في اليوم الثاني لبغداد عليك البحث عن أصدقاء لك كانوا هنا، وصباحك الذي يبدأ بالتشريب يجعلك أكثر احتمالا للوقت وربما الزمن الذي يسير على عجل، وتشعر بأنك لا تمتلك الوقت وعليك أن تنجز مهمتك سريعا، أبو ضحى الذي يحاول أن يختصر كل المسافات بتقديم بعض الأخبار اليومية عن بغداد. طفلة خطفت، وسيارة سرقت من صاحبها الذي كان يتباهى بها أمام عيون الناس. @@@ عليك الذهاب سريعا لمركز المساعدات الإنسانية وتنطلق من هناك، وقدم لنا بعض الزملاء نصائح في طريقة التحرك داخل العاصمة بغداد.. حاولت الذهاب للمقاهي التي يجتمع فيها المثقفون (كما قال لي مختار العراقيين في الشام - أبو حالوب) مقهى حسن عجمي.. لكنني وجدته هرما وخربا... دلني بعضهم على غللري حوار حيث يجتمع المثقفون والكتاب هناك كل يوم، لكن عليك الذهاب في أوقات الذروة وحينما تتأخر فلن تجد أحدا هناك.. الجميع يغادر قبل الخامسة كي يستطيع الوصول إلى مسكنه بسهولة قبل حلول الظلام. @@@ في الغللري صادفت الكثير من المثقفين الذين نقرأ لهم وبعض الفنانين الذين تشاهد لوحاتهم عبر الجرائد والمجلات - الفنان قاسم السبتي صاحب الغللري - المسرحي كاظم نصار وكثيرا من المبدعين، حفاوة في الاستقبال وحوار عن وضع الثقافة في العراق أثناء الأزمة.. وحينما تسألهم عن المقاهي يخبرونك عن مقهى الجماهير الذي أصبح منتدى ثقافيا أثناء الحصار وتقام فيه أمسيات ثقافية.. وعندما يأخذني إلى هناك الشاعر محمد مظلوم أكتشف بأنه مقهى متواضع جدا ربما يعود للستينات في عمره. وتعلقه فعاليات الأسبوع على سبورة خاصة. هناك شاعر يقرأ قصيدة، وهذا مبدع يكتب قصة، وتشكيلي يعيد تخطيط لوحة تنتظر لرسمها ربما بعد أن ينفك الحصار ويصبح بمقدور الفنان الحصول على نقود لشراء احتياجاته .. هنا يعلق المسرحي كاظم نصار بأن الثقافة هي في قعر الاحتياجات للحكومة الجديدة. لهذا نصبح نحن مهمشين فترة الحصار وما بعد الحصار.