من المسلم به في المؤسسة السياسية الامريكية بكل اطيافها المحافظة والليبرالية ان لا تمكن امرأة او اسود او يهودي من المكتب البيضاوي في جادة بنسلفانيا.. فالواقع السياسي الامريكي لايتشكل من طروحات الاعلام النافذ مثلما هو الحال مثلا في بلد كالمانيا, او فرنسا, وانما هناك قوى مؤثرة كمراكز الدراسات ومعاهد الابحاث مثل مؤسسات امريكان انتر برايز والهرتج والتي تدير القضايا وتمررها للرأي العام عبر منابر جماهيرية ومن خلال مسؤولين سياسيين سابقين في الحزب الجمهوري او الديموقراطي.. وكثيرا ما يتأثر الشارع في بلد مثل امريكا بأمور الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية, وتصبح لعبة هذه المراكز ليس فحسب التأثير على اتجاهات الشارع ببرامج المرشحين التحضيرية وانما الحفاظ على المعيار القائم في اللعبة السياسية والذي يفترض منه ان لا يحكم البيت الابيض الا ابيض بروتستانتي اسلافه انجلوساكسون.. العجيب بطبيعة الحال, ان بلدا مثل امريكا ينافح عن الحلم الانساني المشروع وحريات البشر وحقوقهم في العدالة والمساواة وبعد اكثر من قرنين من الدستور المدني ولا يقوى على تحرير نفسه من وهم العرق الازرق والعقيدة الكنسية الايرلندية صاحب الحق الشرعي في الحكم. ولكن هل في الرهان على 2008 من قبل السناتور هيلاري كلينتون بعد طرح كتابها (اعيش الماضي) مؤشر على جهوزية العقلية الشعبية الامريكية للتمرد على ايديولوجية الرجل الابيض الازلية وايصال سيدة للمكتب البيضاوي؟! وهل في زج الرئيس بوش بالسيدة كوندليزا رايس مستشارة الامن القومي والمقربة منه لعملية السلام على حساب كولن باول وزير الخارجية اشارة قوية لاطراف العملية السلمية باهتمام الرئيس الامريكي الشخصي وتورطه بجدية في العملية السلمية اكثر من اي وقت مضى؟! ام ان في ذلك اشارات سياسية لدور متقدم جدا تلعبه السيدة رايس في ترشح الرئيس بوش لرئاسة العام 2004م؟! بطبيعة الحال افلاس العديد من زعامات الحزبين واحتراف قيادات الديموقراطيين قد يخدم مسز كلينتون او مسز دول او من يدري ربما مسز رايس ويعزز من حظوظهن في حكم امريكا في ألفية التغيير واللامعقول؟! كل شيء يبدو ممكنا الا ان تتخلى مراكز القوى عن ايديولوجية خدمة مصالح ولاتزال في مؤسسة السياسة الامريكية.