من أكثر الأشياء التي تحز في نفسي، أننا عموما قوم لا نأبه كثيرا بالجماليات رغم ولعنا بالكماليات، ذلك لأننا مولعون بالفشخرة والمنظرة و»استعراض» الإمكانات، ولهذا نقتني الأثاث الغالي ليس لكونه جميلا أو منسجما مع بقية مكونات البيت، بل لأنه يعطي الانطباع بأننا «فوق»، وتجد شخصا يلبس في معصمه ساعة كلها شخابيط ودوائر وعقارب وثعابين، ولا يمكن الاستفادة منها دون الاستعانة بجدول لوغريتمات (بمجرد سماعي أن عالما عربيا هو الخوارزمي «عربي مثلي بالتجنس»، هو الذي دبّس البشرية في اللوغريتمات، قلت: أكيد عربي من يتوصل الى تشكيلة أرقام وتسميات تسد النفس، وتحول الرياضيات من مادة ثقيلة على النفس إلى مرض نفسي وعقلي).. المهم يقول لك صاحب الساعة: إنه اشتراها بنحو 1000 دولار ولا تستطيع ان تقول له: إن ساعتك «أم 25 دولارا» أجمل من ساعته التي تشبه البيتزا. في بعض البيوت حدائق تفتح النفس، لكن في حكم النادر ان تجد أصحابها يقطفون منها ليقدموه هدية لبعضهم البعض أو لغيرهم نحن لا نعرف ان الجمال في البساطة، وعلى مسؤوليتي فإذا كان عليك ان تختار عروسا من بين اثنتين، إحداهما ذات جمال مهول وباهر، لكن من الواضح انها خضعت لعملية طلاء ودهان وورنيش وسمكرة طويلة، وأخرى جميلة جمالا شبه عادي، لكنك لاحظت انها لا تستخدم إلا الحد الأدنى من المكياج، فقط ليعزز نقاط الجمال في وجهها، فعليك بالأخيرة (إذا كان جمال الوجه هو شرطك الوحيد في اختيار الزوجة، لأنك .. عبيط، وتريد زوجة تستخدمها كأنتيكة وديكور اجتماعي). بعض البيوت تشبه المتاحف بسبب كثرة المعروض فيها من الأباجورات والمزهريات بلا تناسق أو تنسيق، وفي بعض البيوت حدائق تفتح النفس، لكن في حكم النادر أن تجد أصحابها يقطفون منها ليقدموه هدية لبعضهم البعض أو لغيرهم، أو حتى يجلسون فيها للاستمتاع بالألوان والأريج. غياب الورد في الخطاب العاطفي في حياتنا دليل خلل في قيمنا الجمالية.. هب أنني مثلا أغضبت أم الجعافر في مسألة سخيفة وبسيطة.. لو فكرت في الاعتذار وتقديم وردة لها، يجب ان أتأكد مقدما من أن الوردة خالية من الشوك حتى لا أفقد إحدى عيني.. وهب أنني غلطت في حقها غلطة فادحة، ولم أعتذر لها واكتفيت بشراء خاتم ذهبي أو ساعة رولكس فالصو (وهي لا تدري أنها فالصو).. على طول سيتحول أبو الجعافر من شخص لئيم أثيم إلى شخص لطيف ودمه خفيف: تسلم لي يا أبا الذوق والحنيّة!! أما لو دخلت عليها بالجزمة، فستسمع منها دعاء: الله يخليك لنا.. (تدخل عليها وأنت تحمل جزمة/ حذاء جديدا، وليس بالطريقة التي في بالك، لأن الجزمة تأتي في المرتبة الثانية في قائمة أولويات المرأة بعد المجوهرات). أنا مع الورد وأحب الورد (رغم أنني وعندما كنت نزيل المستشفى ووصلتني باقة ورد ارتفاعها متر وعرضها متران، ثم عرفت أن قيمتها نحو 600 دولار عاتبت من أهداها لي قائلا : يعني لو جبت بوكيه أصغر شوية وأعطيتني فرق السعر كاش......)، لكنني أكره «دموع الورد»، وهو المسلسل التركي الذي أودى بحياة طفل في تونس كما جاء في جريدة الصباح التونسية.. شنق نفسه بحبل الستارة مقلدا مشهدا في الفيلم. يا جماعة يا ما قلت لكم : إن المسلسلات التلفزيونية عموما والعربية والتركية خصوصا ضارة بالصحة العقلية والنفسية. كما أنها تتسبب في تمدد الكروش أفقيا وتقلص الدماغ عموديا.. اسمعوا كلامي والجايات أكثر من الرائحات!! [email protected]