للمرة الأولى في تاريخ حلف شمال الأطلنطي nato تعترض بلجيكاوفرنسا والمانيا على قرار الحرب ضد العراق، فأوروبا تنظر الى الولاياتالمتحدةالأمريكية على انها حامي حماها ومخلصها الأول من الهيمنة الألمانية الهتلرية في منتصف القرن الماضي من ناحية، وحاميها من المد الشيوعي السوفيتي في الحرب الباردة، ومن هنا تنظر الولاياتالمتحدةالأمريكية على هذا الاعتراض بأنه حالة عصيان وسابقة فريدة لم تحدث من قبل سواء في حرب الخليج الثانية عندما قادت الولاياتالمتحدة تحالفا دوليا لتحرير الكويت، أو في حرب البلقان، أو في الحرب على افغانستان. واعتراض دولة واحدة ولو كانت لوكسمبورج على قرار الحرب من شأنه أن يوقف مساعدة الحلف لهذه الحرب المرتقبة، ولذا بدا دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي مستاء وعصبيا في الخطبة التي القاها أثناء لقائه مع وزير الخارجية الالماني، وزاد الأمر سوءا قيام فرنسا والمانيا بمبادرة لحل الازمة العراقية دون ان تطلع الولاياتالمتحدةالأمريكية على فحواها، وهذا ما أثار حفيظة الولاياتالمتحدة وجعلها تستنكر ما أقدمت عليه دول ذات شأن ولها تاريخها في حلف الناتو الذي يمثل البوابة الرئيسية لحماية مصالح الغرب الأوروبي والأمريكي. ودلالات هذا الموقف كثيرة - تشير إلى تغيير جديد في مواقف هذه الدول ربما لأنها بدأت تدرك ان سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية الأكثر تشددا سوف توقعها في حرج مع دول الشرق الأوسط التي ترتبط معها بروابط اقتصادية وسياسية وربما تتأثر هذه العلاقات جراء هذا التعاون غير المبرر من ناحية، وكذلك تيقن هذه الدول من النتائج السيئة التي ربما تتمخض عنها هذه الحرب لو وقعت سواء على المدنيين الأبرياء او الوضع العالمي كله من ناحية اخرى، خاصة بعد انصياع العراق لمقررات الشرعية الدولية وسماحه بالتعاون مع مفتشي الأممالمتحدة، وبما يجعل من الخطأ الانصياع لأوامر وتوجهات واشنطن فيما تدعيه من حرب على الإرهاب دون ما حاجة تدعو اليه في الوقت الراهن، وما تراه هذه الدول انه من السابق لأوانه التحالف مع امريكا لتوجيه ضربة عسكرية ضد العراق الا بعد ان تصدر الأممالمتحدة قرارها النهائي بشأن العراق. كما ان ظهور موقف الصين وروسيا اللتين انضمتا الى قائمة الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الرافضة للحرب على العراق واتاحة الفرصة امام المفتشين الدوليين للقيام بتفتيش المواقع واستجواب العلماء يجعل من الصعب على الولاياتالمتحدة ان تقوم بعمل منفرد مع بريطانيا رغم ما جهزته من معدات وتكاليف بلغت تحركاتها اكثر من 1.2 مليار دولار، لانها لو اقدمت على ذلك بدون غطاء شرعي من الأممالمتحدة فسوف تجلب سخط العالم وشعوبه ودوله ولن يقف معها حلفاء أو أصدقاء.