يعتبر الفنان التشكيلي الكويتي الراحل عيسى صقر من ابرز النحاتين الخليجيين والعرب، وهو مع سامي محمد وخزعل لمعرض وجاسم بو حمد تقدموا مسيرة النحت في دولة الكويت، بل وكانوا روادها، ومن خلال البدايات كان هؤلاء، وربما آخرون دخلوا مرحلة تحد كبيرة مع محيط عرف الرسم واللوحة المعلقة. وعندما ابتعث عيسى صقر للدراسة في مصر عام 1962 كأول دارسي النحت من الكويتيين في هذا التاريخ المبكر من عمر الفن التشكيلي الكويتي فقد كان دلالة على ما يمتلكه هذا الشاب من مواهب وجعلته فيما بعد أحد رموز الفن التشكيلي في منطقة الخليج العربي عامة. استمرت دراسته في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة اربعة اعوام عاد بعدها محملا بالطموح والعطاء، وكان أول المتفرغين للمرسم الحر قبل ابتعاثه للقاهرة. بينالي الشارقة في دورته السادسة استضاف معرضا خاصا لاعمال عيسى صقر المنحوتة والخزفية واعمالا اخرى من التصوير اتجهت معظمها الى منابع واحدة هي الموروث الاجتماعي في دولة الكويت. يقول الفنان الراحل عيسى صقر: ان الفنان يعيش مع الخيال الرائع والخيال مرادف للحلم وهو بمثابة السفر او الرحيل الى عوالم تقود بنا الى الواقع في شكل فكر، فنا او قصيدة، خلال هذه الرحلة الطويلة التي مررت فيها بالكثير من الخطوط الفنية للنحت والرسم اتمنى ان اكون قد وصلت خلالها الى نموذج لمعالجة الواقع وقضاياه عبر رسالة فنية افنيت فيها كل حياتي التي وهبتها للفن.ويعتبره الفنان والناقد الكويتي عبدرب الرسول سلمان وهو رفيق دربه الذي لازمه وعاش معه عشرات الاعوام يقول عنه في كتاب مصور لاعمال (صقر) انه فنان ذو موهبة فنية يذكيها طبع مرهف واستعداد فطري مكنه من الاستجابة الى مؤثرات البيئة ومظاهرها، بل اندمج مع البيئة وخلع عليها من احاسيسه ووجدانه حتى اصبح هو والطبيعة التي يتأملها ثم يجسدها شيئا واحدا، لقد ظل الفنان منذ البدايات الاولى أمينا على رموز البيئة رغم دراسته في مصر والولاياتالمتحدةالامريكية. تضمن المعرض الذي حمل (وفاء للذكرى) أعمالا مختلفة بين الخزفيات التي تشكلت جماليا ضمن تكوينات لينه لا تبتعد كثيرا عن اختزالاته عندما يرسم وضعا آدميا لامرأة او لرجل، فأعماله التي حملت هذه الاوضاع المختلفة تراوحت بين مواضيع الرقص والحكايا والجلسات وكذا المواضيع الطريفة او ما لبعضها من اثر في الحياة الشعبية الخليجية كأعماله (السعلوة) او (الخبير) او البخنق، وغيرها على ان الايجاز الذي يظهر في اعماله الاخيرة والمشغولة بالخزف تعتبر امتدادا طبيعيا لمتغيرات في تجربته الفنية التي كانت اكثر مباشرة في المواضيع او الاعمال المبكرة كالخبير والمراهق والعطش والحرام ومواضيع اكثر شعبية كالنمام والمروس والعرضة وضاربة الطبل، وهي تحمل تواريخ مختلفة من عقد الستينات. لقد أظهرت أعماله الاخيرة مقدار هذا الامتداد الحثيث حتى ان القطعة الواحدة تكاد تشف نفسها وهي قطعة الخزف المشكلة بمواضيع توحي غالبا بالامومة والرهافة معالجا خزفيته بتشققات مقصودة لبيان او تأكيد اثر ما. تعيد بعض صيغ عيسى صقر الاستطالية المشاهد الى بعض أعمال محمود مختار، فالفنان بدا في مرحلة من حياته وانجازاته الفنية متأثرا بمشاهداته لصرحيات مختار عندما كان يدرس في مصر، او بعد ذلك، حتى في بعض الاعمال الاخرى التي تتحرك فيها ألبسة الفتيات كما في عمل مختار (رياح الخماسين)، ومع هذا التأثير الا ان صقر استطاع ان يمنح عمله خصوصيته وميزته وحساسيته الخاصة وهو يتناول مواضيع محلية او شعبية او حتى اسطورية، وقد اشتغل (صقر) في فترات لاحقه على المواضيع النصبية الجمالية، فخلا منها الانسان او الايحاء به كما في معظم اعماله وان مجردا.منح الفنان عيسى صقر التفرغ الفني وقد بلغ الحادية والعشرين من العمر، وما لبث ان ابتعث للدراسة في القاهرة، ثم يعود الى الولاياتالمتحدة ليدرس ويتدرب على أعمال البرونز في أتيلين جونسون بنيوجرسي. التحق بالمرسم الحر عام 1959 وتفرغ عام 1966 وأقام اول معارضه بعد عام من ذلك التاريخ وقد اسهم في المعارض الكويتية داخل البلاد وخارجها مبكرا، ومثل بلاده في عدد من المناسبات الخارجية وانضم كاحد اعضاء جماعة أصدقاء الفن التشكيلي عام 1985 وكان عضوا فاعلا ومتميزا فيها، حصل على عدة جوائز، واعماله مقتناة لعدد من الجهات وتوفي رحمه الله في الدمام. من أعمال الفنان النحات عيسى صقر