تقوم مؤخرة العين بمهمة استلام الضوء الذي يركزه القسم الامامي من العين وتحويله الى نبضات عصبية تمر على امتداد العصب البصري الذي يمتد من خلف الشبكية الى الدماغ, اما الشبكية وهي طبقة من الخلايا العصبية الحساسة للضوء تبطن ثلاثة ارباع القسم الخلفي لمقلة العين فهي التي تستلم الضوء, وهناك نوعان من الخلايا العصبية تعرفان استنادا الى شكلهما العام, بالخلايا القضيبية والخلايا المخروطية, تميز الخلايا المخروحية التفاصيل الدقيقة والالوان ويتركز وجودها بكثرة في وسط الشبكية في مؤخرة العين تماما مما يفسر ضرورة النظر بصورة مستقيمة الى الشيء لرؤيته بوضوح, اما الخلايا القضيبية التي يوجد معظمها على ما تبقى من الشبكية من تميز تفاصيل أقل ولا تميز الالوان على الاطلاق, الا انها اشد حساسية من الخلايا المخروطية لدرجة الضوء الداخل الى العين ويمكنك غالبا رؤية الشيء بوضوح اكثر في الضوء الخافت بالنظر اليه جانبيا وليس مباشرة, هذا شرح مبسط للشبكية يبين اهميتها واهمية المحافظة عليها, والجدير ذكره انه من الصعب اجراء تشخيص سريع للاعتلالات التي تصيب الشبكية ومؤخرة العين بصفة عامة نظرا لعدم امكانية ملاحظتها من خارج العين الا باستخدام معدات خاصة, لذا استضفنا الدكتور ياسر رضوان ليبين لنا اهم تلك الاعتلالات وطرق الوقاية وكيفية العلاج. * كما ذكرت تتكون الشبكة من طبقة رقيقة من الخلايا الحساسة للضوء التي تبطن ثلاثة ارباع مقلة العين, يوجد تحت هذه الشبكية طبقة من الأوعية الدموية التي تعرف بالمشيمية وتزود الشبكية بالمغذيات والأوكسجين, وفي حال ارتفاعها بعيدا عن المشيمة الواقعة تحتها يطلق على هذا الوضع (انفصال الشبكية) وسبب حدوث هذا الانفصال يعود معظم الحالات الى نشوء ثقب في الشبكية, ناتج اما عن اعتلال الشبكية او عن الخلط الزجاجي الذي ينكمش بعيدا عن الشبكية فيمزقها, ينشأ هذا الثقب عادة قرب طرف الشبكية وينساب عبره سائل الخلط الزجاجي, ويبدأ بفصل الشبكية عن الطبقة المشيمية, اذا تركت هذه الحالة دون علاج تستمر في التطور وترتفع الشبكية شيئا فشيئا عن الطبقة المشيمية وفي نهاية الامر تظل الشبكية مربوطة فقط بالجسم الهدبي في مقدمة العين ويطرف القرص البصري في مؤخرتها, ان الاعراض الوحيدة التي يمكننا ملاحظتها هي حصول شذوذ في الرؤية في العين المصابة, ولكن بما ان العين الاخرى تظل سليمة فان الاعراض المبكرة لهذا الاعتلال لا تتم ملاحظتها عادة. قد تكون الاعراض الاولى ومضات ضوئية تحدث غالبا اشكالا طافية سودءا شبيهة بخيوط العنكبوت عندما يكون الثقب في طور التكوين, وبعد ان تبدأ عملية الانفصال يلاحظ الشخص فقدان قسم من الحقل الخارجي للرؤية في العين المصابة يظهر على شكل ستار اسود مسدل فوق العين, واهم مخاطر هذه العلة, احتمال اصابة العين بعمى دائم في حال اهمل العلاج, كما من المحتمل ان يتبع انفصال الشبكية في عين واحدة انفصال الشبكية في العين الاخرى, ولكن لله الحمد توجد اجراءات تتبع خلال المعالجة لمنع حدوث مثل هذا الاحتمال, لذا على الشخص الذي تظهر لديه الاعراض الاسراع بمراجعة الطبيب الذي يتمكن من اكتشاف حدوث الانفصال الشبكي من خلال النظر داخل عينه بواسطة جهاز يعرف بالمعيان, وفي حال اكتشف وجود ثقب الشبكية قبل حصول الانفصال الشبكي, يقوم بسد هذا الثقب بصورة دائمة بواسطة التجميد او شعاع الليزر بعد اجراء التخدير الموضعي, اما اذا كان الانفصال الشبكي قد بدأ, فيجري له الجراح عملية تحت تخدير عمومي يتم خلالها دفع الطبقات الخارجية لمقلة العين في منطقة الثقب الشبكي الى الداخل, ويسد الثقب بصورة دائمة بواسطة التجميد او يتم تصريف السائل فتغوص المشيمة في مكانها الطبيعي, واذا تم اجراء العملية قبل ان يصيب الانفصال القسم المركزي من الشبكية, تعود الرؤية عاة الى حالتها الطبيعية بعد العملية, ولكن اذا كان الانفصال اكثر توسعا وتأثرت الرؤية المركزية بسبب ذلك, تظل الرؤية مشوشة الى درجة معينة على الرغم من اعادة الحقل الكامل للرؤية الى العين, وفي عشرة بالمائة من حالات الانفصال التام لا تغوص الشبكية باتجاه المشيمة بعد اجراء العملية وتظل العين عمياء, ولا يتكرر حدوث الانفصال الشبكي بعد اجراء العملية الجراحية الا في حالات نادرة, ومن المحتمل جدا بعد حدوث انفصال الشبكية في عين واحدة ان تصاب العين الاخرى بمثل هذه الحالة ولذلك يجب ان تفحص العين السليمة ليتمكن الطبيب من اكتشاف اي مناطق ضعيفة في شبكيتها ومعالجة هذه المناطق سوية مع معالجة العين المريضة. ننتقل الى الحالة الثانية وهي انسداد الشريان الشبكي: يوصل الشريان الشبكي المركزي الدم اللازم للألياف العصبية الى الشبكية, وهو عبارة عن وعاء دموي دقيق يدخل الى مؤخرة العين مع العصب البصري, في بعض الاحيان وغالبا لدى الاشخاص المتوسطي العمر او المتقدمين في السن, ينسد الشريان او أحد تفرعاته اما بسبب جلطة دموية ناتجة عن تخثر الدم او بسبب سدادة ارتحلت من وعاء دموي مريض في مكان آخر في الجسم, يحدث العمل الفوري في العين اذا انسد الشريان الرئيسي فيها وتنعدم الرؤية جزئيا اما في النصف الاعلى او في النصف الاسفل للعين اذا انسد احد تفرعات الشريان الرئيسي فيها, لذا من يتعرض الى انعدام مفاجىء كامل للرؤية او جزء منها في عين واحدة يتوجب عليه فورا مراجعة طبيب او الذهاب الى المستشفى لأنه اذا اعطي العلاج اللازم خلال بضع ساعات فقد يكون ممكنا استعادة جزء من الرؤية في العين, ليتم ذلك من خلال اجراء عملية مستعجلة او بتناول ادوية تبعد الجلطة او السدادة الى موقع يتعرض فيه جزء اقل من الشبكية لتأثير الانسداد. انسداد الوريد الشبكي: ينقل الوريد الشبكي المركزي الدم المستعمل بعيدا عن الشبكية في حالات نادرة وبصورة رئيسية ابتداء من متوسط العمر ينسد هذا الوريد او احد تفرعاته بفعل جلطة دموية, وعند حدوث هذا الانسداد يبدأ الدم والسائل النسيجي التسرب خارج الوعاء الدموي المسدود فيسبب ذلك تشويش الرؤية لبضع ساعات, يترافق غالبا هذا الاعتلال مع المراحل المبكرة لمرض الزرق المزمن البسيط, او مع حالة ارتفاع ضغط الدم, وفي حالات نادرة ينشأ هذا الاعتلال نتيجة داء دموي يميل فيه الدم الى التجلط بسرعة اكبر من المعتاد, مثل داء كثرة الكريات الحمر, من الممكن اعادة امتصاص الدم المتسرب بصورة طبيعية عبر جدار الشبكية, ويتحسن بالتالي النظر خلال بضعة اشهر, كما يمكن وقف تفاقم الاعتلال بضبط افضل لارتفاع ضغط الدم واجراء فحص منتظم للعينين. تضخم المشيمية: وهو تضخم طبقة الأوعية الدموية الموجودة تحت الشبكية وهو يترك بعد زواله ندوبا على المشيمية والشبكية لا يمكن غالبا اكتشاف السبب الدقيق لهذا الاعتلال, الا انه قد يحدث نتيجة عدوى جرثومية يلتقطها الجنين, كما تحدث عند نسبة ضئيلة من الاطفال نتيجة عدوى جرثومة تشبه الدودة تدخل الى جسم الطفل بعد ان يلمس برازا لكلب او لقطة وينقل العدوى الى فمه, يسبب هذا الانتفاخ تشوش الرؤية المركزية, دون ان يسبب اي الم, فاذا لاحظ المصاب اي تشوش في الرؤية يجب ان يراجع الطبيب دون ابطاء ليجري فحوصا للدم وصورا بأشعة أكس بحثا عن السبب الكامن لهذا الاعتلال, تعطى الأدوية السترودية للقضاء على الانتفاخ وازالة التشوش في الرؤية وفي الحالات الشديدة غير الناتجة عن العدوى يصف الطبيب ادوية مانعة كابتة. واخيرا اعتلال الشبكية الناتج عن السكري: ينحل الكثير من الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في شبكتي العينين عند نسبة صغيرة من المصابين بداء البول السكري ومن المحتمل ان تسرب الأوعية المتبقية الدم والسائل النسيجي الى الشبكية مسببة بذلك خفضا دائما لحدة الرؤية, وقد تنمو عن مصابين آخرين اوعية دموية جديدة هشة على الشبكية وتنزف في حالات كثيرة الدم الى الخلط الزجاجي مسببه إعتاما او طمس الرؤية لمدة متفاوتة من الزمن, يعاد عادة امتصاص الدم الذي دخل الى الخلط الزجاجي عبر الشبكية, ولكن تكون نتيجة هذا العمل انسجة الندوب حول الأوعية الدموية التالفة, مما يشوه او يطمس اجزاء من الشبكية ويؤدي فيما بعد الى فقدان دائم للبصر. يحدث الاعتلال غالبا عند مرضى البول السكري الذين يفشلون في الضبط الصحيح لمستوى الجلوكوز في الدم, ومن جهة أخرى يتعرض كافة المصابين بداء البول السكري للاصابة باعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري, ولذلك يتوجب عليهم اجراء فحوص منتظمة لأعينهم إذ ان الضبط الافضل لمستوى الجلوكوز في الدم يخفض احتمالات الاصابة بهذا الاعتلال والعلاج يكون بمحاولة منع نمو الأوعية الدموية الهشة التي تنزف الدم من خلال استعمال شعاع ليزر, كما يمكن معالجة النزف الى داخل الخلط الزجاجي الذي لم يختف خلال سنة واحدة من خلال الصرف الخلط الزجاجي واستبداله بخلط اصطناعي.