تجنح الفنانة التشكيلية سهى الزيد في تجربتها الإبداعية إلى التميّز في مجال الطباعة والخزف بجانب إنجاز مشروعها في مجال اللوحات التشكيلية التقليدية، لتصبح من الفنانات القلائل اللائي أبدعن في مجال الخزف والطباعة تحديدًا؛ فعن شغفها بهذين المجالين دون غيرهما تقول سهى: السبب الرئيسي حول شغفي بفن الطباعة كأحد فنون الجرافيك (Arts Graphic) هو الرغبة في التميّز في هذا الجانب، بعد أن لمست شبه عزوف من قبل الفنانات لهذا المجال من الفنون، ولعل هذا ما دعاني لدراسته وممارسته، أما دراسة الخزف فكانت دراسة مصاحبة كتخصص ثانٍ، ويظل للخزف جماله وفرادته من بين الفنون الأخرى. إنتاج خزفي قليل وبرغم ما تقوله الفنانة سهى من شغفها بمجال الخزف إلا أنها في مشاركاتها الفنية تقدم أعمالاً تشكيلية تقليدية؛ وهو ما تبرره بقولها: إنتاجي في الخزف قليل، والسبب توجهي لتنفيذ الأعمال الطباعية والتي استطعت أن أجسّد أسلوبي الخاص من خلالها، ويمكن للمتابع أن يراجع ما عرضته في السنوات الثلاث الأخيرة سيجد أن كل لوحاتي التشكيلية منفذة بطريقة الطباعة، أما الرسم فهو أساس عملي في مجال الطباعة والتصميم لكن المختلف هو التكنيك أو التقنية المتبعة في التنفيذ، ولا أرى التقليدية في أعمالي التشكيلية المقدمة؛ بل أحرص على إنتاج ما هو مختلف ويعكس التطور الذي أراه قد طرأ على الفكرة أو طريقة التنفيذ الخاصة بي. وتتابع سهى حديثها مشيرة إلى أبرز التقنيات في مجال الخزف وأنواع وأساليب الطباعة قائلة: الخزف له عدة تقنيات ويمر بعدة مراحل من التشكيل بطرق الشرائح والبناء أو النحت في الكتلة الخزفية، أو الحفر الغائر والبارز، مرورًا بمرحلة التجفيف ثم الحرق والتلوين، ثم الحرق النهائي، وكل مرحلة من هذه المراحل لها قواعدها الخاصة بها التي يجب أن تراعى لتنجح العمل المنحوت أو القطعة الخزفية الفنية.. أما أنواع الطباعة فتعدد ما بين الحفر على الخشب واللاينو واستخدامه كقوالب أو الطباعة بالشرائح أو الاستنسل، أو الطباعة بطريقة السلك سكرين، ولكل نوع من هذه الأنواع تأثيراتها الخاصة وإنتاجها المختلف، فبعضها يظهر التفاصيل الدقيقة جدًّا، والآخر يظهر تأثيرات الخامة مثل (الخشب). اهتمام بالطباعة وترجع الفنانة سهى قلة الفنانين في مجال الطباعة والخزف إلى عدم تسليط الضوء عليه بشكل كافٍ والتعريف به وإقامة المعارض الخاصة به، مستدركة بقوله: ولو أنني ألاحظ في الآونة الاخيرة عددًا محدودًا من المعارض المتخصصة في الطباعة لإنتاج أعمال طالبات الأقسام الفنية في جامعة الملك سعود، أو جامعة الملك عبدالعزيز، أما الخزف والنحت فأرى أن له مساحةً لا بأس بها في الساحة الفنية السعودية، وله جماعات فنية (نحاتون)، أو (خزافات) ولهم إنتاج لافت.. وهو ما ينفي أن الطباعة لا تحظى بالقبول من المتلقي، وأرى أن من يرفضها لم يستوعب حجم المشقة المصاحبة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ، بداية من الفكرة وانتهاء بالإخراج النهائي، خاصة إذا كانت اللوحات ذات حجم كبير. وما لمسته من ردود الأفعال تجاه أعمالي المنفذة بطريقة الطباعة بالعموم دليل على ذلك، مما شجّعني وحثّني على الاستمرار في هذين المجال. مسيرة وأمنيات في سياق حديثها عادت الفنانة سهى إلى خطواتها الأولى مع الفن التشكيلي مستعرضة مسيرتها وتجهاها لدراسة الماجستير في الفنون قائلة:اتجاهي للفنون التشكيلية لم يكن بقرار مسبق، ولا لأي سبب غير الموهبة التي مكنتني من إيجاد الذات في الفن التشكيلي والتعبير عنها، حيث أن الفن التشكيلي كباقي الفنون الأخرى مجال رحب للفكر والتعبير وعكس الهوية. واتجاهي لدراسة الفن التشكيلي لم يكن تأثيرًا بقدر ما هو تشجيع ودعم للمواصلة والمثابرة والاجتهاد واعتبار الفن التشكيلي رسالة إنسانية جادة وحقيقة. فمعلوم أن الدراسة مهمة في صقل مواهب الفنان، لكنها لا تصقل الموهبة، فالدراسة تساعد في تفتح الذهن والإرشاد إلى طرق التعلم الصحيحة والتعمق في تخصص معين على الأقل في تخصص الفنون التشكيلية، لكن ما يصقل الموهبة فعلاً هو الاستمرارية في الإنتاج وتطوير الذات والتعلم والقراءة والإطلاع على الأعمال الفنية العربية والعالمية والاستفادة من تجارب الغير.. وقد أضافت لي دراسة الماجستير في هذا المجال الكثير، فقد منحتني فرصة التعمق في عدة مجالات من مجالات التربية الفنية والقراءة والبحث فيها، فوجدت فيها المتعة والفائدة والتركيز على المجالات التي تستهويني وتحدد لي الطريق الذي سأسلكه في مستقبلي العلمي والأكاديمي. سهى آثرت أن تختم حديثها ببعض البشارات والأمنيات ضمنتها في ثنايا قولها: أتمنى أن تجد الفنانة التشكيلية السعودية مكانة راقية مميزة في الساحة الفنية تمكنها بالتعاون مع الفنان في إدارة دفة الحركة التشكيلية لتكوّن حراكًا فنّيًا حقيقيًّا، واتمنى أن تحظى هذه الساحة بفنانات وفنانين حقيقيين يستوعبون حجم المسؤولية التي يحملها الفن التشكيلي، هذه المسؤولية التي تسجّل الأحداث وتصوّر المجتمعات وتعكس الهوية. كما أبشّر من يتابعون مسيرتي أنه سيكون لي في الفترة القليلة المقبلة معرض شخصي آخر في مدينة جدة.