يمثل مشروع توحيد البلاد الذي قام به الامام المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود - رحمه الله - في مثل هذا اليوم حدثا تاريخيا كبيرا يجسد ملحمة كفاح بطل عربي مسلم دون اسمه بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الحديث والمعاصر على أرض الجزيرة العربية استطاع خلالها ان يوحد كيان دولة مترامية الاطراف اتخذ لها الشريعة الاسلامية السمحة القائمة على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى دستورا ومنهجا للحكم في البلاد، مؤكدا بجلاء تام لا لبس فيه ان الدين الاسلامي هو خيار البلاد الأوحد الذي لا عدول عنه بتاتا ولا نكوص مستشعرا - رحمه الله تعالى - ألا عزة للإنسان الا بالاسلام لاسيما وان ملحمة الكفاح والبطولة التي واكبت قيام حركة الامام المؤسس لتوحيد دولته كانت تشهد فيها المنطقة حالة من الفوضى السياسية والأمنية بشكل كبير في البلاد التي تضم اهم المشاعر المقدسة على وجه المعمورة وهما بيت الله الحرام ومسجد رسوله - صلى الله عليه وسلم - فكان خروج الملك المؤسس من وسط الجزيرة العربية لتوحيد دولة مترامية الأطراف نقطة تحول للقضاء على حالة الفوضى السائدة في ذلك العصر لتتحول بعد ذلك المنطقة الى دوحة من الاستقرار والأمان ليمد الامام المؤسس يده لجميع المواطنين في البلاد بالحكمة والعدل والوفاء استطاع خلالها ان يوحد المناطق مترامية الاطراف في وطن ودولة واحدة يقع على كل فرد فيها مسئولية الحفاظ على ما تحقق من انجازات لتتعاضد بذلك سواعد الرجال الفتية للمساهمة في بناء دولة التوحيد في اطهر بقاع الارض. لقد عمل الملك المؤسس فور الانتهاء من مرحلة التوحيد على ان تشمل مرحلة بناء دولته كافة النواحي في الحياة: الدينية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، اضافة الى الأمنية الامر الذي تحقق معه ولادة دولة فتية قادرة على البقاء وسط حقبة تاريخية تسودها الحروب والنزاعات والصراعات التي تحيط بالدولة من كل جهة التي شاء الله تعالى ان يحفظها من هذه المخاطر لتتعدى مرحلة كفاح البطل الامام ان تكون مجرد تأسيس دولة لتصبح مرحلة التوحيد موعدا لولادة أمة، الأمر الذي يعطي تجربة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - خصوصية تشكل هوية وطنية جديدة للشعب قامت على سياسة الجمع دون تفرقة، استطاعت ان تصنع من القيم الدينية والتاريخية والثقافية ملامح الانسان السعودي التي يعتبر الدين الاسلامي الحنيف مرتكزها ليدخل الإمام المؤسس بلاده الى عصر حديث متجدد عبر رؤية تربط السلوك السياسي بأخلاق من خلال الثوابت الراسخة القائمة على العقيدة السمحة التي تترسم خطى السلف الصالح وتحفظ الحقوق والواجبات وتنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتربط أسس العلاقة في التعامل بين كافة شرائح المجتمع ليتحقق بذلك مبدأ العدل والمساواة ويعم الأمن والاستقرار أرجاء البلاد وفق وحدة اجتماعية متجانسة. بكل اختصار نتذكر في هذا اليوم المجيد العديد من المضامين والمعاني الخالدة التي واكبت مسيرة العطاء، كما نستعيد ذكرى تجربة وطنية رائدة من الانجازات العظيمة التي تحققت في دولتنا خلال هذا العهد الميمون الذي حول الاراضي الصحراوية القاحلة في البلاد الى واحة زراعية وصناعية رائدة ينعم فيها كل مواطن ومقيم بنعمة الأمن والاستقرار والرفاهية. لذلك يعتبر اليوم الوطني السعودي يوما من الصعب ان يمر مثل بقية الايام العادية فهو يوم حمل بشائر مولد أمة وصناعة وطن قائم على أسس الشريعة الاسلامية السمحة في دولة شرفها الله تعالى بوجود اطهر البقاع المقدسة على وجه الارض فيها سائلا الله تعالى ان يديم على هذه الأرض الطيبة نعمة الأمن والاستقرار وان يحفظها وولاة امرها من كل شر وسوء. * مدير عام الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة الجوف