اليس غريبا ان تتزعم فرنسا معارضة الحرب في العراق في نفس الوقت الذي يقول فيه الرئيس شيراك في خطابه في القمة الفرنسية الافريقية يوم الخميس الماضي مانصه (لقد ولى زمن الحصانة التي كان يتمتع بها مرتكبو الاعمال الاجرامية في افريقيا). واذا كانت فرنسا عبر الدعوة لهذا المؤتمر الذي ضم 45 دولة افريقية تعبر عن مسئوليتها تجاه هذه القارة والتي امتدت لعدة عقود فان ماتشهده افريقيا من سيطرة الزعامات القمعية والتي عناها شيراك في خطابه وهذا الانتشار لاعمال القتل والفوضى تتحمل فرنسا جزءا رئيسيا من مسئوليته بحكم احتفاظها بهذا الملف طوال هذه المدة وابداء الانزعاج من تدخل الاسر الدولية تجاه المجازر التي شهدتها سيراليون ومن قبلها الصومال واليوم ساحل العاج. الا يستدعي هذا الفشل ورفض التدخل الدولي في آن واحد الى وقفة مراجعة مع السياسة الخارجية الفرنسية والتي تسعى الى نقل تجربتها هذه الى الشرق الاوسط.. بل الا يستدعي الرفض الاوربي لدعوة باريس لزعيم زيمبابوي الدموي الى هذه القمة والتي حاولت مظاهرات غاضبة اقتحامها للقبض على هذا الدكتاتور ربرت موغابي والمقامة ضده قضايا في المحاكم الفرنسية لاعماله الاجرامية. الا يستدعي كل ذلك وقفة طويلة امام تفسير باريس للزعامات الدموية ففي تجربة البلقان كان الرئيس ميتران يعمل على تأخير التدخل الدولي لانقاذ ميلوسيفيتش عن مجازره في البوسنة ومن بعدها في كوسوفا وقد رأى العالم نجاح ذلك التدخل في اخراج الدكتاتوري الصربي من معقله وتسليمه للمحاكمة الدولية وهو امر كانت فرنسا تؤخره بغير مبرر سوى ان هذا شأنا اوروبيا ان المقولة الشهيرة لميتران لايمكن ان يمسحها مرور السنوات يوم ان كان وزيرا للداخلية ابان الحرب الفرنسية في الجزائر في الخمسينات حينما قال (لا حل للحرب الا بالحرب) فأين ذهبت هذه المقولة عندما يتعلق الامر بحكام من امثال موغابي وميلوسيفيتش وصدام حسين هل هذه المقولة صحيحة في السياسة الفرنسية فقط في حالة محاربة الشعب الجزائري وازهاق مليون ونصف من ارواح ابنائه؟! وفي حالة الحكام الاشرار فالبديل هي الطبطبة على ظهورهم واستضافتهم في باريس!!!