سارس.. يعرف طبيا ذلك الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي بالالتهاب الحاد اللانمطي، كما يمكن تعريفه اقتصاديا من وجهة نظر كاتب هذه السطور بانه فيروس ايجابي جاء ليعزز هذا العام السياحة الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي ويحطم السياحة الشرق آسيوية. فهاهو المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (ليو جيان تشاو) يصرح بان السياحة على مستوى العالم عانت بوضوح من الركود بسبب مرض سارس وخاصة السياحة الدولية. كما ان بعض السائحين الصينيين الغوا رحلاتهم الى دول اجنبية من اجل سلامتهم وصحتهم. ولم تشهد صناعة السياحة في منطقة الشرق الاقصى تراجعا على مدار العقد الماضي كما تشهده حاليا بسبب انتشار هذا المرض الذي يبدو وكأنه كابوس مرعب صدم وما زال يصدم المنطقة ويوجه ضربة قاسية لهذا القطاع الذي يمثل عصب الاقتصاديات الاسيوية. وهناك عدد من دول الشرق الاقصى مثل هونغ كونغ وسنغافورة التي ترفض ربط مصيرها السياحي بسارس، في حين نجد دول كماليزيا واندونيسيا وتايلاند تسعى بقوة لتدعيم موقفها من هذا الفيروس بشهادة مدعومة من منظمة الصحة العالمية بانها خالية من هذا الفيروس المدمر لسياحتها. قبل ان يجتاح مرض السارس دول منطقة شرق اسيا كان بنك التنمية الاسيوي ومقره العاصمة الفلبينية مانيلا قد توقع بان يصل نمو اجمالي الناتج المحلي في الصين وغيرها من اقتصاديات شمال شرق اسيا الى حوالي 5.6 في المائة وفي جنوب شرق اسيا الى 4 بالمائة ولكن النتائج جاءت عكس التوقعات فهاهي الصينوهونغ كونغ وكوريا الجنوبية وتايوان قد تخسر حوالي 28 مليار دولار من العائدات والمردودات اذا ما استمر وباء سارس في التأثير على اقتصادياتها حتى سبتمبر القادم. بعد كل هذه المعلومات التي عصفت وما زالت تعصف بدول شرق اسيا والتي كانت تتمتع بثقة الكثير من السياح ومنهم الخليجيين الذين كانوا يشكلون اكثر من 23 بالمائة من اجمالي السياحة الشرق اسيوية. من هنا ننتهزها فرصة لتوجيه رسالة عاجلة الى جميع القائمين بالنشاطات السياحية في دول الخليج للعمل على تكثيف حملات استقطاب السياح الخليجيين للاستمتاع بروح الطبيعة الخلابة التي تنعم بها دول المنطقة والخالية من الامراض ونقترح عليهم رفع شعار (نحو سياحة صحية) وان يتم التنسيق فيما بينهم بحيث يستطيع السائح الخليجي زيارة اكثر من منطقة كأن يقضي اسبوعا في دبي واسبوعين في ابها واسبوعا في سلطنة عمان وهكذا او بوضع البرنامج الذي من شأنه ان يشعر معه السائح الخليجي بقضاء اجازة سعيدة واغرائه بالمكوث لاكبر وقت ممكن. فدول مجلس التعاون الخليجي اهتمت بالحركة السياحية وانفقت مبالغ ضخمة لتحديث اساطيلها الجوية وتهيئة مطاراتها وانشاء فنادق ومنتجعات ضخمة تستوعب الكثير من السائحين فهناك تقديرات تشير الى ان عدد السائحين لدول الخليج وصل الى نحو 600 مليون سائح خلال عام 2000 كما ارتفعت واردات السياحة في نفس العام من مليارين الى ثلاثة مليارات كما نرجو من القائمين على تنشيط السياحة السعودية بان يعلموا بان السعوديين وحدهم ينفقون 75 مليار ريال سنويا على السياحة وهذا المبلغ يحتاج الى جهد جماعي منظم تتبناه الهيئة العليا للسياحة.