وقفت فاطمة عند مدخل سوق السويق بالهفوف, والخوف في عينيها؟ّ تتأمل تلك المحلات التي ازدانت واجهاتها بكل الوان الطيف, وانوارها الصاخبة تغازل العيون! وكلما ولحت بنظرها في اي جهة تجذبها الانوار المتلألئة! وكان بودها ان تنتقل من محل الى آخر, اذ سرعان ما تقترب من اي محل, وتصوب نظرها داخله فجأة تبتعد!! وهكذا كانت حركتها في مد وجزر!! في هذه اللحظة شعرت انها غرقت في بحر من الحياء والخجل!! وهي ترى بنات جنسها قد حل منهن الحياء! وهن يدخلن من محل الى آخر, يحملن في ايديهن كيسا مملوء بكل ما تحتاجه المرأة من ملابس. بينما فاطمة مازالت واقفة عند اول محل وطأته قدماها, منذ ان تركها زوجها!! تتشجع بالدخول الى ذلك المحل تخطو خطوات ثقيلة, ثم تتراجع!! وتقف مرة اخرى تفكر في اعداد اسئلة, لتطرحها على البائع, لو همت بالدخول فاستندت بظهرها على واجهة المحلات, وصاغت في فكرها عدة كلمات لتكون الاسئلة لتطرحها على البائع: * من فضلك كم هذا الفستان؟ * من فضلك كم هذه العباءة؟ * من فضلت كم هذا الحجاب؟ الى هنا والأسئلة سليمة وتلبي احتياجاتها, هكذا قالت فاطمة.. ولكن مازال في بالها بعض الاسئلة التي تحتاج الى صياغة!! وفي هذه اللحظة مر من قربها رجل وزوجته, حيث دخلا في احد المحلات واشتريا جميع مسلتزماتها وخرجا من امامها.. بينما كانت فاطمة تمني نفسها ان لو كان معها زوجها!! ولكن الأماني في هذه الساعة غائبة, كغياب الشمس في هذه الليلة؟! حاولت فاطمة ان تجمع شجاعتها, وتكمل باقي الاسئلة التي مازالت تبحث عن صياغتها, وخاصة فيما يتعلق بالملابس الداخلية لها!! وعلى من تطرحها؟ على امرأة مثلها تأخذ وتعطي معها اطراف الحديث وهذا امر سهل, ام ستقابل رجلا؟ وهذه مصيبة كبرى! اغرقها مرة اخرى في بحر الحياء والخجل؟! من اخمص قدميها الى قمة رأسها!! وبيما فاطمة تتلفت يمينا ويسارا, رمقتها امرأة, ولما اقتربت منها دار هذا الحوار بينهن: المرأة: يا اختي العزيزة لقد مضى على وقوفك اكثر من ساعة!! وانا. وانا اراقبك!! هل تريدين العون والمساعدة؟ فاطمة: شكرا عزيزتي.. ولكن في الحقيقة لا اخفي عليك, اريد شراء بعض الملابس الخاصة بي, ولكن كلما دخلت محلا صادفني البائع رجلا! فأمتنع عن الشراء والسؤال؟ المرأة: كل المحلات والبوتيكات البائعون رجال!! فاطمة: طيب.. اذا كانت المرأة لا تسلم من الانظار في خارج المحلات فكيف بداخلها!! فسهام ابليس في كل موقع!! فهل نأمن هؤلاء الرجال الباعة وخيالاتهم المريضة؟ وهل اصحاب المحلات قلوبهم نقية, وغير مرضى حتى نثق فيهم؟ وكيف يجوز لي ان اوجه لرجل بائع سؤالا يخصني, وخاصة ملابسي المثيرة التي لا يطلع عليها الا زوجي؟! فكيف نسمح للغير ونبوح للبائع ما يثير غرائزه!! ونكون عرضة للنظرات الشيطانية التي تجري في عروقه مجرى الدم!! المرأة: اذا عليك ان تحضري زوجك, حتى يكون مرافقا لك.. او تستسلمي للأمر الواقع؟ فاطمة: بامكاني احضار زوجي.. واحل الامر, ولكن غيري من النساء!! هل نتركهن يصادفن نفس المشكلة!! اليس من اللائق لو قام بهذه المهمة نساء بدلا من الرجال؟ حتى يستقيم الامر من اخلاقنا, ومثلنا الدينية والاجتماعية؟ ونحمي النساء من هذا الحرج الذي يجدن انفسهن فيه من لحظة دخولهن الى هذه المحلات وحتى خروجهن!! المرأة: صدقت والله.. احترم رأيك.. ومشاعرك.. وغيرتك ولكن لا مفر من هذا الامر الذي لابد منه!! واعتذرت المرأة من فاطمة وودعتها.. وبدورها فاطمة شكرت المرأة على ما دار بينهن من نقاش كن ينشدن فيه الخير لبنات جنسهن. ثم عادت فاطمة الى موقعها السابق في مدخل سوق السويق تحدث نفسها قائلة: اذا كان ديننا الحنيف يحث على المحافظة على سلوك المرأة المسلمة من لبس الحجاب.. وعدم التبرج.. وعدم الزينة, وعدم الخروج الا للحاجة.. ولا ترفع النقاب عن وجهها في الطريق او الاسواق, ولا تلبس لباسا يغري الرجل!! فما احرانا بان يكون مجتمعنا متمسكا بالاخلاق الادبية ويخصص العمل في هذه المحلات للنساء فقط تمشيا مع خصوصية مجتمعنا الاسلامي. اتمنى وجود بائعات للملابس النسائية, خيرا من هؤلاء العمالة, الذين لا تضمن سلوكهم وان ضمنا فلا يجب علينا ان نجعل بناتنا ونساءنا يسفحن ماء الحياة والخجل امام الرجال, والحياء شعبة من الايمان. @ عبدالله بن حمد المطلق