مرض التوحد الطفولي، من الامراض التي تصيب الاطفال، وربما اخطرها فهو مرض يجعل الطفل ينعزل عن الاخرين، ويعيش في وحدة دائمة، وبالتالي يترتب على ذلك امراض نفسية واجتماعية ينتج عنها طفل غير سوي. ورغم الابحاث العلمية التي اجريت حول هذا الموضوع الا ان القليل من الذي اقترب من المرض، وحاول ان يضع الحلول ووسائل العلاج، ولعل البحث الذي اعدته الباحثة السعودية هبة عصام قزاز تحت عنوان (مرض التوحد الطفولي) والذي تتقدم به للحصول على الماجستير في علم الاجتماع، بجامعة عين شمس تحت اشراف مركز (التوحد) في جدة التابع للجمعية الخيرية الفيصلية. واثناء تواجدها في القاهرة أجرينا الحوار التالي مع الباحثة في محاولة للتوصل إلى فهم صحيح لمرض التوحد الطفولي، وتقديم وصفة للام لكي تراعي العوامل التي من شأنها ان تساعد على الاصابة بهذا المرض. @ بداية كان لا بد ان نسأل الباحثة هبة قزاز عن مرض التوحد والابعاد الاجتماعية له وهل هو مرض خطير ومدى معرفة المجتمع به؟ * للاسف الشديد.. ما زال مرض التوحد الطفولي من اكثر الامراض غير المعترف بها في مجتمعنا السعودي والعربي.. وذلك.. لقلة المعرفة به.. واللبس الذي من الممكن ان تقع فيه الاسرة.. ازاء اكتشافه.. أو تأخر اكتشافه.. وفي بعض الاحيان في مراحله الاولى.. قد يتعامل الاباء والامهات مع الطفل المريض بالتوحد وكأنه طفل مميز.. وليس العكس. @ لماذا؟ * لان الطفل المصاب ب(التوحد).. يطلق عليه جهلاً انه طفل هادئ.. لا يثير المشاكل.. وهذا بالطبع في البداية فقط.. اما بعد ذلك.. فالمرض خطير.. @ ما هي اهم اعراض المرض؟ * التوحد من الناحية الطبية هو الحياة مع النفس.. وهي مفردة.. مأخذوة من الجذر (د - ح - د) ومن اعراضه.. اهتمام مبالغ به بالنفس والذات إلى درجة غير طبيعية.. والتوحد يصنف كمرض واضطراب في العقل والذهن.. ويظهر في شكل اضطرابات كثيرة جداً في سلوك المصاب.. ويدل على حالة نفسية غريبة.. اذ يميل خلالها الطفل إلى الانفراد بذاته.. وتجنب اقرانه واشقائه.. فهو لا يحزن.. ولا يفرح.. ولا يشعر.. ولا يستمع لاي احد غير ذاته.. @ وماذا عن دلالاته الاجتماعية..؟؟ * الطفل المصاب بالتوحد يعيش حالة من عدم المبالاة بالاخرين.. وصعوبة بالغة في التواصل الاجتماعي.. والارتباط بعلاقات اجتماعية بالاخرين.. وهذا الوضع يفرض عليه العزلة والانفراد والتوحد الاجتماعي.. وعدم القدرة الاجتماعية على اقامة علاقات عادية اجتماعية.. مع الناس.. @ وماذا عن نسبة الاصابة بمرض التوحد في المجتمع السعودي..؟ * لله الحمد.. النسبة ضئيلة جداً.. وهناك احصائية غير مؤكدة تقول ان هناك طفلا في كل 10 آلاف طفل مصاب بمرض التوحد الطفولي.. @ ومن أي سن يمكن اكتشاف اصابة الطفل بالتوحد.. لا قدر الله..؟ * منذ الولادة.. وحتى لا تخاف الامهات.. وحتى لا يتوهمن.. هناك مقولة شائعة ومتداولة لدى الاطباء المتخصصين.. اسمحوا لي ان انقلها عن لسانهم لدى اسماع كل الامهات.. تلك المقولة تقول "عزيزتي الام.. اذا ابتسم لك طفلك.. وتتبع تواجدك حوله.. فاطمئني ان شاء الله.. فطفلك سليم.. طبيعي.. بعيد عن هذا المرض المؤلم".. ذلك لان الطفل الرضيع.. والذي يعرف امه.. ببساطة طفل طبيعي اجتماعياً.. أي لديه مقدرة التواصل الاجتماعي.. ولان التوحد هو عدم المقدرة او انعدام المقدرة على التواصل الاجتماعي فطفلك سليم ولله الحمد.. الاصابة.. في سن الثالثة @ وفي أي سن.. تدرك الام.. اصابة طفلها لا قدر الله.. بالتوحد..؟؟ * في الغالب.. في سن ثلاث سنوات.. اذ دائماً ما تبدأ لديها الشكوك فقط.. عندما تجد طفلها.. لديه اضطرابات في الكلام واللغة.. يثير المشاكل.. عدواني.. منغلق على ذاته.. وعندما تتيقن من تلك الاعراض.. وعندما تلج للطبيب ومن خلال تحاليل ودراسة معينة يتم اكتشاف الاصابة.. لا قدر الله.. الاصابة لا تعني نهاية العالم. @ وما الحل؟ * اولاً.. لا بد من التأكيد ان اصابة الطفل لا قدر الله بمرض التوحد لا تعني الفشل في اعطائه الاهتمام والرعاية.. حتى يعتمد على نفسه.. ولا يعني نهاية العالم.. فالام والاسرة الواعية المسلمة التي تعلم جيداً ان البلاء من الله سبحانه وتعالى.. وان من صميم الايمان الرضاء بالقضاء والقدر.. وتقبل الأمر الواقع بصدر رحب.. عليها ان تدرك ايضاً ان العلم الحديث.. وعلم الاجتماع وعلم النفس وكل العلوم الانسانية اهتمت للغاية بمثل تلك الامراض.. وهناك الكثير من الدراسات والابحاث التي تعنى بهذا الأمر.. والتي تهدف إلى دفع المريض بالتوحد.. إلى دائرة الاعتماد على الذات.. اذ اعتقد.. ان نجاح الاسرة.. هي جعل الطفل المصاب بالتوحد لديه المقدرة على ان يعتمد على ذاته.. وان يلبي احتياجاته اليومية.. او يعبر عما يريد.. هو اقصى ما نطمح اليه.. اذ كثيرا ما تقع الامهات في اخطاء جسيمة جداً حينما يضعها الله سبحانه وتعالى في اختبار وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.. أي لديه اعاقة ما.. وعندما تدفع هذا الطفل دفعا إلى ان يكون طفلا طبيعيا.. وعندما تفشل او لا تحقق الهدف المنشود لديها نجدها قد وضعت نفسها.. في موضع نفسي صعب.. ونجدها ايضاً وللاسف الشديد قد اساءت اكبر اساءة لهذا الكيان البريء.. فهي برغبتها تلك تضيف اليه اعباء نفسية تفوق قدرته.. وهنا اهيب بكل الامهات اللائي امتحنهن الله سبحانه وتعالى.. باختبار ولادة طفل له طبيعة خاصة.. ان تحمد الله كثيراً.. وان تسارع في ان تتعلم كيف تعلمه ان يعتمد على ذاته.. وان يستطيع أن ينتفع من قدراته الباقية.. اذ ان هناك الكثير من الاعاقات الجسدية والنفسية التي يصاب بها طفلنا العزيز.. اذا ما نجحنا كأمهات وآباء وباحثين وباحثات في الاستفادة من باقي القدرات لديه نكون قد ساهمنا دون ان ندري في تحطيمه وهنا نكون قد اسأنا لاطفالنا اكبر اساءة واخيراً اتمنى من كل الامهات ان تنظر دوماً إلى النصف المملوء من الكوب لتسعد باطفالها.. حتى ولو كان بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.. @ ما هو المطلوب لتوعية الامهات ضد المرض؟ * لا بد من تكثيف البرامج الصحية عبر جميع الوسائل الاعلامية وقنواتها وتقديم ما تحتاجه الامهات من نصائح وارشادات.. حياتية ان تتواجد جنباً إلى جنب مع مختلف البرامج.. فمرض مثل "التوحد" الطفولي للاسف الشديد من اكثر الامراض احتياجاً للتواصل الاعلامي.. اذ ما زال هذا المرض مجهولاً.. لا نعرف اسبابه واعراضه الكثيرة جداً تحتاج إلى المزيد من الضوء الاعلامي عليه حتى نتعامل معه منذ البداية.. وقبل ان يتحول إلى كارثة.. وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الثقافات النفسية والاجتماعية والتي نحتاج اليها بشدة.. فنحن نحتاج دوماً ان نتعلم كيف نربي اطفالنا..؟!.. سواء اكان هذا الطفل طبيعيا.. ام شاءت اقداره ان يكون طفلا لديه ظروف خاصة كالاصابة بالتوحد.