صدر العدد الأخير من مجلة (القافلة) مسجلاً عدداً من الملامح الصحفية الثقافية الجادة. وأول ملامح العدد الجديد يرتسم في اقتراب المجلة إلى ما يجري من حولنا. وباتزان القافلة المعروف في تقاليدها كتب رئيس التحرير محمد العصيمي عن حضور الإعلام العربي الأخير في الحرب و "تأثيره"، ونجاحه الذي تجنب "المسارب المحكومة بالضعف والبيروقراطية"، ف "حين انتبه العرب إلى هذه الصناعة الخطيرة وصاروا قادرين على صياغة رسائلهم الإعلامية بأنفسهم". وتوقفت (القافلة) عند (مشاريع الطاقة العملاقة.. كيف تُبنى)، وصوّرت بالكلمات والأرقام المشاهد المثيرة في تنفيذ مشاريع الشيبة والحوية وحرض. وسجل عبود عطية استطلاعاً موسعاً عن مشاريع الشركة التي أنجزت أكثر من "أربعين مليون ساعة عمل من دون حادث واحد مهدر للوقت" بواسطة "عشرة آلاف عامل من ست وثلاثين جنسية"، في هذه المشاريع الثلاثة فقط..! وعلى مقربة من هذا العالم كتب المهندس عبدالعزيز الخويطر عن مكانة منطقة الخليج العربي الاستراتيجية في عالم النفط والطاقة، منتهياً إلى ازدياد أهميتها في المنظور المستقبلي من موقعه المتخصص. أما قضية العدد فقد تركزت على (مسيرة التعليم العالي) في المملكة، وقدمت المنجز في هذه المسيرة ودورها في التنمية البشرية، في المملكة، وأشار فريق التحرير إلى جزء آخر في العدد القادم، يتناول صلة التعليم بسوق العمل. وتحت عنوان (الأذان ليس وظيفة والمؤذن داعية) كتب خالد الطويلي سيرة ذاتية لمؤذن الحرم المكي علي ملا الذي يجمع العديد من المواهب الفنية. وفي الصفحات العلمية قدمت القافلة سلة مواد علمية مشوقة وسلسة، فاحتفلت بعدد من الأخبار العلمية، و (حفلة اللاب توب) و (مضمون الموسيقى) و (التصوير الرقمي) فضلاً عن الباب الثابت: (قصة ابتكار.. قصة مبتكر). مواد الصحة، والسلامة، والحياة اليومية لها حضورها الواضح في صفحات القافلة أيضاً. وفي العدد مساحة أوسع للمواد الأدبية؛ فحضر الشعر على منبر (ديوان الأمس ديوان اليوم) عبر اختيارات إشارية إلى بغداد قدمها رجاء النقاش في صفحتين مقتنصاً نتقاً شعرية ثرية من قديم الشعر وحديثه. وفي سياق الأدب كتب الروائي د. تركي الحمد رؤية خاصة في مسألة الرواية تحت عنوان (من أعماق الذات وإليها). في حين اهتم الناقد محمد العباس بتقديم رواية عالمية هي (الخيميائي) للكاتب البرازيلي باولو كويلو، واختار منها مشهداً روائياً شغل أكثر من صفحة في المجلة. وفي الأجواء الثقافية برز موضوع (باريس مربط خيلنا) الذي يسلط الضوء على معهد العالم العربي في باريس ودور هذه المؤسسة في المشاركة في فعاليات حوار الحضارات. ومن باريس أيضاً تستعرض (القافلة) ملفاً خاصاً أصدرته مجلة (العلم والحياة) الفرنسية حول العبقرية العربية في ميادين الحضارة المتنوعة. والملف كما تصفه المجلة "قيّم ومحرجون" ويكشف عن إعجاب الفرنسيين بعبقرية العقل العربي واقترابهم من "عالمنا الفسيح". أما ملف العدد فقد احتل 14 صفحة، واستحوذ على الغلاف أيضاً. وتمحور حول (الطباعة) التي (طبعت عصرنا). وفي الملف قصة طويلة؛ تجزأت في شكل وجبات خفيفة، مخدومة بالصور والعناوين والدقة التحريرية المحترفة لتقول الكثير والكثير عن عالم الطباعة، قبل غوتنبربغ وبعده، في أقل الكلمات عدداً وأكثرها تركيزاً ومتعة. ليس هذا كل شيء احتضنه غلاف (القافلة) ففي ال 94 صفحة أناقة صحفية استوعبت تنوعاً أكثر. وعبر الشكل الإخراجي الحديث وظفت المجلة الفراغات لتكوّن لصفحاتها تشكيلاً مهنياً جمالياً، فنثرت، هنا وهناك، الكوادر المكملة لموضوعاتها، وربطتها بمنهج إخراجي يخاطب القاريء بصرياً فيحقق له المتعة والفائدة. وقد صدر العدد في 94 صفحة من القطع الوسط في طباعة أنيقة.