@@ قبل سنوات قليلة خرج بعض الافارقة الشجعان من أعماق المناجم ومن اطراف الغابات ومن شواطئ الانهار ومن بطون التماسيح كان اولئك الجوعى غاضبين وتتقد عيونهم بالغيظ والقهر وتقدح لهبا اجتاح المدن في زائير وما لبثوا ان وصلوا الى كنشاسا وطرقوا ابوابها بعنف. @@ وكان في ذلك الحين لايزال موبوتو حيا يرتدي جلد النمر الافريقي ويضع عصا الجنرال في يده اليمنى ويزين صدره بكل اوسمة الاستبداد والعار ويحمل في رأسه عناده الاسود ويصر على الاطاحة بمزيد من الضحايا الابرياء.. ولم تقنعه ثروته الهائلة وقصوره الفخمة ومستودعات الذهب التي اكتنزها من عرق العمال الكادحين ومن ثروات بلاده. @@ تذكرت كل هذا.. وتلك السنوات الطويلة التي غرق فيها موبوتو في بحور من الدم والظلم والدكتاتورية البغيضة وكيف خرج الجوعى من ابناء شعبه لازاحته واسقاطه. وكيف ان بعض الشعوب المغلوبة على امرها.. يجثم على صدرها بعض الطغاة ولم يتخلصوا من جلاديهم الذين سببوا لبلادهم العار والدمار والحصار.. @@ لقد قابلت العديد من الشعراء.. والعلماء والمبدعين الذين شردوا من بلادهم.. ومات بعضهم في غربتهم.. ومنهم الجواهري.. والبياتي وبلند الحيدري.. ومن قبلهم بدر شاكر السياب .. كل هذه الجموع التي هربت من نير البطش والرعب والظلم والاستبداد.. من يحمل وزر تغربهم وتجويعهم وتشريدهم عن بلادهم.. وهؤلاء الاطباء والعلماء.. والضباط الكبار المنتشرون من كل بقاع الارض من اخوتنا العراقيين.. من الذي طردهم من بلادهم.. ومن خيرات ارضهم.. من هجر علماء الطب والفلك.. والذرة.. والأدب.. والشعر.. واباح دماءهم. أليست هي قيادة بلادهم..؟ @@ هؤلاء الهاربون من الظلم والطغيان ، أليس لهم في اعناقنا كلمة حق ينبغي ان تقال - هذه الملايين المنتشرة والمغتربة عن وطنها العراق في ذمة من ؟ .. ومن اجل من؟ رحلوا عن بلادهم أليس ذلك بفعل الظلم والبطش والقتل والسجن.. @@ لقد انتفض ذات يوم التمساح الافريقي الجائع فاكتسح جلاديه ولم يجد الطاغية موبوتو.. حتى قبرا يأويه عند مماته.. وتلك نهاية كل طاغية.. @@ ان أرواح الشهداء والمظلومين الذين قتلوا والذين شردوا والذين سجنوا.. ستقتص ممن ظلمهم.. فالعنف لا يورث إلا عنفا.. والظلم لابد وان يزول.. وتلك نهاية الظالمين