كان زعيم اكبر الحركات الاسلامية في الفلبين سلامات هاشم الذي توفي وسط تحركات للتوصل الى اتفاق سلام مع حكومة مانيلا موظفا في مكتبة حكومية قبل ان يقود اكبر حركة استقلالية لاقامة دولة للمسلمين الفلبينيين. وقد توفي هاشم (61 عاما) في 13 تموز/يوليو. لكن وفاته التي نجمت عن اسباب طبيعية حسبما ذكرت منظمته لم تعلن الا يوم امس الثلاثاء، من اجل ضمان عملية انتقالية هادئة وتجنب رد فعل 12500 مقاتل في جبهة مورو الاسلامية للتحرير التي كان يتزعمها. وكان يفترض ان يوقع سلامات اتفاق سلام نهائي بعد محادثات مع الحكومة الفيليبينية. ولد هاشم لاسرة متدينة تتمتع بنفوذ كبير في اقليم ماغويداناو جنوب جزيرة مينداناو التي يؤكد مسلمو الفلبين انها كانت موطن اجدادهم. وقد اصبحوا اقلية في معظم اجزاء الجنوب بعد تهجير اعداد كبيرة من المسيحيين الى هذه المناطق. ولم يكن هاشم اولا ناشطا في مجموعات اسلامية مسلحة تقاتل الحكومة في الجنوب، بل كان يعمل في مكتبة في بلدته باغالونغان. وفي الستينات من القرن الماضي، ارسل الى مصر حيث حصل على اجازة في الفلسفة الاسلامية من جامعة الازهر في 1967 ثم على درجة الماجستير بعد سنتين. وعمل هاشم في الوقت نفسه في المجموعات التي كانت معارضة حينذاك للرئيس فرديناند ماركوس الذي ادت سياسة اجهزته الامنية الى تشدد الناشطين ضده حينذاك. وكان يفترض ان يحصل على الدكتوراة لكنه اختار العودة الى الفلبين لتنظيم حركة المسلمين الاستقلالية " جبهة مورو للتحرير الوطني" التي كان يتزعمها نور مسواري الذي كان طالبا حينذاك. ومع انه لم يخضع لتدريبات عسكرية تذكر، يعتقد ان هاشم قام بتدريب اول دفعة من مقاتلي الجبهة الذين خاضوا حرب عصابات استقلالية لاقامة دولة اسلامية في الجنوب في السبعينات. وبقي سلامات هاشم نائبا لرئيس الجبهة حتى 1978 حيث قام مع عدد من مقاتليها بانشقاق ليشكل حركة تزعمها بنفسه هي جبهة مورو الاسلامية للتحرير. وكان سبب الانشقاق تركيز مسواري على الجانب السياسي في الحملة بينما يريد سلامات عملا اكثر تقدما لاقامة دولة اسلامية. وقد اوضح هاشم في احد تصريحاته ان الخلاف بينهما ناجم عن اسباب اتنية ايضا. فحركة مسواري يهيمن عليها افراد عشيرة تاوسوغ بينما كان سلامات واتباعه ينتمون الى قبائل ماراناو وماغويداناوان. وبينما وقع مسواري اتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية في 1996، واصل سلامات هاشم القتال وسيطر على مناطق واسعة في وسط مينداناو. وتتهم الحكومة جبهة مورو الاسلامية للتحرير بتشكيل مجموعات لصوص وتعزيز صلاتها بمجموعات ارهابية اجنبية مثل الجماعة الاسلامية في آسيا. وفي نهاية التسعينات بدأت الحكومة الفلبينية تركز حملتها على المعسكرات الرئيسية للجبهة واستهدفت بالقصف في بعض الاحيان منزل سلامات نفسه في العام 2000، مما اضطره الى الفرار والبقاء مختبئا لكنه لم يلجأ الى الخارج خلافا لعدد كبير من قادة الجبهة الآخرين، حسبما مسؤولي الجبهة. وساعد سلامات هاشم في بداية العام الجاري في الدفع باتجاه اجراء محادثات سلام مع الحكومة الفلبينية ووافق على المشاركة شخصيا فيها. واوضح متحدث باسم جبهة مورو الاسلامية امس "إن الجبهة ملتزمة بالتوصل إلى تسوية سياسية متفاوض عليها بشأن المشكلة القائمة في إقليم مينداناو (جنوب البلاد)". وانتخبت اللجنة المركزية وهي أعلى هيئة قيادية في الجبهة الحاج مراد إبراهيم نائب زعيم الجبهة للشئون العسكرية ليشغل منصب الزعيم الجديد. ونفى جعفر صحة التكهنات التي أشارت إلى أن تولى مراد زعامة الجبهة سيؤدي إلى تشدد مواقفها في محادثات السلام. وتابع قائلا "لا يوجد في صفوف جبهة التحرير الاسلامية مورو متشددون أو معتدلون وهناك فصيل واحد في الجبهة ونحن نتخذ دائما قرارا جماعيا". وقال جعفر إن سلامة أثناء قتاله "قد تأكد من أن قضية شعب بانجسامورو (الدولة الاسلامية) سوف تتناقلها الاجيال". وأمضى سلامة معظم حياته البالغة في الادغال أو في المنفى وهو يحارب من أجل استقلال الاقلية المسلمة في الفلبين. ويشير الجيش الاندونيسي إلى أن سلامة شكل سرا خلية تضم طلبة فلبينيين مسلمين وخططوا لشن حملة مقاومة انفصالية من مصر في بداية الستينات. وعاد سلامة إلى الفلبين عام 1970 وأعد لتدريب أول الكوادر المسلحة في جبهة التحرير الوطنية مورو في ولاية سابا بشرق ماليزيا. وكان من بين المتدربين الاستاذ الجامعي نور ميسوري الذي أصبح في وقت لاحق زعيما لجبهة التحرير الوطنية مورو. وبدأت الجبهة "الجهاد" في إقليم مينداناو في تشرين الاول"أكتوبر" عام 1971. وكان سلامة آنذاك نائب زعيم الجماعة. وتشير وثائق جبهة التحرير الاسلامية مورو إلى أن سلامة ولد في السابع من تموز"يوليو" عام 1942 في منطقة بجالونجان بإقليم ماجوينداناو في "أسرة شديدة التدين من سبعة أفراد". وكانت والدته هي أول من درسه واستطاع بناء على توجيهاتها أن يقرأ القرآن ويحفظ كثير من آياته في سن السادسة. واستكمل سلامة تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس الحكومية في ماجوينداناو. وقال مسؤولون في الجبهة ان هاشم سلامات كان يقيم منذ ثلاثة اسابيع في اقليم لاناو ديل سور قبل وفاته "بقرحة حادة ومشاكل في القلب".