اذا كان المجاز القائل (بأن العود يظهر طيبة باحتراقه) فان رحيل عبدالله العامر، مؤخرا، يبدو مؤيدا لذلك، وحين كتب عنه صهره الدكتور عبدالرحمن الجعفري، رثاء في (اليوم 1424/6/13ه كشف فيه عن مثاليته ونموذجيته وانسانيته، كابن وأب وزوج وموظف ومواطن صالح، نادر المثال، المح الى ان موته، وهو بلاشك من قضاء الله وقدره سبحانه وتعالى لم يكن ناتجا عن اي مرض، سوى انه كان يعاني من فجيعته على ابنه الصغير الذي رحل قبله بثلاثة اشهر، تقريبا، وحين اطلعني اخي الدكتور عبدالرحمن، نفسه، على قصيدة للمرحوم، يرثي فيها ابنه الصغير (مازن) لم يعلم عنها، الا بعد نشره الرثاء، شعرت ان الماحه الى ان قضاء الفقيد، ربما كان بسبب كمده قد يكون صحيحا، فلقد بدت لي القصيدة التي صاغها في رحيل فلذته، جرحا عميقا نازفا يصعب وقفه وشفاؤه، فلماذا لا يستنفد قدرته على الصمود والتماسك؟. وبحكم النسب والصداقة بيني وبين المغفور له، باذن الله، كنت اعلم ان له محاولات شعرية عديدة، لكنها لم تكن تأتي (في ظني) في مستوى هذه المنظومة، في الجودة والقوة والصدق والشفافية، مما يقوم دليلا مؤكدا، على ان مثل هذا الرثاء، لم يكن سوى أنات سقيم مدنف لم يكتب له الشفاء، وربما جعل الله، سبحانه، ذلك سببا في دنو أجله. واذا كانت الكلمات تقول شيئا، وهي، في هذه القصيدة، عقوبة، نقية، مباشرة، فإننا نلاحظ ان عددا كبيرا منها، يكشف عن جوانب التصدع، الذي حل بنفس الرجل، فهناك مفردات الخطب والعلة والسقم والحرقة واللجج والهدير والزفرات والشجو والضجيج واللوعة والعويل والدياجي والدموع والقضاء والحشرجة والمضي والبكاء والرثاء والتجرع، وغيرها، مبثوثة، بغزارة، في اجواء القصيدة الحزينة. وها هي ، في التالي، على أن قراءة ثانية لها، قد تفيد في تأملها بصورة أعمق، مع ملاحظة ان نقدها، شعريا ولغويا، يقع خارج اطار مناسبة نشرها، هذه، فلربما يتطوع ناقد مهتم بذلك، لاحقا. القصيدة المرثية وهي بعنوان (ليث العوامر).==1== يا مازن ان كان موتك راحة==0== ==0==فلقد أمت أباك وهو عليل ولئن تجرعت المرارة مرة==0== ==0==فالخطب في كبدي السقيم جليل للدمع في لجج المحاجر حرقة==0== ==0==والليل بعدك هادر وطويل كم زفرة ضج الفؤاد بشجوها==0== ==0==قامت عليها لوعة وعويل قد كنت في ظلم الدياجي شمعة==0== ==0==للحب والحلم الجميل دليل لو توهب الاعمار وهي نفيسة==0== ==0==اهديتك السنوات وهي قليل او كان في سكب المدامع رحمة==0== ==0==لرأيت دمعي في ثراك يسيل كما اذبلت تلك الخطوب ببأسها==0== ==0==وجها اعز كأنه قنديل حتى اذا حان القضاء وحشرجت==0== ==0==ما للنفوس عن القضاء بديل ومضيت في عمر الزهور فحبذا==0== ==0==لك في الجنان حدائق ونخيل يا أيها القلب المدجج رفعة==0== ==0==لك منسب في الاكرمين جليل ليث العوامر ان موتك سنة==0== ==0==سيذوق منها واضع ونبيل يبكي عليك الوالدان وجدة==0== ==0==ولهم بأروقة الدجى ترتيل وأخوة وعمومة وخؤولة==0== ==0==للحزن في قسامتهم تسجيل واصاحب كلآلىء (منثورة)==0== ==0==ورؤاك فوق رؤوسهم اكليل ولكم رثاك معلم متشوق==0== ==0==ودعاؤه التسبيح والتهليل لك في الكرام مناقب محمودة==0== ==0==قد عز في هذا الزمان مثيل اقدام نفس وانتصار عزيمة==0== ==0==ولهن من همم الشموخ دليل سبحان من سوى جمالك آية==0== ==0==واتيت ذكرا في الكرام جليل وجعلت برك والديك سجية==0== ==0==والبر ثوب للجمال اصيل تأبين فقدك يا صغيري درة==0== ==0==للطير معها سجعة وهديل كانت لك الجنات اجمل غاية==0== ==0==فلعلها لك منزل وسبيل كأس المنون تدار كم من شربة==0== ==0==جرعت فأودى صاحب وخليل كل ابن انثى هالك وان التهى==0== ==0==لم يجده التأجيل والتعجيل ولقد نصحت وكل شيء واعظ==0== ==0==يا قومي ماذا ينفع التأميل؟ هذه الحياة مراحل مطوية==0== ==0==ما للغريب بظلهن مقيل سيروا بدرب الصالحين اهلة==0== ==0==للبر والخير العميم دليل هذا رثاؤك بالقوافي نازفا==0== ==0==وشغاف قلبي أنة وعويل==2==