التأمين الصحي في المملكة استطاع ان يحقق قفزات كبيرة خلال مسيرته الطويلة وعلى وجه الخصوص في السنوات الأخيرة مع الأخذ في الاعتبار المنجزات التي حققتها مسيرة التنمية في المملكة حيث شكلت التنمية الاجتماعية والصحية محورا أساسيا وثابتا في جميع الخطط الخمسية السبعة خلال الفترة من 1390ه 1425ه (1970م 2004م) حيث بلغت المخصصات المالية للتنمية الصحية والاجتماعية في تلك الخطط 405.5 مليار ريال. وانطلاقا من هذه الخلفية نؤكد على انه بات من الضروري البحث عن وسائل جديدة لإدارة المشروعات الصحية الحكومية وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدور أكثر فعالية في النشاط الصحي, وفتح قنوات جديدة لتمويل الأنشطة الصحية مثل التأمين الصحي خاصة بعد صدور الضمان الصحي التعاوني الإلزامي على المقيمين في المملكة. حيث يفرض هذا الوضع ضرورة صياغة رؤية جديدة لمستقبل الخدمات الصحية على ضوء الدور المتنامي للتأمين الصحي وتاثيراته المتوقعة على مجمل النشاط الصحي وعلى الاقتصاد الوطني حتى عام 1440ه (2020م). ومن الأهمية اعتبار القطاع الصحي احد مصادر الدخل المهمة للاقتصاد الوطني, من خلال ما يوفره من سيولة مالية لمقدمي الخدمات الصحية يجعلها أكثر قدرة على مواجهة التكاليف المرتفعة وعلى تقديم خدمات صحية بجودة عالية, ويجعل الطلب على خدماتها يتنامى ويزداد من قبل المؤمن لهم. ونشير في هذا الصدد الى قرار مجلس الوزراء السعودي رقم (71) بتاريخ 27/4/1420ه الموافق 11/8/1999م, الخاص بنظام الضمان الصحي التعاوني للمقيمين بالمملكة وذلك بهدف توفير الرعاية الصحية وتنظيمها لجميع المقيمين غير السعوديين في المملكة. ومع اتجاه المملكة نحو تطبيق الضمان الصحي التعاوني على غير السعوديين (كخطوة أولية) يتوقع ان ترتفع مساهمة القطاع الصحي الخاصة خاصة ان الغطاء التأميني في تلك المرحلة سيشمل ما يزيد على 5 ملايين مقيم يضاف اليهم عدد السعوديين المؤمن عليهم. كما ان سلبيات المدنية الحديثة, وارتفاع الوعي الصحي بين أفراد المجتمع السعودي, وجواز الضمان الصحي التعاوني شرعا تعتبر عوامل يتوقع لها ان تساهم في ارتفاع اعداد المشاركين في برامج الضمان الصحي التعاوني. ومن معوقات عملية تطبيق هذا النظام عدم تنظيم سوق التأمين السعودي والتباين في أسعار التأمين الصحي, وعملية تأهيل المستشفيات. ومع ذلك نتوقع الفوائد التي ستجنى من تطبيق النظام الصحي, من أهمها دعم الرعاية الصحية في القطاع الخاص وتخفيف العبء على المستشفيات الحكومية وإتاحة قناة تمويل للقطاع الصحي, وتطوير برامج للاستثمار في القطاع الصحي وترسيخ روح التعاون والتكافل بين فئات المجتمع, وتنظيم سوق التأمين السعودي, وإتاحة فرص وظيفية جديدة, ورفع مستوى جودة الخدمات الصحية. وعلى ضوء المعطيات المرتبطة بالتأمين الصحي والتي تطرقنا اليها يمكن التوصل الى انه من المتوقع ان يتطور التأمين الصحي في المملكة خلال العشرين سنة القادمة على مرحلتين, الأولى خلال الفترة (20022005م) وهي فترة تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني على المقيمين فقط والثانية ما بعد عام 2005 حتى عام 2020م وهي الفترة اتي يتوقع ان تشهد شمول النظام لجميع سكان المملكة (سعوديين ومقيمين). التعاونية للتأمين