اود ان اقول شيئا اليوم، واحب شيء إلى ان يقف احد ليقول لي انك مخطئ كل الخطأ.. الاحظ من منظوري ومراقبتي الشخصية (والقدرة الشخصية ضيقة على اي حال) ان النشاط النسوي الاجتماعي والتربوي هو الغالب في دائرتنا الاجتماعية على النشاط في المؤسسات التي يديرها الرجال. تصلني كل يوم رسالة مكتوبة او الكترونية او متابعات هاتفية تخص النشاط النسوي، وهن لا يكتفين بايصال الرسالة بل تجد هذا النفس المثابر وهذه الحماسة الغامرة وهذه الجدية الراقية، في البرامج التربوية والتوعوية والخدمية، مما جعلني في امسيات كل يوم وبعد ان تهدأ الدنيا احك رأسي واقول لماذا؟ ولماذا تقل هذه الاحترافية والاخلاص المذهلان عند الرجال مقارنة بالنساء.. لحظة، دعوني اتدارك شيئا قبل ان يقول احد شيئا عن عدم الدقة او اللجوء للنقد المغلف بتنزيه الذات.. في عائلتنا طبعا مثل كل عائلات الدنيا فينا الرجال وفينا النساء، ولو سألتني كم من اعضاء عائلتك من العاملين في الشأن الخدمي الاجتماعي لطار عقلي مثل الوميض الى تأنيث الكلمة الى العاملات، نعم يحق لي ان أقر هذا وان لم افعل فالشواهد الواقعية تفصح عن نفسها بلا مواراة.. اعرف في محيط عائلتي القريب جدا اكثر من عشر من العاملات المثابرات اللائي توازي مثابرتهن وانعكافهن على العمل التطوعي الخدمي ما يقمن به من شأن اسرهن بينما سأحك راسي مجددا مرات حتى اعد على اصابعي العاملين الاجتماعيين من الرجال واحسب نفسي طبعا من المتقاعسين. ولا ارغب بالفعل ان يقول لي احد ان النساء عندهن وقت اكثر لياقة للعمل الخدمي.. هذا غير صحيح هل تعرف شيئا؟ اكثر الذين لا يسعهم الوقت في كل الدنيا لقضاء كل اعمالهم الاساسية هن ربات المنازل! ومع ذلك ان استجبت مرغما لمبرر مثل هذا فاللاتي اعرفهن من اللاتي يشعلن مجتمعنا بطاقاتهن التي تحرك المولد التطوعي الخدمي هن من الموظفات.. وشيء لافت آخر.. هذه البهجة والشعور الكبير بالامتنان من العاملات الاجتماعيات عندما تقوم لهن بأي عمل مهما غرق هذا العمل في السذاجة والتضاؤل.. لقد كتبت مرة عن (أمهات بالوكالة) وهو برنامج مهيب بالفعل يهدف لانزال طوق النجاة لأسرنا الغارقة في مأساة كبيرة هي ترك الاطفال للعاملات المنزليات.. وكنت كتبت ذلك بعد كسل وتمن طويلين لا يجاري أبدا زخم العمل وحجمه واذا بالسيدة المهيزعي تكاد تغرق من شعورها بالامتنان.. أكبرتها في نفسي كثيرا.. وخجلت من نفسي اكثر.. وبالمناسبة هذا البرنامج مازال قائما حتى الآن وآثاره المفيدة ستبدو لنا يوما لنتذكر المهيزعي وجيشا من العاملات الصامتات ليبقين بطلات امام اعيننا وقلوبنا وضمائرنا. يقولون المجتمع المدني، ان لم يكن ما تقوم به هؤلاء العاملات المثابرات هو في قلبه.. قولوا لي إذا ماذا يكون؟