الكل يعرف ان ال(زومبي) الاشباح الخارجة من القبور تستلذ بأكل الأدمغة الا ان افلاما عديدة تهاجم المادة الرمادية الموجودة داخل الجمجمة بتعليق اجتماعي مخبأ في ثنايا الرعب. يخدم الزومبي الذي يندفع من العتمة بيدين ممدودتين وساقين مهترئتين كتعبير مجازي عن فشل الطموح والآمال والرتابة الخرقاء بنفس الطريقة التي يرمز بها مصاصو الدم الى النزعة الجنسية العدوانية. ونفس الطريقة التي يرمز بها فرانكشتاين الى الخراب الذي يؤدي اليه الخطأ العلمي. في فيلم الاثارة الجديد بعد 28 يوما يفيق رجل من الغيبوبة ليجد مدينة لندن مهجورة الا ان مجموعات من الزومبيات الليلية سريعة الحركة سبق وان قضت على معظم سكان العالم. وعلى عدد من الناجين المترددين ان يتعلموا الاعتماد على بعضهم بعضا قبل ان تصل اليهم الغيلان الجائعة السريعة. واي قضية يحاول صنعوا الفيلم ان يطرحوها من خلال هذا الفيلم اضافة الى اخافة جمهور السينما الى اقصى حد ممكن؟ يقول المخرج داني بويل الذي سبق وان صنع افلاما مرعبة القضية المطروحة هي السخط الاجتماعي. هناك عدم تسامح محدد جدا عند الناس تجاه بعضهم البعض. انه ليس مجرد سخط على الطريق, فانك تراه في غرفة الانتظار في المستشفيات وفي الطائرات والمطارات. يبدو ان الامر هو هوس السرعة. اذا لم يصل شيء بالسرعة المرغوبة يفقد الناس ذلك الشيء. ويضيف بويل: ان ثقافة الاكبر - الأحسن - الأسرع - الأكثر تثير الناس ضد بعضهم البعض, وهذا ما يقدمه بويل عن طريق من خلال ضحايا يواجهون وحشا سريعا على نحو مذهل. الكاتب الوجودي الفرنسي الراحل جان بويل سارتر اعلن ذات مرة: (الجحيم هو الآخرون) وفيلم (بعد 28 يوما), كما يقول بويل (يظهر العكس) فنحن نحب ان نكون لوحدنا ونتخلص من جيراننا والناس الذين يزعجوننا. ولكن الجحيم هو في ان تكون وحيدا هذا هو الجحيم الحقيقي. كاتب النص السينمائي للفيلم (اليكس غارلاند) الذي اشتهر بروايته (الشاطئ) في العام 1998, يعتبر الزومبي او الغول, نوعا: من البارانويا الكامنة في المجتمع العصري. ويقول: بنفس نسبة السلامة التي اصبحوا يعيشونها بات الناس خائقين بشكل متزايد من العنف في الشوارع والعنف المنزلي والآن الارهاب. في غمرة النكسة الاقتصادية الكبدى, اعتمد فيلم زومبي الابيض الذي يعتبر من الأفلام المفضلة للنوع على الرعب لمناقشة قضية اخضاع الطبقة العاملة. وقد لعب فيه النجم بيلا لوغوسي الذي اشتهر بادوار المسخ, دور شرير مصاب بجنون العظمة يحول اشخاص عاديين الى زومبيات للعمل كعبيد في معمل للسكر يملكه. ومع اقتراب شبح الحرب العالمية الثانية وظهور الخوف من النازية في الولاياتالمتحدة استخدم فيلم (ملك الزومبي) سنة 1941 المسوخ مجازيا كرمز الى اثارة الدعاية: عالم مجنون يستخدم السحر والسيطرة على العقل كخلق زومبيات لحساب قوات المحور. ويقول الكاتب دافيد سكال لقد اصبح الزومبي واحدا من رموز التحكم المعهودة وهو يستعمل بمختلف الطرق. انه الجانب الآخر للمثل العليا الامريكية عن الفردية ومسؤولية الفرد. والزومبي هو طريقة خيالية طفولية للفرار من التحكم. فيلم (الزومبي الابرز يبقي الحياة في ليل الأموات) الذي صنعه جورج روميرو بميزانية ضئيلة في العام 1968. وقد اعتبر النقاد جحافله المترنحة من آكلي اللحوم البشرية عديمي العقل (رمزا مجازيا) للطبيعة المتشددة للتيار الأمريكي الرئيسي خلال الحرب الفيتنامية. ويقول سكال: عندما خرج الفيلم لاول مرة لم يعرف الناس ماذا يفهمون منه لقد قدم لهم تلك الصورة العارية لثقافة امريكية يمثلها عديمو الروح والروبوتيون المتعطشون للدم. اما روميرو فقد رآه من الجهة المقابلة: الزومبي هم الهبيون. كنا في الاساس نحاول ان نرمز لمجتمع متضح مقبل علينا ليبتلع القديم وفي هذه الحالة حرفيا وفعليا. واستشفوا منها مواضيع عنصرية (البطل الزنجي يقتل بالرصاص على ايدي منقذين بيض اعتقدوا انه زومبي) والحب الحر (ثنائي شاب يختار الحرق حتى الموت معا بدلا من فصلهما عن بعضهما) وانهيار العائلة (رجل تخرق عنيد وزوجته النقاقة يعزلان نفسيهما فتقتلهما ابنتهما الزومبي). ويقول روميرو ان الكثير مما كتب عن فيلم الحياة مع الأموات يغوص في الاعماق اكثر من اللزوم. ان الكثير مما جاء في الفيلم كون دوان جونز كان زنجيا يلعب الدور الرئيسي كان مجرد مصادفة ببساطة كان الافضل من بين اصدقائنا الممثلين ولذلك اسندنا اليه الدور. وبعد عشر سنوات تبنى المخرج الجانب الساخر لفيلم الزومبي (الموت في الاسفل) في العام 1987 ليهاجم النزعة الاستهلاكية: زومبيات تقتحم مركزا تجاريا بحثا عن بشريين كأنهم سلعة تباع بأسعار مخفضة. ويقول روميرو انه حاول الهزء من التيار المحافظ في الثمانينات في ثالث افلامه عن الزومبي (يوم للموت) سنة 1985, وفيه يعزل بشريون انفسهم في ملاجئ ومتاريس نائية من اجل استبعاد الموتى. وهو حاليا يعمل على حلقة رابعة يشكل فيه الزومبي مرضا اجتماعيا آخر. وهو يقول: الزومبي مشردون ونحن نمشي عليهم في طريقنا الى المسرح. وفي العام 1985 جاء الفيلم المقتبس بصورةغير رسمية من سلسلة افلام رومير (العودة من الموت) الذي امتدحه النقاد بشكل ملفت. وقد اعتبره البعض سخرية من مبدأ الادمان على العمل الاخلاقي الذي كان سائدا في ذلك العقد: موظفون في مخزن للمنتوجات والسلع الطبية مليء بالجثث يعملون حتى الموت, الى جانب موجة بعد موجة من رجال الشرطة والممرضين الذين يحاولون مكافحة الزومبيات. واحد الزومبي يسخط في جهاز اللاسلكي الخاص برجال الشرطة: ارسلوا لنا مزيدا من رجال الشرطة. وثمة معالجة ساخرة اخرى في فيلم اخر في العام 1992م, وهو مذبحة هزلية اخرجها بيتر جاكسون الذي اشتهر بسلسلة افلامه الاخيرة (سيد الخواتم). وقد تمحور هذا الفيلم حول رجل ضعيف وامه السليطة التي تصبح زومبية بعد ان يعضها حيوان غريب فتعدي اصدقائها وجيرانها. وذروة الفيلم مثل نادر لبطل يحاول ان يبقى الوحوش في الداخل بدلا من ابقائهم في الخارج. ولعل اولئك الذين عانوا من الاحراج من عائلاتهم يجدون تورية لحالتهم في الفيلم. ويقول المخرج بويل ان افضل شيء في مثل هذه المواضيع المتعلقة بالرعب هو ان كوميديا الدم والاحشاء والمشانق توفر حصانة ضد الادعاء والتظاهر. ويضيف بويل: بوسعك ان تأخذ اي موضوع كبير الى درجة الاحراج. الا انه يمنعك من التذاكي لانك تجد نفسك فجأة تتدحرج وتضحك على قطعة سخيفة من التأثيرات الخاصة التي تحاول ان تصنعها.