تشكل عصابات المافيا الحلقة الأقوى من حلقات الجريمة المنظمة على مستوى كل بلد وعلى مستوى العالم. لا يقتصر عمل عصابات المافيا على حقل معين من حقول الاجرام بل تتشعب نشاطاتها الاجرامية وفقا لاهدافها المتعددة والتي وان كانت تتركز على الحصول على المال الحرام بأية وسيلة الا ان وسائلها لتحقيق ذلك لا تندرج ضمن الوسائل التقليدية للاجرام. ونظرا لانها تملك (تجربة) غنية وشبكات غاية في التنظيم فانها تمارس نشاطاتها وفق قوانين صارمة تستند الى الاعتماد على نفوذها في الاوساط الحاكمة ودوائر النفوذ وصناعة القرار. يمكن للمافيا ان تطيح برؤساء دول او ان توجه سياسة حكومة ما لتحقيق مآربها. صحيح ان لكل دولة (مافياها) المحلية لكن ما يميز عصابات المافيا هو سعيها الدائم لان تؤسس لعلاقات اقليمية بل وعالمية وذلك بسبب طبيعة (تجارتها).. المخدرات وشبكات الدعارة واللاجئون وتبعات الحروب والازمات السياسية والاقتصادية هي حقول مثالية لنشاط عصابات المافيا. وفق هذا المنظور الشمولي لاتوفر شبكات المافيا فرصة حدوث اية كارثة او حدث الا ووضعته على قائمة مشاريعها. وسط انقاض الحرب على يوغسلافيا كان رجال المافيا يديرون صفقات الاسلحة والمعلومات لكل الاطراف المتحاربة بينما كانت (التسهيلات) تعطى لانتقال آلاف المراهقات من دول البلقان (للعمل) في عواصم اوروبا الغربية وفق عقود مزيفة لتسهيل الدعارة والحصول على ملايين الدولارات. بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وماتلاها من اعلان الولاياتالمتحدة الحرب على الارهاب وقيامها بشن الحرب على افغانستان والعراق لابد لمنظمات المافيا العالمية والاقليمية ان يكون لها نصيبها من تجارة هذه الحروب. ان الصاق تهمة التطرف والارهاب والانتماء للقاعدة لم يعد في حاجة للاثبات ليس فقط على مستوى الاعلام الدولي بل وعلى يد العديد من الحكومات والاجهزة الامنية. واذا كان الامر كذلك وهو كذلك فعلا فان بامكان عصابات المافيا منفردة او متعاونة وربما بالتنسيق مع بعض الاجهزة الامنية ابتزاز كائن من كان سرا او علانية من خلال تسريب المعلومات او تقديم شكاوى او حتى اختطاف بعض ذوي العلاقة والمراهنة عليهم. لايمر يوم الا ونقرأ في وسائل الاعلام عن قيام قوات الامن في هذا البلد او ذاك باعتقال عدد من المشتبه بهم في التخطيط لاعمال ارهابية. هؤلاء يكونون في الغالب عربا او مسلمين وتحديدا من منطقة الشرق الاوسط، وبعد فترة من التغطية الاعلامية حول احتمال تسليمهم للولايات المتحدة بل والحديث احيانا عن وصولهم الى جوانتانامو يجري نسيان او تناسي ما آلت اليه اوضاعهم. هذا التناسي او النسيان هو اسلوب المافيا التقليدي لدفن قرائن جرائمهم. من المسئول؟ الكل مسئول الدول والاعلام وبخاصة منظمات حقوق الانسان.