العالم جميعه يقف ضد الإرهاب - رغم عدم تحديد المصطلح من قبل الإدارة الأمريكية التي قادت هذه الحرب - وهناك وثيقة قيل إنها عرضت على الاتحاد الأوروبي بشأن التعامل مع ظاهرة (الأصولية الإسلامية في أوروبا). وكما ذكر الأستاذ ياسر الزعاترة في مقالته في ملحق الرسالة في عدد يوم الجمعة 7 ذي القعدة ان مجمل الأفكار والطروحات السائدة في الأروقة الأوروبية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا تبدو مبشرة.. وقد سبق خبر الوثيقة إقرار البرلمان الفرنسي لقانون جديد لمكافحة الإرهاب يتضمن المزيد من إجراءات التضييق على المسلمين.. وبالمثل ما لوحظ من تضييق على المسلمين في أوروبا يمضي قدماً من دون توقف بما في ذلك الدول التي لم تشهد أية أعمال عنف ذات خلفيات إسلامية مع أن وقوع مثل تلك الأعمال على نحو محدود ومعزول كما هي الحال في هولندا التي قتل فيها مخرج سينما لا يبرر أية إجراءات تحس قطاعاً عريضاً من الناس وإلا فلماذا لم يتحول كل إيرلندي في بريطانيا إلى (متهم بالإرهاب) عندما كان الجيش الجمهوري الإيرلندي يحارب انجلترا؟؟ وما ذكره الأستاذ الزعاترة من نقاط جوهرية ومنطقية في مقالته مهم خصوصاً مقارنته بعدم حظر الخمر رغم أن الحوادث الناجمة عن شربها سواء كانت حوادث سيارات أم عنف متعدد الأشكال لا تعد ولا تحصى!! كما أن أمريكا لا تحارب الأصولية المسيحية رغم وجود عشرات المليشيات التي تتبنى أفكاراً مسيحية متطرفة ولم يُحارَب اليمين المتطرف على نحو شامل رغم الكثير من أعمال العنف التي يرتكبها معتنقو أفكاره فلماذا لا ينطبق هذا على المسلمين الذين يعيشون بكل هدوء في هذه الدول ولا علاقة لهم بمن يشذ منهم.. ٭٭ وأود أن أضيف على هذه النقاط في سياق ما يقال ان أمريكا وأوروبا لهما الحق في حماية أمنهما وهذا صحيح ومتفق عليه من قبل (الجميع) بل هو من المسلّمات الأمنية لكل مجتمع وليس فقط أمريكا وأوروبا.. والسؤال الذي يفرض نفسه أليست جرائم المافيا في أمريكا وأوروبا هي من أعنف وأقسى وأكثر وحشية وعمرها كما نشر في الشرق الأوسط في عددها رقم (9873) مائة وخمسون عاماً؟! وذُكر كيف أنها كانت حركة وطنية ظهرت في القرن التاسع عشر بعد استيلاء الفرنسيين على صقلية وكان هدفها طرد الغزاة الفرنسيين وكان شعارها (الموت لفرنسا هو نداء إيطاليا) وقيل ان اسمها اختصاراً لخمس كلمات إيطالية تعني (الموت للفرنسيين جوعتم إيطاليا). وما هو مهم هنا ليس اسمها وإنما كيف انتشرت وانتقلت إلى أمريكا في عام 1931 مع هجرة الإيطاليين إلى هناك هرباً من ملاحقاتهم في بلدهم ولها فروع في غالبية الدول الأوروبية.. وكما ذكر انها ساعدت على إنزال القوات الأمريكية في نهاية الحرب العالمية الثانية في جزيرة صقلية لإطاحة نظام الديكتاتور موسوليني الذي كان متحالفاً مع المانيا، كما طلبت (المافيا) من السكان عدم التصدي للقوات الأمريكية رغم أوامر موسوليني وكانت هذه هي بداية النفوذ الأمريكي في أوروبا.. ما تقوم به المافيا ومن أخطر المجالات هو دفن النفايات السامة في الدول الافريقية والآسيوية بل والأوروبية.. وقد قتل ضابط إيطالي كان يحقق في ملف غرق سفينة قبالة السواحل الإيطالية عثر داخلها على مواد سامة ثم أغلق الملف بعد ذلك!! والجميع يعرف ماذا تعني (المافيا) في عالم القتل بوحشية ودموية فقد قام أحد زعمائهم (كيرليوني) باغتيال جميع زعمائها في يوم واحد في عام 1938م وتربع على عرشها!! وضحايا المافيا قضاة ومئات الضباط والمحامين وكل من يتصدى لجرائمهم والنساء أيضاً مساهمات مع المافيا فقد ساهمت نينينا باغريلا زوجة أحد زعمائهم في التخطيط لأكثر العمليات (دموية وفظاعة ووحشية) في تاريخ المافيا!! ربما ما يقوم به الجنود الصهاينة حالياً في فلسطين يعتبر (رقيقاً وناعماً)!! وتاريخ المافيا يرتبط بالمخدرات وتجارتها وتقدر حجم الأموال التي تدرها هذه التجارة على المافيا الايطالية أكثر من ثلاثمائة مليار يورو منها 100 مليار يورو في الولاياتالمتحدة فقط .. وتذكر احصائية أخرى ان حجم ما يوصف بالأموال القذرة التي تعمل فيها المافيا يقارب 600 مليار يورو أي أكثر من ثلث الناتج القومي لكافة دول العالم. ويُقدر أن نسبة 10٪ من رأسمال التجار ورجال الأعمال تستخدم لشراء ذمم السياسيين ورجال الأعمال الراغبين في توسيع ثرواتهم وضباط الأمن والجيش والإداريين الكبار العاملين في الوزارات والمطارات بمن فيهم الوزراء ومديرو المطارات.. هذه المافيا ألا تستحق ممن يعمل من أجل القضاء عليها الدراسات واللقاءات والمؤتمرات في أوروبا وأمريكا وهي الدول المتضررة من تجارتها وجرائمها الموحشة والموغلة في القسوة وأفلامها التي تعرض في صالات السينما وتوضح كيف يتحول البشر عند عصابات المافيا إلى فئران وحشرات يتفنن في تعذيبهم وقتلهم وتقطيع أجزاء أجسادهم وهم أحياء؟!! ما يذكر عن المافيا الآن انها تحاول ابعاد المرأة عن القيادة لكشفها الكثير من الأسرار عبر الخصومات النسائية التي وصلت إلى حد استخدام السلاح في صالونات التجميل والكازينوهات وقتل بعضهن بعضاً وسقوطهن في يد البوليس الذي تمكن من معرفة الكثير من الأسرار من خلال الضغط عليهن ولا أدري هل يتم تعذيبهن كما يحدث للفلسطينيات على أيدي الجنود الصهاينة وللعراقيات من تجريد لملابسهن واغتصابهن؟! ٭٭ ما أخشاه أن تتحرك برامج الأممالمتحدة ومؤتمرات المرأة العالمية للدفاع عن حق (النساء في قيادة عصابات المافيا وعدم إقصائهن عن هذا الحق)!! ذلك أن (المافيا) رغم إرهابها المستمر للأمن الصحي والنفسي والاجتماعي للدول التي تنتشر شبكاتها فيها بدعم من الأحزاب السياسية ورجالات الصناعة المستفيدين منها إلا أنها لا تزال قائمة وتنتشر شبكاتها وبدأت تغير من استراتيجياتها من عدم الاعتماد على السلاح فقط بل باستخدام (الأناقة والمال واستخدام الشباب المثقف) وأصبحت أمراً معتاداً لا تهتم وسائل الإعلام بتخصيص الحديث عن جرائمها ودورها في تدمير الإنسان صحياً ونفسياً من خلال المخدرات التي ترأس ترويجها وصناعتها.. ٭٭ ظاهرة الإرهاب ليست هي ما يرتبط بالمسلم ولا بمن هو أصولي كما يقولون، بل ترتبط بالدرجة الأولى بمن يملك القوة كي يسوغ جرائمه ويفرضها على الجميع..؟