بين يدي الآن قضية لمريضة أتت الى العيادة تستفسر عن ذلك العلاج والتشخيص الذي قامت به مؤخرا في احدى العيادات الخاصة والمشهورة بالبذخ بدءا بنوعية الديكورات وانتهاء بالاسعار القاصمة للظهر. القضية في حد ذاتها مرعبة وتكشف مدى الانحدار الذي بدأنا نلمسه ونحسه في تعاملنا نحن اطباء الوزارة والقطاعات الاخرى من الدولة مع تلك العيادات والمستشفيات الخاصة التي اخذت تنحو منحى تجاريا بحتا في تعاملها مع المريض الذي لم يلجأ لمثل هؤلاء الا مرغما اما لبعد المواعيد الخاصة بالمستشفيات العامة او لحاجته لعناية من نوع مميز كسرعة الدخول على الطبيب واشياء اخرى قد لا تتوافر في مستشفيات الدولة المجانية وذلك شيء بديهي نظرا للكثافة السكانية التي تغطيها تلك المؤسسات. الغريب ان هؤلاء الاطباء نسوا او ربماء تناسوا القسم العظيم الذي قاموا بتأديته عند تخرجهم للحفاظ على كرامة المريض الذي ائتمنهم على حياته وماله.. لنراهم في زحمة تلك الماديات وقد اعماهم الجشع والطمع ليتحولوا الى وحوش كاسرة تفترس كل ما تصادفه.. وتدوس معها على البقية المتبقية من القيم والاخلاق التي خصنا بها ديننا الحنيف وفضلنا بها على بقية الاديان.. فاذا كان هذا الكذب والتدليس والغش والخداع قد حصل هنا بين ظهرانينا من اطباء يدينون بديننا لم تهتز لهم شعرة وتلك الاموال الحرام تدخل في خزائن مؤسساتهم التي بالطبع لهم نصيب من الربح فيها بقدر عدد (الرؤوس) عفوا المرضى الذين يقومون بسحبهم الى حيث يكمن الزيف! اذا كان هؤلاء حقا من ديننا فماذا تركوا للغير من الاديان الاخرى التي لا ترى في الغش او التدليس أي غضاضة. الكثير من المرضى يأتون الى المستشفيات المجانية بعد ان تستنفد اموالهم.. وصحتهم في ادوية وتحاليل لا طائل من ورائها.. فلماذا البدء بعلاج يكلف مثلا اربعمائة ريال فقط لا غير.. ومن دون أي مبرر او حاجة له.. وان كان هناك مرض بالفعل يستدعي مثل هذا العلاج فلماذا نبدأ بالاسعار الباهظة وهناك البديل الارخص؟ الجواب وجود صفقات بين تلك العيادات والمستشفيات وبين شركات الادوية.. يعني تجارة.. نفعني واستنفع! ولماذا اخضاع المريض الى تحاليل باهظة الثمن لا داعي لها..؟ والجواب لكي تذهب حلالا بلالا الى خزينة المستشفى.. وللطبيب نسبة من الارباح بقدر ما يجلب من زبائن تدفع ولا تعرف لم.. فقد وثقت.. بحق افترضت فيهم ان يكونوا مثالا للرحمة ولعل ذلك الغش يهون امام ما رأيناه!