«طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    فعل لا رد فعل    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لا تتزوج مسيار يا جبان»..!
بعد سنوات قليلة من انتشاره في المملكة لم نصل بعد إلى تقييم إيجابياته وسلبياته علمياً
نشر في الرياض يوم 08 - 10 - 2014

لا يختلف اثنان على ما وصلت إليه نسب الطلاق والخلع والعنوسة في المملكة من أرقام كبيرة، تعود لأسباب تختلف باختلاف عواملها وظواهرها، والتي تأتي متزامنة مع ما يواجهه الشباب حالياً من صعوبات حقيقية تُعيقهم عن الإقدام على الزواج التقليدي؛ نظراً لارتفاع قيمة المهور، وتجهيزات الزواج المُكلفة، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على مسكن، وقبل ذلك إيجاد الوظيفة المناسبة، حيث يرى البعض أنّ تلك العوامل أدت إلى لجوء البعض لاختيار زواج المسيار وتزايد الطلب عليه، وتحديداً مع مرونة شروطه وتكاليفه المادية القليلة مقارنة بالزواج التقليدي.
يبقى حلاً ولكنه في الغالب مؤقت ولا يليق بالمرأة
أن تتنازل عن حقوقها مقابل نفقة أو لذة
وعلى الرغم من إجماع شريحة كبيرة من العلماء على جواز المسيار في ظل أهدافه العديدة، والتي تكمن في تكاثر النسل وإنجاب الذرية، وتحقيق العفاف وصون الإنسان عن التورط في الفواحش والمحرّمات، بالإضافة إلى التعاون بين الرجل والمرأة على شؤون العيش وظروف الحياة، وكذلك إيجاد الود والسكينة والطمأنينة بين الزوجين، وتربية الأولاد، وما يقوم عليه من إعفاف لكثير من النساء ذوات الظروف الخاصة، إلاّ أنّه وما زال يواجه عدد من المعوقات المانعة لقبوله مجتمعياً، وما يصحب ذلك من تأثير على الجانب الأسري بشكل متواصل؛ مما دعا البعض إلى المطالبة على وجوب إعلانه أمام الملأ بشكل رسمي، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، من خلال تحسين إجراءاته المؤدية إلى حفظ كرامة المرآة، وإعطائها حقوقها الكاملة، وفق تنظيم يحمي الجميع. واختلف أفراد المجتمع في قبولهم لزواج المسيار بشكل معلن، بالإضافة إلى تحفظهم الشديد تجاهه، ومن جهة أخرى يرى البعض على وجوب حصره في حالات خاصة جداً، معتبرين أركانه وشروطه جائزة شرعاً، إلاّ أنّهم يرون بأنّ له نتائج سيئة.
وبالنظر إلى مستوى تقييم زواج المسيار في المملكة فإنّه قد شهد على عدد من الممارسات السلبية من قبل بعض أفراد المجتمع؛ مما شكّل صورة ذهنية غير جيدة في رفض المجتمع لقبوله، وما يحمله من إهانة للمرأة، حيث كان لزاماً إصلاح الخلل بناء على اتفاق مسبق بين الطرفين وتوعية أفراد المجتمع باللجوء إليه بأفضل الممارسات، بعدما وصل إليه من مستويات غيرت من مقاصده الحقيقية وأهدافه الصحيحة.
المجتمع الذكوري متقبل فكرة الزواج ويبحث عنه بطريقة توحي بخلل في حياتنا الاجتماعية
"الرياض" ناقشت مع عدد من المختصين تقييم زواج المسيار بالمملكة بعد سنوات قليلة من انتشاره، وعلاقة ذلك بارتفاع نسب الطلاق والعنوسة، وما يواجهه من رفض مجتمعي، والبحث عن حلول ممكنة لإصلاح خلله من وجهة نظر مجتمعية.
واقع مجتمعي
في البداية ذكر "د. علي بن عبدالله البكر" - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بقسم علم النفس ومتخصص في الإرشاد والعلاج النفسي - أنّه لا توجد إحصاءات أو دراسات دقيقة تقيّم واقع زواج "المسيار" في المملكة، وقد يكون لطبيعة هذا الزواج وسريته دور في ذلك، مؤكّداً على أنّ زواج "المسيار" أصبح يمثل واقعاً اجتماعياً، كما أنّه أصبح جزءا من الحل لبعض المشكلات، إلى جانب أنّه سبب في مشكلات أخرى، موضحاً أنّ أهم الأسباب التي دعت إلى زواج "المسيار" الرغبة في السرية، ولا يخفي على أحد ما يجده الرجل الراغب في التعدد من مقاومة على مستوى الزوجة الأولى، وكذلك الأسرة، بل والمجتمع، بالإضافة إلى محاولة بعض الراغبات في زوج "المسيار" الحفاظ على مشاعر أبنائهم، حتى ولو في الحدود الدنيا.
وقال إنّ هذا الرأي وإن كان وجيهاً ومطلوباً لحفظ الحقوق وإتاحة الفرصة الكاملة لممارسة الحياة الزوجية وتحمل المسؤولية دون مؤثرات وضغوط وخوف من انكشاف الأمر، إلاّ أنّ السرية ستظل هي المبرر الأكبر لزواج "المسيار" ولو فرض ذلك ستقل النسبة، وبالتالي نعود إلى الزواج المعتاد وستبقى الحال كما هي، معتبراً أنّ الحل الحقيقي في تقبل التعدد على مستوى الفرد والمجتمع، وتغيّر اتجاه الزوجات نحو ذلك، مع التأكيد على دور الرجل في نجاح التعدد بما يقوم به من ممارسات تحفظ الحقوق وتضمن العدالة، لافتاً إلى أنّ المشكلة ليست في المنهج، وإنما في التطبيق، وهذا للأسف ما أفرز الحاجة إلى زواج "المسيار".
تقبل المجتمع للتعدد كفيل بالحد من زواج المسيار
وأضاف أنّ زواج "المسيار" جاء كحيلة لعلاج مشكلة وهي الحاجة للزواج، ولكن الحيلة دائماً تجعل الإنسان في حالة توتر، وخوف، وقلق، وبالتالي فإنّ ذلك سينعكس على حياته الأسرية ومستوى مشاعره، والممارسات والسلوك، مؤكّداً على أنّه لا بد أن يلاحظ من حوله هذه التغيرات وربما يحاولون استكشاف الأمر ومحاولة استجوابه، وقد يصل الأمر للانتقاد واللوم، ومقارنة وضعه الحالي بالسابق الذي يرونه فيه أكثر استقراراً وأكثر قرباً وبشاشة وأحرص على التفاعل؛ مما يتسبب في وجود فجوة بين الرجل وزوجته وأبنائه، وفي المقابل المرأة ونظرة من حولها إليها، خاصةً أبناءها فتصبح مشتتة بين وضع الزوج والأبناء، حتى إنّ بعض الأبناء قد يتمرد عليها، وقد يعتبر زواجها بهذه الصورة خروجاً عن الواقع ويمثل أنانية؛ مما يشكل لها ولهم صراعاً نفسياً قد يؤدي بها إلى طلب الانفصال أو تخسر أبناءها وهذا يعيدنا إلى أن عمر زواج "المسيار" الافتراضي قصير.
وأشار إلى أنّ المشكلة بأن الخلل أسبابه متنوعة ومصادر هذه الأسباب ومستوياتها متعددة، وإذا كنا لم نستطع مواجهة المشكلات الزوجية وحالات الطلاق في الظروف العادية فكيف بها في حالات زواج "المسيار"، مبيناً أنّ إجراءات زواج "المسيار" الشرعية مكتملة -حسب إفادة العلماء في هذا الصدد-، ولكن المشكلة في التنازلات من قبل الطرفين دون قناعة أو إدراك للأثر، لافتاً إلى أنّ الحل الحقيقي هو في عدم الخضوع للحاجة والظروف دون وعي ومعرفة لمدى قدرته على مواجهة كل الاحتمالات والظروف، وكيف يحافظ على حقوقه التي ارتضاها بقناعة تامة، مشدداً على ضرورة عقد دورات تدريبية تأهيلية موجهة لحالات زواج "المسيار"، واللجوء إلى المستشارين المتخصصين قبل الإقدام على ذلك، بحيث تقدم النصيحة المناسبة التي قد تصل إلى التوجيه بعدم الإقدام على زواج "المسيار".
الرجل يتولى استئجار الغرفة والمرأة تحضر مع السائق أو التاكسي
تأثير أسري
ونوّه "د. هاني الغامدي" - محلل نفسي ومتخصص في القضايا الأسرية المجتمعية - إلى أنّ زواج "المسيار" دخل فيه الكثير من الجوانب الشرعية من جانب جوازه من عدمه، مؤكّداً على أنّ زواج "المسيار" قائم بشكل أو بآخر مهما كانت المسميات، والتي من الممكن اعتبارها بأنّها تمريرية لهذا النوع من الزيجات، وطالما قبله الطرفان فإنّه يعود إلى الجانب الشرعي، مبيّناً أنّ كثيرا من الأشخاص يرمي إلى جزئية ارتفاع نسب الطلاق قاصداً زواج "المسيار"، مشدداً على أنّ الزيجات ليست جميعها "مسيارا"، وليست هناك من نسب محددة توضح نسبة "المسيار" إلى الزواج الطبيعي، وفق ما هو عليه الأمر في المحاكم ضمن سجلات الزواج والطلاق الرسمية، مؤكّداً على أنّ زواج "المسيار" له تأثير أسري، يكمن بأنه ينفي جزءا مهما لعملية الوجود الكلي للزوجين، ضمن حياة يومية مباشرة للتعامل مع الحياة تحت سقف الزوجية.
وأضاف أنّه طالما كان هناك مواقفة الطرفين من البداية فقد لا يصل الأمر إلى الخديعة، مبيّناً أنّ التأثير من الجانب النفسي يأتي من بعض النساء عندما يكونون على علم بطريقة الزواج، إلاّ أنّهم بعد الزواج يتوقون للرجل بشكل أكبر، فتقلب السحر على الساحر، وبالتالي تبدأ المشاكل تباعاً، موضحاً أنّ الإشكالية تكمن في من يبدأ بعقود وينقلب الأمر لاحقاً، وذلك حينما يريد الاستزادة مع وجوده مع الطرف الآخر؛ مما يؤدي إلى ظهور المشاكل، لافتاً إلى أنّ الأمور الخاصة بالمستويات التوصيفية المتعلقة بأمور الزواج والطلاق لا يجب أن تندرج تحت أي مسمى آخر؛ لأنّ الطلاق حاصل ضمن عناصر مختلفة.
"شروط "المسيار"
وأكّد "سعيد بن أحمد العُمري" - محام ومستشار قانوني- على أنّ زواج "المسيار" من الأنكحة المعترف بها شرعاً؛ لتوافر جميع شروط الزواج من إيجاب، وقبول، وولي، وشهود، وإشهار، وبعقد صادر من مأذون الأنكحة، حيث أنّه يقترن بالعلنية والإشهار؛ لأنّه يتم بشهادة الشهود وبواسطة مأذون الأنكحة، وليس حتماً أن يقيم العريس مأدبة وحفلاً - وفق ما نصت المادة (21) من لائحة مأذوني عقود الأنكحة على أنّه: "يحرر عقد النكاح على الوثائق المخصصة لذلك من وزارة العدل بخط واضح، مع التنبيه على ما قد يقع من شطب أو تعديل أو إضافة أو غير ذلك مع التوقيع عليه وختمه"، ويتم التصديق من المحكمة بحسب نص المادة (22) التي جاء فيها: "تصادق المحكمة على صحة ختم وتوقيع المأذون بعد التحقق من سلامة إجراء المأذون ومدى تقيده بما ورد في اللائحة من خلال ما دون في وثيقة عقد النكاح، بأنه إذا انتفت العلنية يعتبر الزواج زواجاً سرياً للنقص في شرط العلنية"، مؤكّداً على أن الزواج السري يُعتبر زواجاً باطلاً لعدم توافر أركان الزواج، كالعقد الصادر من مأذون الأنكحة، وموافقة الولي، وعدم وجود شهود، وعدم تسجيل للعقد بالسجل المدني،
وقال إنّه من ناحية الميراث، يرث الأزواج بعضهما البعض وكذلك أولادهم، ومن ناحية أخرى يتم تسجيل ذلك الزواج لدى السجل المدني، والفرق بينه وبين الزواج المعروف لدينا أنّ الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها من سكن ونفقة، مبيّناً أنّ زواج "المسيار" لم يؤد الغرض المرجو منه حتى؛ لأنّ من يلجؤون إلى هذا النوع من الزواج أغلبهم من الرجال المتزوجين، حيث أنّهم لم يتمكنوا من النكاح من زوجة أخرى تطالب بكامل حقوقها من مسكن وملبس ومأكل وهم ليسوا في حاجة له، ولديهم زوجات وقد يكون زواجهم من فتيات لم يتزوجن من قبل، موضحاً أنّه حتى يؤدي هذا النوع من الزواج غرضه فننصح ولي الأمر أن يفضل لبناته وقريباته اللّواتي له حق الولاية عليهن الرجل غير المتزوج صاحب الدين والخلق، حتى لو كانت حالته المادية ضعيفة.
المرأة تدفع ثمن زواج المسيار أكثر من الرجل
وأضاف أنّ هذا النوع من النكاح دون شك يخدم المجتمع، ويقلل من العنوسة ويصون المطلقات والأرامل، ويعفُ الشباب الذين لا يستطيعون توفير تكاليف الزواج العادي، وكذلك من سكن ونفقة، مبيناً أنّ هذا الزواج يُعتبر نوعا من التكافل في المجتمع، داعياً الشباب الذين ليس لديهم إمكانات اللجوء لزواج "المسيار" حفظاً لأنفسهم وعلى الشابات القبول به حتى لا يفوتهن قطار الزواج.
أحكام تكليفية
وشدد "د. عيسى الغيث" - عضو مجلس الشورى - على أنّ إغلاق زواج "المسيار" من الناحية الشرعية يعد أمراً غير مقبول، وهو كذلك من الناحية القانونية، بالإضافة إلى الناحية الاجتماعية؛ لأنّه يعالج الكثير من الحالات التي لا يناسبها إلاّ زواج "المسيار"، معتبراً أنّ زواج "المسيار" مثل غيره يدور عليه الأحكام التكليفية الخمسة، بمعنى أنّ منه المحرم، والمباح، والواجب، والمستحب، والمكروه، مبيناً أنّه حينما تكون المرأة بكراً ويتزوجها شخص زواج "مسيار" ويضعها في بيت لوحدها ويتركها لعدة أيام ولا يأتيها، حتى وإن تنازلت هي عن بعض حقوقها فإنها في هذه الحالة تكون معرضة إلى الأذى، وبالتالي يصبح زواج "المسيار" في هذه الصورة محرماً؛ لأنّه تسبب في الأذى عليها وربما أصبح عليها نوعا من الاعتداء، بالإضافة إلى أنّه قد يهيئ لها البيئة الدافعة للوقوع في المفاسد.
وقال إنّه لا يجيز زواج "المسيار" في حال كانت الفتاة بكراً أو صغيرة، أما إن كانت في حالات أخرى فيجوز لها هذا الأمر؛ لأنّ ذلك في مصلحتها وليس في مضرتها، وكذلك في موضوع الإباحة فهناك حالات تختلف عن بعضها الآخر، لافتاً إلى أنّ تحريم زواج "المسيار" يستند في النظر إلى المآلات والمصالح والمفاسد على الحالة نفسها، سواءً كانت على الرجل أو على المرأة أو المصالح والمفاسد على المجتمع، موضحاً أنّه لا يمكن تقنين الزواج عموماً بما فيه زواج "المسيار"؛ لأنّها حالات اجتماعية وشخصية وسرية وفردية لا يمكن الاعتداء عليها، كما أنّها في الظاهر تُعتبر مقننة لوجود المأذون ووجود الإيجاب والقبول والولي والشاهدين، إلى جانب تسجيل وتوثيق وحفظ الحقوق الكاملة.
وأضاف أنّ زواج "المسيار" في الظاهر هو مثل الزواج الطبيعي تماماً، إلاّ أنّ المرأة تتنازل عن بعض حقوقها مثل النفقة والمبيت، مؤكّداً أنّه أمر شخصي وداخلي بين الزوج وزوجته ليس من حق أحد التدخل فيما بينهما، لافتاً إلى أنّه حينما نتحدث عن المفاسد الموجودة إنما هي في الحقيقة واجب المجتمع، ممثلاً بالمرشدين، والدعاة، والمفكرين، والمثقفين، والإعلاميين، بأن يؤدوا واجبهم تجاه هذا الأمر، بالإضافة إلى أن لا تضطر المرأة بأن تتزوج زواج "مسيار" وهي بكر أو صغيرة وحالتها الاجتماعية تمكنها بأن تكون عند زوجها، مؤكّداً على أنّ ذلك قد تكون عرضة تكون عليها مظلمة، إضافةً إلى أنّ تكون عرضة لمفاسد أخرى تقع عليها إما طوعاً أو اختياراً أو رغماً عنها، مشدداً على أنّ زواج "المسيار" لديه من الإيجابيات والسلبيات، حيث أنّه في حالات تكون له نتائج سيئة وفي أخرى تكون له منافع عظيمة، والأصل فيه الإباحة.
«حيلة» لإشباع حاجة.. والمرأة هي الضحية!
اعتبر "د. علي بن عبدالله البكر" أنّ ظهور زواج المسيار أفرزته كثير من المتغيرات على المستوى الشخصي للرجل والمرأة، وظروف كل منهما وعلى المستوى الاجتماعي، ونظرة المجتمع واتجاهه نحو التعدد، موضحاً أنّ لكل واقع مشكلاته وإيجابياته وسلبياته، معتبراً بعض الإيجابيات التي يأتي في مقدمتها العفة، حيث لا تخفى حاجة الرجل للمرأة، والمرأة للرجل، كما أنّه قد يكون ممهداً لإعلان الزواج في وقت لاحق، ويتيح الفرصة للإنجاب، بالإضافة إلى أنّه قد يساهم في تجاوز بعض الظروف للمطلقات والأرامل، مشيراً إلى أنّه في المقابل أي عمل يتم تحت مظلة الخوف لن يحقق الطمأنينة المطلوبة لحياة آمنة تجمعها المودة والرحمة.
وقال إنّ أي بناء لا تكتمل مقوماته مهدد بالسقوط في أي لحظة؛ لأنّه مرهون بعوامل مزاجية وإشباع حاجة قد تتبدل في أي لحظة، إذ ليس هناك ما يدعمها من أركان تفترض أن تتسم بها الحياة الزوجية وفي مقدمتها القوامة للرجل، والمسؤولية المشتركة بين الزوجين، معتبراً زواج المسيار حيلة لمواجهة الظروف في سبيل إشباع حاجة؛ لذلك فالبناء هش وقد تعصف به الريح في أي لحظة عند مواجهة الحقيقة، فالتنازلات التي تتم بين الزوجين فرضتها عليهم الرغبة وتمثل عامل ضغط مستمرا ومؤرقا لهما، مؤكّداً على أنّ عمر زواج المسيار قصير، ولا يحقق الإشباع العاطفي المطلوب وإنما يعالج لذة موقتة لبعض الحالات.
وأضاف أنّ المرأة تُعتبر هي الضحية الحقيقية لزواج المسيار؛ لأنّها في أغلب الأحيان تضطر إلى ذلك كحاجة، خاصةً الأرملة، والمطلقة، وتزيد الحاجة إذا كان لديها أطفال، أما الرجل فزواج المسيار يأخذه أحياناً كمتعة يمكن يتخلى عنه بسهولة، خاصةً إذا بدأ يؤثر على بيته أو علاقته الزوجية، أو قربه من أبنائه، أو حتى خوفه من اكتشاف زواجه، مطالباً بوضع تنظيم مناسب يحفظ الحقوق ويحقق الدرجة اللازمة لبناء الحياة الزوجية لمثل هذه العقود.
«زواج النهاريات» شرعي وليس مثل المتعة أو العرفي
بيّن "د. عيسى الغيث" أنّ زواج المسيار هو زواج شرعي مستوف للشروط، من حيث الولي، والشاهدين، بعقد شرعي، وإيجاب، وقبول، ومهر، وبالتالي فإنّ جميع الشروط مستوفية فيه، مؤكّداً على أنّ كل ما في الأمر هو أن تتنازل المرأة عن بعض حقوقها بطوعها، كأن تتنازل عن ليلتها أو نفقتها ونحو ذلك، موضحاً على أنّ زواج المسيار كان يسمى عند الفقهاء السابقين ب "زواج النهاريات"، وذلك بأنّ الزوج كان يتزوج المرأة ويقول لها "لن آتي إليكِ إلاّ في النهار"، وفي الليل إما أن يكون مرتبطا بعمل أو بزوجة أخرى؛ مما يدل على أنّه موجود في التاريخ الفقهي.
وقال إنّ هناك فرقا كبير بينه وبين الزواج العرفي أو زواج المتعة، حيث يكون الزواج العرفي في بعض البلدان بلا ولي وبلا شاهدين، فالزوجة تزوج نفسها لرجل آخر دون معرفة أحد أو ولي أو شاهدين، وأما زواج المتعة فإنّه يحدد بوقت معين وينتهي العقد بهذا الأمر، مشدداً على وجوب إيضاح هذا الجانب حتى لا يقال بأن زواج المسيار مثله مثل الزواج العرفي أو زواج المتعة.
وأضاف إنّه من ناحية المنطلق القانوني فليس هناك ما يمنع؛ لأنّ زواج المسيار في الظاهر مثل الزواج الطبيعي، من حيث العقد ونحو ذلك، ولكن يبقى أنّ الحقوق بين الطرفين بإمكان أي طرف أن يتنازل عن بعضها للآخر بطوعه واختياره "ومن ملك شيئاً ملك التنازل عنه"، مؤكّداً على أنّ زواج المسيار من الناحية الاجتماعية متعدد الأنواع، وذلك يكمن على وجود زواج مسيار محل تقدير المجتمع، وآخر على العكس، مبيناً بأنّ زواج المسيار الذي يكون محل تقدير المجتمع تكون فيه المرآة أرملة أو مطلقة، ولديها أولاد، وتكون في بيتها.
وأضاف أنّه من غير المعقول أن يترك الزوج بيته ويأتي ليسكن عند الزوجة، فبالتالي من مصلحة المرأة وليس الرجل بأن يكون زواج المسيار الخيار المناسب لها، وذلك حتى لا تخرج إلى بيته وتترك أولادها وبيتها، بالإضافة إلى باقي ظروفها الأخرى، مؤكّداً على أنّ بعض النساء تقول مثلاً: "والدتي كبيرة في السن ومريضة، ووالدي متوفى، وليس لدي إخوة"، فبهذه الحالة لو خرجت مع زوجها في بيت آخر فمن يكون مع والدتها؟ مما يجعلها تشترط أن تكون باقية عند والدتها، على أن يأتي الزوج لها ما بين وقت لآخر، لافتاً إلى أنّ زواج المسيار في هذه الصورة يصبح لمصلحة المرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.