مازلت اذكر ذلك اليوم الذي خيم فيه الحزن وبدت لوعة الفراق تظهر على وجوه اهل القرآن وطلبة العلم. انه يوم الخميس السابع من الشهر السابع من العام الرابع والعشرين بعد الاربعمائة والالف من الهجرة النبوية، في عصر ذلك اليوم اجتمعت الصفوف للصلاة على امام من الائمة وعلم من اعلام الهدى ومصباح من مصابيح الدجى، ومن ثم تشييع جثمانه ومواراته تحت الثرى. واظن القراء الكرام قد علموا من هو هذا الامام. انه شيخنا وامامنا صاحب الفضيلة الشيخ العلامة ابو عبدالله عبدالرحمن بن عبدالله الفريان رحمه الله وانى متمثل بقول القائل: ==1== يا لهف قلبي من ذهاب ائمة==0== ==0==في عام كرب دائم الاحزان اودى كثيرا من اولى العلم الاولى==0== ==0==هم كالنجوم تنير للحيران وتتابعت تهوي سراعا فوقنا==0== ==0==تدني قيامة عالم ولهان==2== واليكم مقتطفات من مآثره: كان لفضيلته رحمه الله الدور الفعال في تشييد صروح تحفيظ القرآن الكريم في هذا البلد المبارك مهبط الوحي ومهد الرسالة - فالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الرياض التي كان رحمه الله يرأسها وهو المؤسس لها وكان له دور كبير في العناية بها بالمال والنفس وكانت اللبنة الصالحة والقدوة الحسنة للجمعيات في انحاء المملكة وكفى شيخنا رحمه الله شرفا وفخرا ان كان ممن خدم القرآن تعلما وتعليما وانفاقا عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وقوله صلى الله عليه وسلم: (اهل القرآن هم اهل الله وخاصته). 2- كان الشيخ رحمه الله لا يفتر عن الدعوة الى الله يجوب البلاد شرقا وغربا وينفع العباد وهذه هي اشرف الخصال اذ هي وظيفة الانبياء صلوات الله عليهم اجمعين كما قال تعالى (قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين) ولقد رافقت الشيخ في بعض سفراته للدعوة الى الله في المنطقة الشرقية فكان داعيا لا يفتر عن الدعوة. 3-اثناء مرافقتي للشيخ في بعض سفراته رأيته رحمه الله كما قال تعالى في وصف اهل الايمان (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) فليله صلاة وذكر وقراءة قرآن، وفي النهار لقاءات ودروس وكلمات ومحاضرات، فاسأل رب البريات سبحانه ان يجعله في جنة عرضها الارض والسماوات. 4- ومن مناقب الشيخ لين الجانب والتواضع فقد رأيته يداعب بعض الاطفال، وينبسط في الكلام ويمزح ولا يقول الا حقا وهو بهذا يقتدي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. 5- كان شيخنا يفتتح لقاءاته ودروسه بالقرآن الكريم فهو النور والهدى وهو المفتاح لكل خير ثم يشرح الايات وبعد ذلك يبدأ في اللقاء او المحاضرة. 6- رأيت شيخنا رحمه الله وهو بعيد عن اهله واولاده يحرص على امرهم بالصلاة ويتصل بهم كثيرا لايقاظهم الى الصلاة وهذه منقبة عظيمة وتربية صالحة فلم تمنعه كثرة انشغالاته، وسفراته للدعوة الى الله ان يحرص على امر الله تعالى (وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) والتأسي بقول الله تعالى عن اسماعيل عليه الصلاة والسلام : ( وكان يأمر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا). 7- كان شيخنا رحمه الله لا يحابى احدا صغيرا كان او كبيرا في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم، وهو بهذا يمتثل امر الله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). فهو داع الى الخير امر بالمعروف ناه عن المنكر، ولا يفتر عن ذلك رحمه الله. 8- كان شيخنا كثير النفع للخلق، لا يبخل بجاهه متأسيا بقول الله تعالى:( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) وقوله صلى الله عليه وسلم (اشفعوا تؤجروا). (رواه ابو داوود والنسائي وصححة الالباني رحمه الله) 9- كان الشيخ رحمه الله حسن السمت تكسو محياه المهابة والوقار مع ما أوتي من المحبة والقبول بين الناس ولا ادل على ذلك من العدد الكبير من الناس الذين حضروا وشيعوا جنازته وكما قال احد السلف ( بيننا وبين اهل البدع يوم الجنائز). وللشيخ من المؤلفات 1- تحف البيان من خطب جامع آل فريان. 2- مجموعة فوائد مهمة. واختم بذكر شيء من نوادره التي وقفت عليها: * كنت برفقة شيخنا رحمه الله في سفر فكان يردد ابيات ابراهيم بن ادهم رحمه الله والتي مطلعها: قم الليل يا هذا لعلك ترشد. وكذلك قصيدة الامام الصنعاني رحمه الله والتي مطلعها: سلامي على نجد ومن حل في نجد حيث سردها شيخنا كاملة من حفظه رحمه الله بصوت عذب مؤثر انسانا وعثاء السفر، مما جعلنا لا نشعر بطول الطريق. وهناك مواقف ونوادر لو سردناها لطال بنا المقام. رضوان بن ياسين الشهابي