استقبل منفذ الرقعي مساء أمس الأول السبت 108 أشخاص من بينهم رجال ونساء وأطفال وكبار في السن عائدون من العراق، إنفاذا لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وبمتابعة من سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وبدعم من رجل الأعمال الشيخ عبدالعزيز سعود البابطين.من جانبه قال الشيخ عبدالعزيز البابطين ان ذوي الأصول النجدية في الزبير تعرضوا خلال الفترة الماضية، ومنذ نشوب الحرب في العراق قبل أكثر من شهرين، لتهديدات وعمليات حرق لمزارعهم، وهذا ما دفعنا للعمل على إعادتهم إلى مسقط رأسهم، المملكة، التي عودتنا دائما على الوقوف مع أبنائها في المحن.. مبينا ان تجهيزات كبيرة بذلت لعودتهم. وقال منسق العودة المهندس تركي إبراهيم العمرو ان الظروف المعيشية والصحية والأمنية الصعبة التي عاشها أبناء الزبير من أصول نجدية هي التي دفعت بالشيخ عبدالعزيز البابطين لمساعدتهم على العودة.. موجهاً شكره لقادة هذه البلاد على ما أمروا به من تسهيلات لعودة هذه الدفعة. أوضاع مخيفة (اليوم) التي استقبلت العائدين في منفذ الرقعي حتى وقت متأخر من مساء أمس الأول، أجرت حوارات مع بعضهم، حيث قال أمين عبدالقادر (الذي انتقلت أسرته إلى العراق قبل عدة عقود): لدي أقارب في المملكة، هم والدتي وإخوتي وعدد من أهلي.. ووصف أمين الأوضاع في العراق بأنها مخيفة وغير مستقرة، وقال: ان الحرب أفرزت أوضاعاً غريبة على أهل العراق. فالأوضاع تردت من جميع الجوانب، ففي الناحية الصحية مثلاً، المصاب بالسكري إذا أصيب بجرح فإنه يحتاج إلى طبيب، ولكنه في ظل الأوضاع الموجودة في العراق لن يجد من يعالجه. وعن آخر اتصال بينه وبين ذويه في المملكة قال أمين: لم تنقطع يوماً من الأيام، كان على اتصال دائم، خصوصاً مع شقيقاتي في مدينة الدمام، وأنا الآن أعتزم التوجه إلى المنطقة الشرقية. تاركاً في البصرة كل ما أملك من منزل ومزرعة. ووصف أمين عودته بالقول: بعد كل هذه السنوات التي قضيتها وأسرتي في العراق أعود اليوم إلى موطني الأصلي، إنني أشعر بالاطمئنان والأمان الذي افتقدته هناك. هنا تاريخي وحياتي القادمة بإذن الله تعالى. فشكراً لحكومة المملكة التي سهلت عودتي وذللت كل العقبات التي واجهت عودتنا. أخيراً يلتئم الشمل هاجر أجداد عادل عبدالقادر المبيض إلى العراق، بحثاً عن الرزق والمعيشة، ولكنه عاد مساء أمس الأول، يقول: حان وقت لم شمل أسرتي، الموزعة بين العراق البلد عشنا فيه لسنوات، والمملكة موطننا الأصلي، فأعمامي وإخواني يعيشون هنا، وتحديداً في مدينة الدمام. وكان آخر اتصال بيننا قبل 3 أيام.. مؤكداً أنه لن يعود إلى العراق مرة أخرى، بعد الصعوبات الكبيرة التي واجهته هناك. أطفال يعودون لوطن لم يروه دلال كانت واضحة الحزن وهي تجيب عن سؤالنا عن اسم والدها، كان شوقها لوالدها الذي يعيش في محافظة حفر الباطن، ولم تره منذ 5 سنوات كبيراً وجارفاً، بينما كنا نتحدث معها، كان والدها يحاول الاتصال بأكثر من شخص ليوصله إلى ابنته، وحين تحدث لها كان مشهداً صعباً على جميع من تواجد في ساحة القادمين في منفذ الرقعي. الطفل فيصل عبدالعزيز السعيد قال لنا: أتمنى ان أشاهد أقاربي الموجودين في المملكة، لقد اشتقت لهم كثيراً. أقارب في الخبروالكويت قلب محمد علي (40 عاماً) كان موزعاً بين حي الراكة في مدينة الخبر، ومدينة الكويت، ففي كلتا المدينتين يعيش أقارب له، ولكنه حمد الله لأنه بات يشعر اليوم بالأمن والأمان، بعد ان حرم منه في الفترة الماضية. ويتوجه محمد بالشكر لقادة المملكة على ما لقيه من اهتمام وعناية في تسهيل عودته. أولادي في الرياض إبراهيم عثمان محمد الوهيب (50 عاماً) العائد من العراق، كان قلبه في الرياض، حيث يقطن ولداه صالح وعثمان، اللذان يسكنان في حي الخالدية بالرياض.. سألته عن شعوره فقال: أشعر بالحزن والشوق والشكر، الحزن على ما لقيناه في العراق، البلد الذي عشت فيه سنوات طويلة، والشوق لأولادي ووطني الأصلي، أما الشكر فهو لمن جعلنا نعود سالمين غانمين لوطننا العزيز. هاجر إبراهيم إلى العراق حين كان في السابعة والعشرين من العمر، بعد ان اشترك في حرب اليمن، وحرب أم الجماجم، وهاجر إلى العراق لأنه كان يتاجر في القطن. أيام مرعبة الله لا يعودها احتاج عبدالقادر نوري لبضع دقائق، ليتمكن من الحديث، بعد ان استقبلناه وهو يهبط من الحافلة، قال والكلمات تتداخل مع بعضها: أشعر بالسعادة.. أشعر بالفرح.. أنا مسرور.. لقد عدت إلى بلدي الأصلي. وحين بدأ يستقر قال: عشنا أياماً مرعبة، الله لا يعودها، لم يكن هناك أي مقوم من مقومات الحياة.. الحمد لله على كل شيء. قبل الدخول إلى منفذ الرقعي بنصف ساعة، أجرى عبدالقادر اتصالاً بذويه الذين يعيشون في المملكة، ليطمئنهم على وصوله. ترك قاسم عبدالرحمن وراءه في العراق كل ما يملك.. يقول: عدت خالي الوفاض، ولكن الحمد لله على كل شيء. أخيراً سأرى والدتي وإخواني الموجودين في الرياض، آخر مرة كلمتهم فيها كانت قبل يومين، ولن أصدق أنني دخلت المملكة حتى أراهم. جواز سفر سعودي عبدالرحمن عبدالكريم العيسى، الذي تجاوز السبعين، والمولود في روضة سدير، كان ضمن العائدين إلى أرض الوطن، الذي هجره صغيراً بحثاً عن الرزق. ولكي يثبت لنا أنه مختلف عن الآخرين، أظهر لنا جواز سفره السعودي.. آخر زيارة للعيسى إلى المملكة كانت قبل 17 عاماً. وما ان أطمأن على وضع أسرته في المملكة، حتى عاد إلى العراق مرة أخرى، طلباً للزرق. سألناه عن أولاده فقال: لدي عبدالكريم الذي يعمل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وصلاح الذي يعمل في إحدى الوزارات.. وأمورهم ماشية تمام، لقد اتصلت بهم قبل 4 أيام. عودة بعد نصف قرن أما عبدالرزاق خالد الشوشان، فيعود مسقط رأسه إلى محافظة عنيزة في منطقة القصيم.. الشوشان الذي توجه بالشكر إلى المولى لعودته، قال لنا: الحمد لله أنني سأقضي ما تبقى لي من عمر في موطني الأصلي، بعد ان قضيت في العراق قرابة نصف قرن. آخر اتصال بين العائد عبدالرزاق عبداللطيف الشبيب بأسرته في المملكة كان قبل 5 سنوات، وهم يقيمون في منطقة القصب بحوطة سدير، كما ان له أولادا في الرياض. يبلغ عبدالرحمن الفداغ من العمر قرابة 71 عاماً، قضى في العراق سنوات طويلة، ولكنه كان خلالها يأتي إلى الخبر في زيارات لأقاربه، يقول: لم أتصل بهم منذ 5 سنوات، لقد تقطعت بنا السبل، كانت الاتصالات صعبة للغاية، وأصبحت أصعب وأصعب في الأشهر الأخيرة، كان الوضع لا يطاق، والحمد لله على عودتنا، وشكراً لمن ساهم فيها. عاد الأولاد وبقي الأب حسان علاء إبراهيم المنديل (22 عاماً)، يقول: العراق يعيش حالياً فراغاً سياسيا، فلا سلطة تحكمه، والتخريب والفوضى ينتشران بشدة في أرجائه، الكل خائف مما يحدث أو ما سيحدث لا سمح الله، والحمد لله أن أتيحت لنا فرصة العودة إلى المملكة. حسان عاد مع شقيقه سيف، ليتركا والدهما في العراق، يقول الشقيق الأصغر سيف (16 عاماً): ولدت في العراق وواصلت تعليمي حتى حصلت على شهادة المتوسطة، ولكنني أشعر بانتماء قوي إلى المملكة، فوالدي كان يقول لنا دائماً صحيح أنكم ولدتم هنا وتعيشون هنا، ولكنكم سعوديون. الطفل فيصل السعيد يعود إلى أرض الوطن عائدات إلى أرض الوطن