مازلت اتمنى على مشرفي المراكز الصيفية والمؤسسات الثقافية التي تنفذ برامج صيفية للشباب من كل عام ان تكون اختياراتها ملائمة - قدر الامكان - لاحتياجات الشباب الفعلية، متناغمة مع ايقاع الحياة المتجدد تضع في حسابها الفوارق النفسية والذهنية لدى الشباب، والتباين في الاستعدادات والمواهب من جهة، وفي الامكانات والمستويات المعيشية الى جانب الاوضاع الجوية والبيئية التي تختلف من مكان الى مكان آخر، ففي منطقة جازان مثلا عندما تحل الاجازة او العطلة الصيفية، في قلب الصيف اللاهب تصبح الرطوبة في السواحل في اقصى درجاتها ويتحول الافق الى عين رمداء ربداء بسبب ما تثيره رياح الخماسين من غبار يقتحم على الناس حياتهم ولو كانوا في بروج مشيدة، ولو كانوا في بيض مكنون يتسلل الى المخادع ويخالط الطعام والشراب لكون السهول والحقول في تهامة لا تزال على حالها منذ الاف السنين. في هذه الاثناء اي معنى لبرامج صيفية تركز على الانشطة التقليدية من امسيات شعرية.. وقصصية ومحاضرات من الوزن الثقيل ومسابقات نمطية لا تخرج عن تلك الموضوعات في اطارها المكرر المعاد في منظور الحاضر المتجدد.. لا ننكر دور هذه الالوان من الانشطة الموجهة الى الشباب في مراحل سابقة، ودورها في اوضاع واجواء ومناسبات اخرى. ودورها في الوقت الراهن اذا كانت فقرة من فقرات البرنامج وليست كل شيء في البرنامج نفسه, الشبان ليسوا كلهم شعراء ولا نريد لهم ان يكونوا كلهم شعراء او جمهورا للشعر وليسوا كلهم كتاب قصة ولا كلهم من جمهورها الشبان طاقات متعددة ووعود كثيرة لها مستقبل جديد وغد متنوع. وعود بعلماء وتقنيين ومخترعين واطباء ومهندسين وساسة وقادة واداريين وكل الخصائص القادرة على بناء الوطن في غمرة التحولات الحثيثة. الشبان فيهم الغني والفقيرو المدلل والمهمل، والجاد واللاهي فيهم من يسعى اليك ومن تسعى اليه.. كل هذه الخصائص والسمات والقدرات ينبغي ان توضع في الحسبان عند رسم الخطط الموسمية للشباب.. التي تتطلب جهودا مبكرة تسبقها بشهور ويحاط اولياء الامور علما بها ويشارك القادر منهم في دعم صناديقها.. على ان يتم التنسيق بين المراكز الصيفية والمؤسسات الثقافية الاخرى بحيث تتولى كل جهة تقديم نشاط خاص يلائم فئة معينة من الشباب.. ميولهم وقدراتهم، وجعل النشاط متسما بالتلقائية والبساطة متخففا من الرتابة والاحتفالية والاجواء المدرسية الصارمة.. والاجواء البيئية الخانقة بالانتقال الى المناطق المعتدلة في الريث وفيفا وبني مالك ومرتفعات العارضة ومنتجعات عسير مثلا اذا تم الاعداد لها مبكرا وتأمين النفقات الضرورية.. فالرحلات مطلب للشباب تحقق لهم جوانب كثيرة ثقافية وترفيهية ومعرفة باجزاء الوطن ومفاتنه، والفة وتدريب على الحياة الجماعية ولا بأس ان يلقي الموهوب بالشعر قصيدته وبالسرد قصته وبالفن لوحته وبالمهندس افكاره وهكذا في جو تآلفي اخوي مرح. في هذه الايام المثقلة بغبارها الخانقة بحرها ورطوبتها لن يكون الشعر والامسيات الشعرية هي الشيء المناسب في الوقت المناسب مهما كان هوس الناس بالشعر صغارا كانوا ام كبارا والله المستعان. @@ عن عكاظ