العسل عبر التاريخ من يزر مغارة العنكبوت الصخرية قرب مدينة فالنسيا الإسبانية يرى مشهدا قديما يعود إلى عشرة آلاف سنة تقريبا، يجسد صيادا يجمع عسلأ بشهده ، في حين يحلق النحل من حوله . ولكن لا شك في أن الإنسان قد تذوق هذا الغذاء قبل أن يتعلم الرسم بوقت طويل . فقد تم العثور على متحجرات نحل تعود إلى ستين مليون عام . العسل غذاء الخاصة في القديم الغابر، كان العسل يعتبر في مصر مادة غذائية ثمينة و"سحرية" ، لها علاقة مباشرة بعلمية القوم وبصفة خاصة الحكام . وهناك رسوم ومنحوتات عديدة تجسد نحالين يحدثون الدخان في قفران من الفخار لكي لا يؤذيهم النحل ، أو يختمون أوعية مملوءة بالعسل . وكان إنتاج العسل قرنا بعد قرن على طول نهر النيل يضاهي الآثار المصرية ضخامة، إذ كان الفراعنة يقدمون العسل لآلهتهم قربانا ويستعملون شمعه في تحنيط المومياءات المصرية . رفعت جميع الديانات القديمة العسل إلى مصاف الأغذية الخاص. فوصف النبي موسى أرض الميعاد للعبرانيين على أنها "أرض مباركة يجري فيها اللبن والعسل" . كما أن الإغريق جعلوا من العسل قربانا يرفعونه لآلهتهم واعتبروه مادة ثمينة تجمع ما بين الغذاء والدواء .وفي القرآن الكريم وعد الله سبحانه وتعالى المؤمنين ب "أنهار من عسل مصفى"في الجنة . ضريبة سائله اعتبر العسل لمدة طويلة مادة ثمينة إلى حد أنه غالبا ما استعمل كعملة حقيقية. وكانت بعض الضرائب في عهد شارلمان تدفع بهذا الذهب السائل . وكان شارلمان يرغم المزارعين على العمل في تربية النحل كما كان يوجب عليهم دفع ثلثي محصولهم من العسل والثلث من الشمع . أما في العصور الوسطى، فكانت تجبى ضريبة خاصة على قفران النحل واستمر تحصيل هذه الضريبة حتى سنة 1934ما أضعف طبعا تجارة العسل . السكر بدلا من العسل استخدم العسل مدة طويلة في تحضير بعض المشروبات المنعشة كالهيدروميل وهو مزيج من الماء والعسل انتشر في جميع أنحاء أوروبا. كما استعمل بشكل خاص لتحلية الطعام إلى أن حل السكر مكانه . ففي عهد الملك لويس الرابع عشر، تحول السكر المستخرج من القصب ، بفضل الواردات القادمة من المستعمرات الجديدة من مادة نادرة وغريبة إلى مادة غذائية أساسية ذات سعر مقبول . في حين أصبح العسل الذي لم يكن متوفرأ بكميات كبيرة غذاء راقيا خاصا بالذواقة . وعندما قرر نابليون عزل عدوته بريطانيا، بات الحصول على سكر القصب صعبأ، فحل مكانه السكر المستخرج من الشمندر السكري الذي اكتشفه عالم الكيمياء الألماني ماغراف سنة 1747م حصر استعمال العسل إلى حد كبير. منافع العسل التسع مع مواكبتنا للحداثة، فقدنا عادة استعمال العسل للتحلية، فاستعضنا عنه بالسكر المكرر (المستخرج من القصب أو من الشمندر). غير أنه يجدر بنا أن نذكر بالمنافع التي يتفوق بها العسل على غيره من المواد المحلية في أكثر من ميدان ، بحسب الدكتور جارفيس Jarvis الإخصائي في هذا المجال : * لا يهيج الجهاز الهضمي. * سهل وسريع الهضم . * ينشط ويمنح الطاقة. * يقوي العضلات . * من بين جميع أنواع السكر، هو الألطف على الكليتين. * ملين خفيف و مسكن . * متوفر في كل مكان . * ليس باهظ الثمن . أنواع العسل يختلف استهلاك العسل من بلد إلى اخر، فالعادات الغذائية لا تخضع لأي منطق أو معيار. وبالتالي لا يحظى العسل بالتقدير نفسه في بلدين متجاورين . فالفرنسيون على سبيل المثال يستهلكون حوالي 600 غ من العسل سنويا للشخص الواحد، أي أقل مما يستهلكه الألمان بمرتين . وربما ذلك عائد إلى أن المستهلك لم يكن يهتم بنوعية العسل حتى السبعينات ، غير أنه أصبح الآن يبحث عن أجود الأنواع من حيث الطعم والشكل . لذا انتبهوا إلى بعض التفاصيل المهمة قبل أن تختاروا العسل ، سواء أكان مصنوعا من أزهار مختلفة أو من زهرة الاكاسيا أو الأوكاليبتوس أو غيرها . حذار العسل المسخن ! اعلموا أولا أن تصفية العسل في مصفاة ناعمة وتسخينه قبل سكبه في الأوعية يمكن أن يفسد نوعيته . صحيح أن تسخين العسل يحول دون تشكل حبيبات شبيهة بالسكر فيه بعد مضي بضعة أشهر من الحفظ ، ولكن ما نفع هذا العسل إذا فقد منافعه كلها! فإذا استهلكتم العسل الجيد خلال أشهر قليلة بعد جنيه ، فلن تتكون الحبيبات فيه قبل أن تتذوقوه . ولكن إن اشتريتم عسلا ووجدتموه سائلا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه تعرض للتسخين . ذلك أن عسل الأكاسيا والزيزفون سائل جدا بطبيعته ، في حين أن عسل الغار الوردي أكثر كثافة. أما عسل إكليل الجبل أو دوار الشمس فشديد الكثافة . وعموما، فإن عسل الزهرة الواحدة الذي تشترونه مباشرة من النحال ، ليس مسخنأ. الضمانات والمقايس تنص معايير جودة العسل الواردة في إحدى التوجيهات الأوروبية العائدة إلى سن 1974م وفي قانون الغذاء بتاريخ 1993م ، على أن نسبة الماء فيه يجب ألآ تتعدى 21% (باستثناء عسل النفل والخلنج الذي يسمح فيه بنسبة 23%) وألآ تتعدى نسبة السكاروز 5% (باستشاء الأكاسيا واللافندر أو عسل الحشرات العسلية الأخرى حيث قد تبلغ 10%). أما نسبة الشوائب في العسل فمقبولة بنسبة 1 ، . غ في كل100غم. إلى ذلك تقاس نسبة الرماد أو قدرة العسل على توصيل الكهرباء فضلأ عن نسبة الحموضة والسكر فيه . . . في حين تقاس حركة الدياستاز وهي أنزيم العسل لمعرفة ما إذا كان العسل طازجا أو لا، فكلما طالت مدة التخزين ، اضطررنا إلى تسخين العسل ، ما يخفف من فعالية الدياستاز فيه وهناك مقياس آخر لتقدير جودة العسل وهو قياس معدل مادة hydroxymethylfurfural معلوم أن نسبة هذه المادة شبه معدومة في العسل الطبيعي الخام ، إلآ أن نسبتها تزداد مع تحثل السكر في العسل . لذا فهي تشتهل مؤشرا جيدا لمعرفة ما إذا كان العسل قديما أو مسخنا. اقرأوا الملصقات جيدا في الدول الأوروبية، إن كلمة عسل لما المدونة على الوعاء هي عادة كافية بحد ذاتها لتتأكدوا من أن هذا المنتج طبيعي . .1 % وأنه من صنع النحل . فالتشريع يمنع زيادة أو إزالة أي مادة في العسل ، من أي نوع كانت . والجدير ذكره أن الفرنسيين يدونون على قوارير العسل الذي ينتجونه مصدره الجغرافي . لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى العسل المستورد الذي تدون عليه عبارة "مصادر متعددة" التي تعني على الرغم من غموضها أن هذا العسل هو مزيج أنواع من بلدان مختلفة . العسل المبستر يلجا النحالون الأمريكيون إلى هذه الطريقة منذ العام 1945م وهي تقضي بتسخين العسل بسرعة على حرارة 78 درجا مئوية ولمدة خمس أو ست دقانق ، ثم تبريده بالسرعة نفسها للحؤول دون ظهور حبيبات السكر فيه . ونتيجة لذلك ، يبقى العسل سائلا لمدة 9 أو 10 أشهر على الأقل . فالتسخين لا يعدل شيئآ في نوعية سكر العسل إلآ أنه يقضي على الأنزيمات ، فيفقد العسل بالتالي قيمته البيولوجية. ( الاسبوع القادم العسل كيف يحفظ ومما يتركب)