يعرف القدماء العلم بقولهم: (العلم ادراك الشيء على ما هو عليه) اما في العصر الحاضر، فيعرفه الدكتور اسامة امين الخولي بالقول: (العلم جهد إنساني منظم في محاولة فهم ما يجري حولنا في العالم (العلوم الطبيعية) امتد فيما بعد لمحاولة فهم ذواتنا نحن (علم النفس) والعلاقات التي تربط بيننا في التجمعات الانسانية (العلوم الاجتماعية) في اطار من علاقات الاسباب والنتائج. قد يكون في هذين التعريفين القديم والجديد بعض الغموض ولكن ارسطو حين قال: (العلم هو معرفة الاسباب) وضع امامنا تعريفا بالغ الوضوح، فمعرفة الاسباب هي العلم. اما ما عدا ذلك فيدخل في احد نطاقين: الوهم او الاحتمال. وهنا يأتي السؤال التي اجلت طرحه في الحلقة السابقة وهو: سلوكنا الذهني والعملي، وكل آرائنا التي تقود خطانا في فهم الاشياء. هل هي كلها مستندة الى معرفة الاسباب. اي العلم ام لا؟ اظن ان في قدرة كل شخص منا الاجابة عن هذا السؤال بسهولة تامة فنحن لا نقيم وزنا لما يسمونه (السببية) بل ننكرها في كثير من مواقفنا وآرائنا حتى حدود الايمان بالخرافة، وبتعطيل فعل الاسباب تعطيلا مطلقا. تدوير المربع هو ضرب من الاستحالة، ونحن في كل نشاطنا الذهني والعملي نؤمن بسهولة وحدوث تدوير المربع. هذا هو بلاؤنا المزمن. اول ما يلزمنا ان نفعله هو الايمان الكامل بتعريف ارسطو للعلم، لان هذا الايمان سيغير نظرتنا الى كثير من الامور التي تمس سلامة التفكير وأساليب الحياة. ان مفردة (عالم) ليست صفة يمكن اطلاقها بسهولة الا في حالة واحدة هي نكران تعريف العلم بأنه معرفة الأسباب. وهذا - مع الأسف - ما هو حاصل الآن