اذا افترضنا جدلا ان كرة القدم لعبة شعبية تحقق لممارسيها من الرياضيين ومتعاطيها من الجماهير السلامة الجسمانية، وعلى اثرها السلامة العقلية، فلماذا يفقد هؤلاء السيطرة على انفعالاتهم ويبدو لك ان كل ما حولك ليس الا جنون في جنون لا علاقة له بسلامة العقل لا من قريب او بعيد؟. لعلي لا اذكر انني حضرت جلسة خاصة طرح فيها الشأن الكروي دون ان تفلت اعصاب من يحكون في الموضوع، او دون ان تصل الاحوال للغلط فيما بين اطراف الموضوع. ولعلي لم اشارك في مشاهدة مباراة متلفزة على الرغم من انني اجهل مواطن في شغلة الرياضة والكورة تحديدا الا وتتحول مدة المباراة لحفلة من الصراخ والشتم في الحكام وفي لاعبي الفريق المقابل، ولا يمنع ان تطال القذائف اللفظية لاعبي ومدرب وادارة الفريق المفضل. واغلب ظني ان مسألة العقل السليم هذه يجب ان نبحث لها عن مكان آخر نصفها فيه غير سلامة الجسم الناتجة عن الرياضة والكرة. فالشغب في الملاعب والاستعراض بالمركبات في الشوارع وارتكاب ابشع اشكال القيادة المتهورة هي اعتداء على حقوق الآخرين وتعد لكل الانظمة المرورية والامنية والاخلاقية في المجتمع. صحيح ان مباريات المنافسات الكروية تؤثر في الجمهور ومن الطبيعي الانفعال مع النتيجة السلبية ولكن ماهي حدود هذه الانفعالات وكيف يعبر عنها البني ادم؟ وهذه هي الحلقة المفقودة في ثقافة الرياضة عامة وكرة القدم في مجتمعنا. على أية حال اذا لم تنجح ثقافة الرياضة في ترشيد ردود الافعال لدى الافراد وفي تحرير الغالب الاعم ممن تتلبسهم حماقاتهم في مواقف تنافسية من المفروض ان ترتقي بالسلوك الآدمي بعيدا عن الافق الضيق للفوز والخسارة، فلا نستغرب الافعال الخارجة عن المسؤولين. صدقوني لا استغرب اصابة مشجع بجلطة قلبية ودماغية على اثر خسارة فريقه او تطليق زوج لزوجته او مشادة كلامية قد تتطور الى جسمانية بين مشجع وآخر. فغياب ثقافة الرياضة الحقيقية في الاندية وفي الاعلام وفي التربية والتعليم هو السبب في كل ما نشاهده من قلة عقل بعد كل منافسة رياضية.