بعد قحط الثمانينات المعلوماتي والذي كان مقتصرا على اذاعتنا المحلية و "هنا لندن" وبث تلفزيوني موجه بقناتين، جاءت طفرة التسعينات الفضائية العاصفة، تبعتها انتفاضة الإنترنت التي لم تبق ولا تذر، والقارئ الذي يضيف لكل ما سبق طابورا طويلا من الصحف والمجلات سيكون أكثر احتياجا منا لأن يستعيد أنفاسه وسط هذا الزخم. هل سألت نفسك وأنت تستعرض القنوات الفضائية ماذا تفعل بالضبط؟ هل هذا هو ما كنا نبحث عنه فعلا؟ هل كنا بحاجة الى " شباب على الباب" و "جيران للقمر" وإلى "الليل والعين" ؟ هل كنا متعطشين لبث حماستنا للبحث عن " مليون" ومتابعة كل مظاهر التغير للشباب اللبناني، أو تطورات قروض المشاريع الصغيرة للدخول المحدودة في مصر، وهل تمنينا فعلا أن نرى دوري كرة القدم الإماراتي حيا على الهواء، وجلسة البرلمان اليمني كل يوم سبت؟ سنختلف، وان اتفقنا فلن يكون اتفاقا مرضيا على أن حلمنا لم يتحقق بعد، حلمنا أن نرى فضاء سعوديا واسعا، متاحا فيه قنواتنا المتعددة وهمومنا المتعددة, يتسع لآرائنا وأصواتنا، فضاءنا السعودي الخاص بألوان صحارينا وسواحلنا، بطعم قهوتنا المرّة، بروح الرياض ومذاق جدة، وبألوان الدمام ، نبحث عن فضاء أرحب يستضيف قضايا للمدرسين والمدرسات، للمتقاعدين والعاطلين، للأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين وقائمة طويلة من مواطنين يشعرون بغربة اليوم لأن جهازنا الفضائي لا يحتمل هؤلاء ، ناهيك عن أن صدره لا يتسع لهمهم جميعا. يبدو أننا عرفنا الآن سر تصديرنا لإشكالاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى خارج الوطن، وأدركنا اليوم سبب تبني فضاء الآخرين لنا، أصبحنا موضوعا دسما لبرامجهم، وبات مفكرونا ومثقفونا وأصحاب الرأي والخبرة ضيوفا دائمين على سفرتهم، يناقشوننا معهم، ويشرحوننا معهم، يبحثون لنا معهم عن حلول، ونحن لا حول لنا ولا قوة، نكتفي بهز الرؤوس !