يدفع اليأس الناجم عن قلة فرص العمل أكثر من 400 الف من مواطني المكسيكوأمريكا الوسطى كل عام للقيام بمغامرة خطيرة سعيا وراء (الحلم الامريكي) ويموت عدد كبير أثناء محاولاتهم العبور بطريقة غير شرعية للحدود الامريكية أو يتورطون في حوادث أوتعتقلهم سلطات الهجرة الامريكية. وقد اسفرت اخر هذه المحاولات الفاشلة عن مصرع 18 من المهاجرين غير الشرعيين في مقطورة مغلقة عند محطة استراحة على أحد الطرق السريعة في تكساس. ويدرك المهاجرون غير الشرعيين من المكسيكوأمريكا الوسطى خطورة محاولة دخول الولاياتالمتحدة، ولكنهم رغم ذلك لا يتوقفون عن المحاولة. ونتيجة لذلك عبر ملايين المهاجرين غير الشرعيين الحدود عن طريق الصحراء والظروف الصعبة ولكنهم حققوا ما كانوا يصبون إليه. قرى عديدة في المناطق الفقيرة تحولت بالفعل إلى أماكن للاشباح لا يسكنها سوى المسنين أو صغار السن بعد أن لملم الشباب بعضا من متعلقاتهم البسيطة واتجهوا شمالا إلى الجانب الاخر. أيضا تقوم النساء وبعضهن يحملن أطفالهن على أيديهن بهذه المحاولة الرهيبة. ويواجه مواطنو أمريكا الوسطى مهمة شاقة حيث يجب عليهم عبور على الاقل اثنين من الحدود،أولها الحدود بين جواتيمالا والمكسيك. فمعدل تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر نهر سوشيات في ولاية تشياباس المكسيكية الشمالية ثابت. وحالات الوفاة وسوء المعاملة على أيدي البوليس المكسيكى أيضا كثيرة. ويفقد بعض المهاجرين أذرعهم أو أقدامهم عندما يقفزون من على عربات السكك الحديدية وتسحبهم لعدة كيلو مترات، أو يصابون بالتعب الشديد وينامون على القضبان وتسحقهم القطارات. وبعضهم يتعرض لاعتداءات من البوليس أو يصبحون ضحايا الابتزاز. ويموت الضعيف من التعب. وكثير من النساء الشابات ينتهي بهن الإفلاس إلى العمل باغيات لكسب المال من أجل مواصلة الرحلة إلى الولاياتالمتحدة. وهناك يواجهون الحدود الثانية والممتدة 3200كيلومتر بين المكسيكوالولاياتالمتحدة. وعند هذه الحدود ينتظر جيش حقيقي من المهاجرين المكسيكيين بفارغ الصبر اللحظة المناسبة للعبور والهروب من دوريات مراقبة الحدود المسلحة التابعة لإدارة الهجرة. وفي معظم الاحوال يساعد المهاجرين غير الشرعيين مهربون يطلق عليهم لقب الذئاب ويحصلون على آلاف الدولارات من كل شخص لعبور الحدود. ولكن هؤلاء الذئاب يتصفون بالقسوة، فعند شعورهم بخطر إلقاء الشرطة القبض عليهم يتركون المهاجرين والذين يكونون في الغالب محشورين في قاطرات أو شاحنات في وسط صحراء شديدة الحرارة. وهذا هو ما حدث في الحادث الاخير بتكساس، عندما تخلى أحد المهربين عن مقطورته على مسافة ليست بعيدة عن سان انطونيو. وترك70 شخصا داخلها بدون تهوية،واختنق 18ضحية جراء الحرارة. وفي كل عام، فان حوالي 400 من الحالمين بحياة أفضل يموتون أثناء محاولتهم عبور الحدود. وآلاف المهاجرين الذين يلقى القبض عليهم يجربون مرة أخرى في فرصة تالية. ويتنقل العديد منهم إلى ومن مسقط رؤوسهم والولاياتالمتحدة بصورة منتظمة. وعند وصولهم إلى الولاياتالمتحدة، فان دراما المهاجرين غير الشرعيين تستمر في الغالب. ويعمل المئات منهم في ظروف عبودية، أو يأخذهم أحد المقاولين للعمل عدة أسابيع في الحقول لصالح شخص لا يرون وجهه والذي يختفي في النهاية ولا يعطيهم أحد رواتبهم. ويعيش ما يقرب من 4ملايين مهاجر مكسيكي في الولاياتالمتحدة ويرسلون كل عام حوالي 7مليارات دولار إلى عائلاتهم في المكسيك. وتأتي هذه التحويلات في المرتبة الثانية في مصادر دخل المكسيك بعد النفط وقبل السياحة. وطبقا للجنة الاقتصادية لامريكا اللاتينية، هناك20مليون مهاجر ينتمون لدول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ويعيش 7 من بين كل 10 من هؤلاء المهاجرين في الولاياتالمتحدة، ويشكل المكسيكيون نسبة 60في المئة من بين الامريكيين ذوي الاصل الاسباني هناك. وتشير تقديرات مجلس السكان الوطني المكسيكي إلى أن عدد المكسيكيين الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة يمكن أن يصل إلى 2.18مليون بحلول عام2030. ويجد معظم المهاجرين من المكسيكوأمريكا اللاتينية في الولاياتالمتحدة وظائف في صناعة الخدمات وخاصة في أعمال النظافة والمطاعم ويعملون في الزراعة أو في المصانع. وذكرت بعض الجماعات في الولاياتالمتحدة التي تعارض وجود مهاجرين غير شرعيين أنهم يمثلون خطورة أمنية إضافية ويعارضون تقديم الرعاية الصحية والتعليم لهم على حساب دافع الضرائب الامريكي. ورغم ذلك فإن السلطات المكسيكية ترغب في التوصل إلى اتفاق هجرة مع واشنطن لحماية مواطنيها الذين يعيشون في الاراضي الامريكية بطريقة غير مشروعة، لكنهم رغم ذلك يساهمون في الاقتصاد الامريكي بدرجة كبيرة للغاية لا يمكن حسابها.