لايكون الناس وطلبة العلم الذين يرومون الاصلاح، ويرومون الدعوة، ويرومون الارشاد في غيبة عن المنهج المعتدل في ذلك، والله جل وعلا يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، وقوله: (وأن تقولوا على الله مالا تعلمون)، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القول بلا علم، وان من يفتي بغير علم فانما يتقحم النار.
وقال معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد: ان الوسطية في الدعوة مطلوبة، لأن الدعوة تحتاج منا الى تنظيم والى ترتيب، والى تعاون على البر والتقوى، ولا تصلح فيها الفوضوية، بل يجب ان يتعاون فيها اهل الحق، وأهل الخير، فانه لايجوز ان نكون فيها مغالين، فنذهب في الدعوة الى تنظيمات بدعية، أو سرية، أو الى حزبية مقيتة، أو الموالاة والمعاداة على رموز دعوة متوهمة فوضوية، نريد دعوة يتعاون اهلها على البر والتقوى، وفق منهج أهل السنة والجماعة، ووفق التطاوع، فالطاعة لا تجوز في بلد الاسلام الا لولي الامر فيما ليس فيه معصية، وان تكون وفق طاعة الله جل وعلا وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وحذر معاليه من الاطارات الاخرى كالتنظيمات السرية، أو الحزبيات المبتدعة، فان هذا مخالف للمنهج الوسطي ولطريقة اهل السنة والجماعة، مؤكدا معاليه على حاجتنا الى وسطية في الدعوة في مسألة حل مشكلات الامة، وان نعمل جهدنا وفق المنهج الشرعي، في ان نعمل متكاتفين، ومتعاونين، وان نبذل في الدعوة والخير والاصلاح والمناصحة وفق المتاح، ووفق الشرع المطهر، ووفق المأذون به، كذلك نكون وسطا في النوازل التي تقع في الامة بين تأزيم النوازل وبين الاسهام في حلها، فالأمة الاسلامية بعامة مستهدفة، وكذلك هذه البلاد المباركة بخاصة.
وفي السياق نفسه شدد معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ على انه يجب أولا على مستوى هذا البلد المبارك الذي هو معقل الاسلام، ومأرز الايمان، والمكان الذي انطلقت منه الرسالة الخالدة، ثم انطلقت منه دعوة التصحيح والتجديد، والذي تنطلق منه اليوم بشائر الخير بما ترعاه الدولة، وترعاه مؤسسات هذا البلد من وزارات، وهيئات، وجامعات، ومؤسسات خيرية، وما يرعاه العلماء والدعاة، ويرعاه الناصحون، يجب ان يتكاتف الجميع في رد الازمات، وعلاجها، الواجب علينا ان نكون مؤثرين بالمنهج الوسط، وان نعمل في التأثير وفق المتاح، وان لانكون متفاعلين مع الامور بطريق الخطأ كأن نكون مغالين في الامور، فالمطلوب المحافظة على توحيد الله جل وعلا ، وعلى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم على وحدة كلمة الامة، واجتماع الصف مضيفا معاليه انه من الواجب حينئذ في المسائل والنوازل ان نسعى في عدم تأزيم النوازل، بل نسعى إلى حلها، فالنوازل اذا وقعت تحل بالشرع، تحل بالعقل والحكمة والاناة.
وشدد معاليه على ان الظروف الراهنة صعبة، يتطلب من الجميع الشعور بالمسؤولية، والوقوف بحزم مع ما تقتضيه، حاملين للامانة والمنهج الصحيح وعقيدة ائمة السنة والجماعة بحق، وان نكون خير مؤتمن على ذلك مبينا ان الاحداث التي وقعت في البلاد مؤخرا راح ضحيتها ابرياء من المسلمين وغير المسلمين، فجع بها كل مخلص لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم.
ولفت معاليه في هذا السياق النظر الى ان تلك الاحداث كانت بسبب الافكار والاقوال والآراء المنحرفة التي يجب ان تصد، ويجب ان يبين لاهلها، او لمن تأثر بها، هدي الكتاب والسنة، وهدي السلف الصالح وقواعد الشريعة، لأن الشريعة جاءت بتأصيل خمس قواعد: الحفاظ على النفس، والدين، والعقل، والمال، والعرض، هذه كلها مستقاة من ادلة الشرع، وهذا ما يجب على العلماء، وطلبة العلم، والائمة والخطباء والدعاة ان يقوموا بالواجب في هذا الامر الا انه اذا انتشر فان ضرره عظيم على الجميع، لايفرق بين احد واحد.
وفي ختام تصريحه، سأل معاليه الله تعالى ان يجنب هذه البلاد كل مكروه، وان يحفظ عليها دينها، وعقيدتها، وأمنها، وامانها، وان يوفق ولاة امورها لكل خير، وان يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى. وان لايجعلنا من المتعاونين على الاثم والعدوان، كما سأل الله للجميع التوفيق والسداد وان يجعلنا واياهم دائما مباركين معانين على الحق، وان يرينا الحق حقا، ويمن علينا باتباعه، وان يرينا الباطل باطلا، ويمن علينا باجتنابه وان يلهمنا كلمة الرشد والسداد، وكلمة الحق في الغضب والرضى، وفي جميع احوالنا.
الدول المشاركة في احدى مسابقات القرآن الكريم الدولية وفى الاطار الشيخ صالح ال الشيخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.