على الرغم من ان التفجيرات الكبيرة الأخيرة في النجف وبغداد قد شغلت العراقيين عن الاهتمام بتشكيل الوزارة الجديدة في العراق ، حيث كان تفجير النجف قد استهدف محمد باقر الحكيم الذي تم تشييعه ودفنه الثلاثاء في النجف بعد إعلان الوزارة بيوم واحد ص وعملية تفجير مقر للشرطة العراقية في بغداد الذي جاء مع مباشرة الوزارة مهام أعمالها ، الا ان ذلك كله لم يمنع العراقيين من إبداء آرائهم وملاحظاتهم بشأن الوزارة الجديدة التي جاءت مشابهة للتقسيم العرقي والطائفي لمجلس الحكم العراقي الذي ما زال يواجه رفضا شعبيا كبيرا داخل العراق وخارجه . ( اليوم ) حاولت استطلاع آراء خبراء عراقيين بشأن التشكل الوزاري الجديد وما يمكن ان يحققه في العراق في الوقت الذي تشهد فيه البلاد فوضى أمنية كبيرة . أول المتحدثين ل (ليوم) كان الدكتور محمد جواد علي رئيس مركز الدراسات الدولية العراقي الذي رأى ان تشكيلة الوزارة لم تأت كما تم الإعلان عنه قبل أسابيع ، فمع ان تشكيل أول مجلس للوزراء في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي جاء بعد غمرة مناقشات لمجلس الحكم العراقي استمرت اكثر من الشهر في الوقت الذي كان مقررا لها ان تستمر عشرة أيام لاختيار 25 وزيرا جديدا مما يعني ان مشاكل كبيرة كانت تعرقل تشكيل الوزارة ، فان تشكيلها لم يأت كما أعلن عنه من انه يعتمد الخبرة والكفاءة والنزاهة ، بل كان تقاسما للمناصب بين أعضاء الأحزاب الرئيسة التي جاءت من الخارج وساهمت في تشكيل مجلس الحكم ، حيث كان الوزراء يمثلون أعضاء مجلس الحكم اكثر من تمثيلهم للعراقيين كافة والاعتماد على الخبرات ، لذلك فقد جاء وزراء لا يملكون قدرا كبيرا من الأهلية لشغل مواقعهم مما يعني ان عمل الوزارة سيشهد مشاكل كبيرة في قابل الأيام . اما الصحفي العراقي هفال زاخوي رئيس تحرير صحيفة الأهالي العراقية فقال .. بعد انتظار طويل جاء تشكيل الوزارة وتوزيع الحقائب والتي تأكد انها اعتمدت المعايير العرقية والطائفية والحزبية وهي حالة لا يمكن تجاوزها بسبب الواقع الاثني في العراق ، ولكن هذا الاختيار جاء على حساب اعتماد الكفاءة وهو ما كان قد طالب به المثقفون العراقيون وبعض الأطراف السياسية خارج مجلس الحكم ، فهناك 13 وزيرا شيعيا و5 سنة و 5 أكراد وآشوري وتركماني وهي ذات التقسيمة التي اعتمدها مجلس الحكم مما يدل على ان الكفاءة والخبرة كانت موضوعا ثانويا في اختيار الوزراء . من جهته اعتبر نائب الأمين العام لحزب الكلمة الحرة إبراهيم زيدان .. ان تشكيل مجلس الوزراء اغفل الأحزاب الداخلية العراقية واعطى الحقائب للأحزاب التي كانت تعمل في الخارج وجاءت بعد احتلال العراق ، وهو ما يعني ان اكثر من 60 حزبا عراقيا لم يتم تمثيلها لا في مجلس الحكم ولا في مجلس الوزراء وهذا يعكس ان الحركات السياسية الداخلية في العراق لم يتحقق حضورها حتى في الوضع السياسي الجديد بل ان تقاسم الوزارات ظل حكرا على البعض دون البعض الآخر وهو أمر قد يسبب مشاكل في المستقبل يبعد الوزارات عن توجهاتها الديمقراطية ويجعلها بيد جماعات معينة تاركة الأغلبية من الأحزاب العراقية خارج ساحة القرار اما الدكتور محمود عبد الله الأستاذ في جامعة بغداد فقد قال من جانبه ان إعلان مجلس الوزراء في اليوم الذي ووري فيه جثمان الحكيم الثرى في النجف جاء بهدف ان تبدأ الوزارة أعمالها في اليوم الذي سيتولى فيه الدكتور احمد الجلبي رئاسته الدورية لمجلس الحكم لمدة شهر حسب الترتيب الأبجدي ، مما يجعل ذلك جزءا من نشاطه الذي سيباشر فيه لمتابعة أعمال الوزارات ، ومع ان العراقيين لم تشغلهم تعيينات الوزراء كثيرا حيث ترك اغتيال السيد الحكيم أثره في المجتمع العراقي وزاد من قلق الناس من اتساع نطاق التفجيرات وزيادة الفوضى الأمنية الا ان مجلس الوزراء الجديد وعلى ما يبدو سوف لا تكون مهمته سهلة في هذه الأجواء وخاصة وان رفض الاحتلال الأمريكي الذي يوفر الحماية لمجلس الحكم ومجلس الوزراء اصبح كبيرا وازدادت الفجوة بين الأمريكان والعراقيين بشكل كبير بما ينذر بمخاطر أوسع . لكن الدكتور والباحث الاقتصادي كاظم الركابي يشير الى ان مجلس الوزراء الجديد سيواجه صعوبات كبيرة أبرزها عدم وجود ميزانية لتمشية أعماله إضافة الى ان كثيرا من الوزارات لا تمتلك مقرات لها حيث ان اغلب مقرات الوزارات قد تعرضت للتدمير والنهب والسلب خلال فترة الحرب وما تلاها وهذا يعني انها ستصرف وقتها الأكبر في البداية لترتيب نفسها قبل المباشرة بأعمالها وحل المشاكل العالقة في المؤسسات التابعة لها ،. ويضيف الاقتصادي الركابي ان هناك وزارت جديدة لم تخص لها ميزانية نهائيا مثل وزارة حقوق الانسان ، ووزارة البيئة ، ووزارة المهجرين وهي وزارت مستحدثة ، حيث لا تمتك مقرات خاصة بها ولا كادر وظيفي وإنها ستباشر منذ الآن فصاعدا لاختيار موظفين لها ومقرات خاصة بها وهذا بطبيعة الحال سيؤخر عملها كما انها لا تمتلك خططا خاصة بها لممارسة أعمالها ، ومثل هذا الكلام ينطبق على الوزارات الاخرى التي ستعاني من المشكلة نفسها مما سيعقد الأمور ولا يدفعه باتجاه تلبية مطالب المجتمع العراقي الذي يعاني من مشاكل كبيرة في الوقت الحاضر .