عزيزي رئيس التحرير تعقيبا على ما كتب في صحيفتكم المحبوبة من تعقيبات على موضوع الزوجة الاولى والتعدد في كل من العدد (10980) على لسان الاخ د. عبدالاله المحمود والعدد (10984) على لسان الاخ ابراهيم العسيري.. فان اعماقي تلهج بالشكر الجزيل للاخ المحمود لتعقيبه الواعي المتبصر على ما كتبته الأخت امال الضريس في عدد سابق, فهو دليل على حكمة وبصيرة نافذة.. وانسج للاخ العسيري من الكلمات تحية شكر عذبة, فقد بعث هذا الشاب الفاضل في نفسي شيئا من امل يحتضر في عقلية شباب بلادنا ورجالها, اذ ان معظمهم بكل اسف يحقرون المرأة ويعاملونها معاملة السيد للعبد ويظنون بها اسوأ الظنون ولا شك في ان هناك باقة حنونة من الآباء والاخوة والشباب الطيب المثقف - ولهم جميعا تحية ترفل بمشاعر الوفاء والعرفان - لكنهم قلة شحيحة, شموع دافئة تحترق في ظلمة مجتمع يرفض التطور, ومقالة ابراهيم العسيري كانت عزاء للمرأة والشابة المسحوقة في مجتمعنا حتى النخاع. اخي العزيز عسيري.. شكرا.. وان كنت ارجو ان تسمح لي بأن أدلي برأيي المندهش لاصرارك على الزواج من مطلقة, اذ يجب التنبيه الى نقطة هامة, فبينما توجد آلاف المطلقات ظلما ممن يتحسرن على حياتهن وانفسهن, هناك ايضا عدد من النساء المطلقات عن جدارة بسبب سوء سلوكهن مع ازواجهن وتصرفاتهن المشينة التي دمرت حياتهن الزوجية والامثلة على ذلك كثيرة بكل اسف, فأنصحك يا اخي بالتروي والتفكير جيدا في هذه المسألة لئلا تقع فريسة زواج فاشل من امرأة لا تعرف قدرك فتحيا حياة تعيسة تلعن معها جميع النساء, واعلم ان المهم حقا في الزواج اولا واخيرا هو التوافق والتفاهم والتناسب وخوف الله عز وجل في الطرف الآخر, فان وجدت من تناسبك فتوكل على الله تعالى وتزوج سواء كانت مطلقة او آنسة, والمهم ان تكون زوجتك من بنات بلدك وليست غريبة كما يفعل شبابنا هذه الايام بكل اسف. وارجو ان تسمحوا لي بغمس قلمي في خضم لجة ظاهرة العنوسة كما يسميها البعض, فمما يؤسف له اننا في اعلامنا المحلي كثيرا ما نبالغ ونسرف في الحديث عن عنوسة المرأة, وكأننا نتحرق شوقا للحط من قيمة المرأة في مجتمعنا على الرغم من كونها ليست بحاجة الى المزيد من اهانة كرامتها والحط من شأنها وانتقاص قدرها اكثر مما هو منتقص, فضلا عن ان جميع الدراسات والتحليلات التي تناولت الموضوع بالدراسة تصب اللوم دائما على المرأة في محاولة جائرة لاظهارها السبب الوحيد في تزايد هذه الظاهرة في بلادنا, فقلم يهذي بقصة غلاء المهور التي اصبحت قصة مهترئة لكثرة ما لاكتها الاقلام واللقاءات الاعلامية, وغدت قصة بعيدة عن الصحة بعد الانخفاض الشديد في مقادير المهور المطلوبة في السنوات الاخيرة, وذاك قلم يهرطق بقضية رغبة الفتيات في اتمامهن الدراسة والعمل مما يؤخر زواجهن وذلك كما نعرف جميعا غير صحيح, فالفتاة في الغالب تتم دراستها الجامعية وعمرها اثنان وعشرون سنة تقريبا, وهو ليس بالسن الكبير الذي يؤدي بالرجال إلى العزوف عن الزواج منها, فتلك كلها اسباب واهية يتشدق بها اشخاص ينظرون الى الموضوع من زاوية مهترئة قديمة يعلوها الغبر, بينما الاسباب الحقيقية تقبع مكبلة في الظل لا يعرفها الا القليل من الناس, وعلى هذا فاسمحوا لي بذكر بعض تلك الاسباب الحقيقية على سبيل المثال وليس الحصر: 1 - تزايد نسبة زواج السعوديين من الشبان بغير بنات بلدهن من الشابات لاسباب واهية سخيفة, بينما لا تستطيع المرأة السعودية الزواج بغير السعودي بسبب الكثير من الاعراف الاجتماعية البالية. 2 - رفض العديد من الرجال الزواج بمن تفوقهن علام وثقافة من النساء في بلادنا. 3 - رفض العديد من الرجال الزواج من عائلات متواضعة ماديا وان كانت طيبة المعدن والسمعة. 4 - تأثر بعض الشبان بسلوك المجتمع الغربي الذي يفضل كثير من افراده الاستمتاع بالحرام على الزواج والاستقرار. 5 فرض الكثير من الشبان طالبي الزواج الشروط التعجيزية على الشابات اللاتي يتقدمون لهن, وعدم احترامهم مشاعر وكيان هؤلاء الشابات بتعاملهم معهن كسلع تباع وتشترى بالمال وليس كشريكات حياة المستقبل. 6 - انتشار بعض الامراض المزمنة كالسكري والوراثية كفقر الدم المنجلي والجلدية المعدية لدى الكثير من الشبان والشابات في يومنا هذا مما يؤخر نصيبهم في الزواج قليلا. وليس معنى كتبت انني متحاملة على شباب بلادنا او كتبت مقالي في معرض اللوم فقط, بل على العكس تماما.. ففي منظوري اننا في بلادنا الحبيبة يجب ان نواجه كل مشكلة بصدق وصراحة ونفصح عن جميع ما يعتلج في اذهاننا من افكار ونبسطها تحت الضوء لنجد الحلول التامة والجذرية لها, فمما يؤسف له ان الكثير من مشاكل المجتمع في بلادنا نراها مبسوطة على صفحات اعلام الدول المجاورة, فيشبعونها تحليلا وتمحيصا بينما نخجل من تعاطيها كسعوديين, وهذا ما لا نرضاه جميعا لأنفسنا كاخوة واخوات نحيا على ارض وطن واحد. زينب عابد الدمام