كل الحروب القديمة التي شهدها العالم كان الحسم فيها دائما لمن يملك العدة والعتاد العسكري المتطور غير ان الحملة الانجلو امريكية التي تابعنا فصولها على العراق اختلفت عن سابقاتها وقدمت للعالم شكلا جديدا من اشكال الحروب التي لا تعتمد القوة العسكرية وحدها وسيلة لتحقيق الانتصار والتفوق واعطت لحروب اخرى سرية وعلنية لا تقل سخونة عن المعارك الميدانية الظاهرة لايقودها الجنرالات وحملة النياشين واوكلت قيادتها لمراكز الابحاث النفسية ورجالات الاعلام وثبت انها اكثر فاعلية وتأثيرا من القصف بالصواريخ والقنابل العنقودية التي لا تنمي غير الكراهية والحقد. فالنوع الجديد من الحروب يستهدف ضعاف النفوس والعامة عبر ما يقدم لهم من اغراءات واكاذيب دعائية ملفقة لتثبيط العزائم وشل القدرات من خلال وسائل الاعلام التي دارت على حلباتها اهم المعارك النفسية وقد تجلى ذلك بوضوح في الاستعراض العسكري لقوات المارينز امام عدسات المصورين في ساحة الفردوس معلنة سقوط مدينة بغداد رغم عدم سقوطها فعليا حتى تلك اللحظة ذاك الاستعراض الذي مهد فعليا لسقوط اكبر المدن العراقية تحصينا دون مقاومة تذكر شكل نقلة نوعية لشكل الحروب القادمة ووضع العالم امام نمط جديد من الحروب التي يمكن تسميتها حروب المستقبل, التي سيكون فيها لوسائل الاعلام الدور المحوري في تحديد سير المعارك وكيفية تناول العمليات العسكرية بالاسلوب والطريقة التي تخدم اهداف ومصالح الاطراف المتحاربة. وقد نجحت ادارة الحرب الانجلو امريكية في التحكم في تدفق المعلومات احادية النظرة مدعمة بالصور والتقارير الصحفية التي اعدت بعناية وحجب اية معلومة ترى فيها تأثيرا سلبيا على سير عمليات قواتها العسكرية بعد تحييد ومنع بقية وسائل الاعلام العالمية غير المرغوب فيها من نقل وقائع ما يجري على مسرح العمليات وفرضت على العالم متابعة الاحداث من زاوية واحدة وبعين واحدة هي العين الامريكية ولفتت الانظار الى ضرورة التفكير بجدية في كيفية ادارة حروب المستقبل التي ستكون مسارحها شاشات التلفزة وشبكات المعلومات وصفحات الجرائد الاكثر قدرة على قلب الحقائق وتغيير المواقف والقناعات. رضى الجندي