في الأول من فبراير الحالي شاهد الملايين من سكان المعمورة حيا على الهواء انفجار المكوك الفضائي الأميركي كولومبيا في ثاني حادث من نوعه في تاريخ برنامج الفضاء الأميركي، وأسفر الحادث عن مقتل رواد المكوك السبعة الذين كان بينهم أول رائد فضاء إسرائيلي، هو إيلان رامون. وشاءت الصدف أن ينفجر المكوك فوق مدينة صغيرة تكاد لا تظهر على خارطة ولاية تكساس الأميركية وتدعى فلسطين. فما هي قصة فلسطين، كولومبيا ورامون؟ فلسطين.. في قلب تكساس!! أطلق اسم فلسطين في ولاية تكساس على المدينة الصغيرة التي كان سكانها أول من شهد تحطم المكوك كولومبيا، بدافع الولاء للأرض المقدسة. ومدينة فلسطين تقع بين دالاس وهيوستن، ويبلغ عدد سكانها 18 ألف نسمة، أسسها عام 1840م المبشر المعمداني دانيال باركر الذي كان يتحدر من فلسطين أخرى في ولاية إيللينويز الشمالية، كما يشير تاريخ مجتمع تكساس.. وكان زميل للمكتشف الفرنسي روبير كافولييه دو لا سال يُعرف باسم جون لاموت اكتشف فلسطين في إيللينويز عام 1678 وأعطاها اسمها لأنها تشبه فلسطين التاريخية أو بلد اللبن والعسل الوارد ذكرها في الكتاب المقدس. وتدين فلسطين في تكساس بازدهارها للصناعة النفطية حيث اكتشف فيها النفط عام 1928 وهي ثانية أقدم مدن تكساس والثانية بعد غالفستون من حيث المزارات التاريخية ومنها متحف حضارة شرق تكساس وكنيسة القلب الأقدس الكاثوليكية. وذهل الإسرائيليون الذين كانوا يتوقعون عودة الرائد إيلان رامون عندما بثت الشبكات التلفزيونية العالمية أن أول مدينة في تكساس شهدت تفتت المكوك هي فلسطين. كولومبيا يعتبر مكوك الفضاء كولومبيا الأقدم في أسطول سفن الفضاء الأميركية. قام كولومبيا بأول رحلة له حول الأرض سنة 1981م، وهذه الرحلة الأخيرة التي بدأها في 16 يناير الماضي كانت الثامنة والعشرين له. سمي كولومبيا على اسم سفينة القبطان الأميركي روبرت غراي الذي اكتشف في 11 مايو 1792م طريقا ملاحيا جنوب شرق كولومبيا البريطانية (كندا)، وكانت هذه السفينة أيضا السفينة الأميركية الأولى التي تقوم بدورة حول العالم. كذلك حملت أول وحدة للبحرية الأميركية تقوم بدورة حول الأرض اسم كولومبيا، بالإضافة إلى كبسولة قيادة السفينة أبوللو 11 التي قامت بأول رحلة إلى القمر. ومنذ بداية برنامج سفن الفضاء انضم أربعة أشقاء إلى كولومبيا في أسطول الناسا: تشالينجر سنة 1982 وديسكوفري (1983) وأتلانتيس (1985) وأنديفور التي حلت محل تشالينجر التي انفجرت في الجو سنة 1986. ومنذ رحلتها الأولى أدخلت على كولومبيا العديد من التعديلات لتحسين سلامتها وقدراتها بعد أن أرغم انفجار تشالينجر مسؤولي الناسا على إدخال نحو مائتي عملية تحسين على السفن الأخرى قبل استئناف الرحلات سنة 1988. رامون كان رائد الفضاء الإسرائيلي إيلان رامون الذي قتل مع 6 أعضاء آخرين من طاقم مركبة كولومبيا الفضائية، طيارا قديما في سلاح الجو الإسرائيلي، وشارك سنة 1981 في قصف مفاعل تموز النووي العراقي. ورامون البالغ من العمر 48 سنة والمتزوج والأب لأربعة أطفال. وشارك رامون في اعتداءات أكتوبر 1973 وفي اجتياح لبنان سنة 1982 ومعروف جدا بمشاركته في الهجوم على مفاعل تموز النووي العراقي. ففي 7 يونيو 1981 عبرت سبع طائرات إسرائيلية من طراز أف-16 أميركية الصنع أجواء أراض عربية من دون أن تكشفها أي رادارات قبل أن تصل إلى الأجواء العراقية وتغير على هذا المفاعل النووي من صنع فرنسي وتدمره بشكل كامل. وبعد أن ارتقى رامون سنة 1994 إلى رتبة كولونيل تم اختياره من قبل الناسا سنة 1997 ليصبح أول رائد فضاء إسرائيلي وبدأ تدريباته سنة 1998 في مركز الفضاء جونسون في هيوستن بتكساس (جنوبالولاياتالمتحدة) حيث استقرت عائلته هناك إلى جانبه. وتتمثل مهام رامون في المركبة الفضائية بالخصوص في استخدام آلة تصوير أعدتها وكالة الفضاء الإسرائيلية لتحليل الزوابع الرملية في الشرق الأوسط وعلاقتها بارتفاع حرارة الأرض. وكان سيتولى القيام بمجموعة من التجارب الطبية لفائدة جامعة تل أبيب ولمستشفى أشيلوف في هذه المدينة ومعهد طب الفضاء في القدس. وكان رامون مدركا للأهمية بالنسبة للإسرائيليين في أن يذهب أحد أبناء بلدهم في رحلة إلى الفضاء. وصرح رامون قبيل انطلاق مركبة الفضاء أعرف أن رحلتي مليئة بالمعاني الرمزية بالنسبة للشعب الإسرائيلي وخاصة بالنسبة للناجين من المحرقة وأضاف لأني ولدت في إسرائيل فإن كثيرا من الأشخاص سيعتبرون رحلتي بمثابة الحلم الذي تحول إلى حقيقة. وصرح أيضا يوم 15 يناير قبيل إطلاق المركبة خلال محادثة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون إنه امتياز كبير لي أن أمثل الدولة الإسرائيلية وهو أيضا شرف كبير.. وأضاف سأحمل معي بعض الأشياء الخاصة لمحاولة التعبير عن وحدة الشعب الإسرائيلي والمجموعة اليهودية. وتحدث رامون مرة أخرى مع شارون خلال مهمته ووصف له كيف يستطيع أن يتمعن في الجمال الهش لكوكبنا الأزرق. وصرح سفير إسرائيل في واشنطن داني إيالون قبيل انفجار كولومبيا بساعات انه كان من الطبيعي اختيار رامون ليكون أول رائد فضاء إسرائيلي. فهو مستعد ذهنيا ومهنيا. وأضاف إنه من أفضل ما كان يمكن أن نقدمه. لحظه انفجار كولومبيا باراك يكرم رامون - ارشيف