وظيفة رئيس العمل وظيفة هامة للغاية، يتوقف نجاح أي مؤسسة سواء كانت حكومية أو أهلية- على كفاءة من يشغلها ومستوى أدائه. وتنبع أهمية هذه الوظيفة من الموقع القيادي الذي تحتله على قمة الهرم الوظيفي وما يلازمه من صلاحيات وسلطات، وما يعهد إليه من اختصاصات. وقبل أن نتناول أهم المواصفات التي يجب توافرها فيمن يشغل هذه الوظيفة، أرى أنه من الملائم أن نعترف أولاً بأن التجارب البشرية قد أثبتت أنه ليس كل شخص يصلح لتولي زمام القيادة، حتى لو توافر لديه ما يسمى بالمؤهلات العلمية والشكليات الأدبية.وذلك لأن هذه الوظفيفة ذا طابع إداري غالب. ومن المسلم به أن الإدارة فن شأنها في ذلك شأن أي فن آخر (مثل الشعر والرسم والقصة القصيرة والموسيقي، الخ) أي أنها موهبة يهبها الله سبحانه وتعالى لمن يشاء من عباده، وتنميها المعرفة وتصقلها التجربة. ومع انعدام الموهبة الإدارية تنعدم صلاحية أداء هذه الوظيفة. ولقد عايشنا الكثير من حالات الفشل الإداري، ورأينا أمهر الأطباء يفشل في إدارة مستشفى صغير، بسبب افتقاره الموهبة الإدارية. ولا تغيب عن أحد ظاهرة " مدير الأعمال" الذي يستعين به صاحب الثروة أو المال والمشاهير من كبار رجال الأعمال والاقتصاديين. وأولى صفات شاغل وظيفة " الرئيس" أن يكون عادلاً مع مرؤوسيه، فلا يقرب قريباً، ولا يبعد غريباً، ولا يرفع خاملاً، ويهمل مبدعاً، ولا يغدق العطايا على الكسول، ويحرم الناشط والمجتهد، لأن أداءه العادل يشعر العاملين معه بالاستقرار والاطمئنان إلى حقوقهم، ويؤدي إلى تعميق شعورهم بالانتماء الوظيفي للمؤسسة أو الجهاز الذي يعملون فيه وينتسبون إليه، ومن ثم ينصرفون إلى تنفيذ واجبات وظائفهم. كذلك فإن رئيس العمل يجب أن يكون أكثر الأفراد عملاً، وأولهم تقيداً والتزاماً بأحكام النظام، وحرصاً على أوقات العمل. والرئيس الناجح هو من يعمل على تكوين كوادر إدارية تليه في المسؤولية، يرعاهم بالتوجيه والإرشاد والتدريب، والرئيس الذكي هو الذي يدافع عن مرؤوسيه ويعمل على تحسين أحوالهم ورفع مستوياتهم الوظيفة، بما يؤدي إلى رفع معنوياتهم وينعكس على مستوى أدائهم. والخطأ الأكبر الذي يرتكبه رئيس العمل هو أن يستحوذ على الامتيازات والمكافآت ويحتكر لنفسه النجاح والإنجازات وينسب لغيره الفشل والأخطاء. وخير لرئيس العمل أن يكون رئيساً محبوباً، من أن يكون رئيساً مرهوباً، يخافه العاملون معه في الظاهر وينتقدونه في الباطن. ╖╖ السيد عبد الجواد البنا مدير تحرير مجلة " الأحساء"