يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «الغرف»: تشكيل أول لجنة من نوعها ل«الطاقة» والبتروكيماويات    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نموذج من إنصاف الإسلام للمرأة
نشر في اليوم يوم 12 - 02 - 2003

فطرة الانسان, وثقته بعدالة الشارع, وكمال التشريع الالهي, تدفعه للبحث عن الحل والعلاج, لاي معضلة تواجهه, او محنة يتعرض لها في حياته الاجتماعية.
فاذا ما وجد فراغا تشريعيا في قضية من القضايا, عليه ان يعود الى مصادر التشريع جادا مجتهدا, للحصول على الحكم المطلوب لملء ذلك الفراغ, ومعالجة ذلك المعضل.
يتحدث القرآن الكريم عن امرأة واجهت هذا التحدي في بدء تكوين المجتمع الاسلامي, حيث كانت لاتزال بعض الاعراف والتقاليد الجاهلية حاكمة سائدة, لان التشريع كان يتكامل تدريجيا.
رأت هذه المرأة ان الحكم السائد في القضية التي واجهتها يضر بمصلحتها, ويهدد مستقبلها ومستقبل عائلتها بالضياع والدمار, فلم تسكت على ذلك, ولم تقبل الخضوع لعرف وتقليد يلحق بها الظلم والاذى, فانطلقت نحو جهة التشريع, النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , تعلن معارضتها ورفضها القبول بالعرف السائد, وتطالبه بتشريع عادل يعالج مشكلتها وامثالها بواقعية وانصاف, وحينما اعتذر لها النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بانه بعد لم ينزل عليه وحي حول هذا الوضع, لم يقنعها ذلك, ودخلت معه في نقاش وجدال, تلح وتضغط لجهة الاسراع في وضع حل.
لم ينهرها النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , ولم يغضب من جدالها واصرارها, ولا استنكر عليها المطالبة والشكوى لحماية مصالحها, بل ان الله تعالى اشاد بموقفها وخلده بان جعله عنوانا لسورة كاملة في القرآن الكريم, تبدأ بالحديث عن المشكلة التي طرحتها تلك المرأة, وتضع التشريع الالهي لمعالجتها, وهي السورة رقم 58 واسمها سورة (المجادلة) .
تبدأ السورة بقوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير).
قال اكثر المفسرين: ان تلك المرأة صحابية من الانصار اسمها (خولة بنت ثعلبة بن مالك الخزرجية) وزوجها اوس بن الصامت, وكان شيخا كبيرا, قد ساء خلقه, فدخل عليها يوما, فراجعته بشيء, فغضب, فقال: انت علي كظهر امي, وكان الرجل في الجاهلية, اذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه, ويسمى ظهارا, ولانه اول حادث من نوعه في المجتمع الاسلامي, ولم يكن قد نزل حوله تشريع, فان الحكم السابق يبقى ساري المفعول في عرف المجتمع.
ورغم ان الزوج قد تراجع عن كلامه, لكن التراجع لا يجدي وقد انتهت الى الابد العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته.
فأتت الزوجة (خولة) رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وقالت: يا رسول الله ان اوسا تزوجني وانا شابة مرغوب في فلما خلا سني, ونثرت له بطني جعلني عليه كأمه, وتركني الى غير احد, فان كنت تجد لي رخصة يا رسول الله, تنعشني بها واياه فحدثني بها؟
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : والله ما امرت في شأنك بشيء حتى الآن.
وفي رواية: ما اراك الا قد حرمت عليه.
قالت: ما ذكر طلاقا. وجادلت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مرارا. ثم قالت: اللهم اني اشكو اليك شدة وحدتي, وما يشق علي من فراقه.
وفي رواية قالت: اشكو الى الله تعالى فاقتي, وشدة حالي, وان لي صبية صغارا, ان ضممتهم اليه ضاعوا, وان ضممتهم الي جاعوا!!
وجعلت ترفع رأسها الى السماء وتقول: اللهم اني اشكو اليك, اللهم فأنزل على لسان نبيك. وما برحت حتى نزل القرآن فيها. فقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : يا خولة ابشري.
قالت: خيرا؟ فقرأ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عليها اوائل آيات سورة المجادلة, والتي تتضمن تشريعا جديدا, يتيح للزوج التراجع عن تحريم زوجته عليه بتشبيهه لها بأمه, شريطة ان يقوم بالتكفير عن ذلك, بعتق رقبة ، فان لم يستطع يصوم شهرين متتابعين, فان لم يكن قادرا يطعم ستين مسكينا. وعند ذلك يستعيد علاقته الزوجية يقول تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل ان يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا...).
اصبحت هذه المرأة الجريئة التي طالبت بتشريع يحمي حقوقها ومصالحها, ذات موقعية واحترام في وسط المسلمين, بعد ان خلد موقفها الذكر الحكيم.
ينقل السيد محمود الآلوسي البغدادي في تفسيره (روح المعاني في تفسير القرآن) انه كان (عمر رضي الله عنه يكرمها اذا دخلت عليه, ويقول: قد سمع الله تعالى لها, وروى ابن ابي حاتم, والبيهقي في الاسماء والصفات انها لقيته رضي الله عنه وهو يسير مع الناس, فاستوقفته فوقف لها, ودنا منها, واصغى اليها, ووضع يده على منكبيها, حتى قضت حاجتها وانصرفت, فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبست رجال قريش على هذه العجوز؟ قال: ويحك اتدري من هذه؟ قال: لا, قال: هذه امرأة سمع الله تعالى شكواها من فوق سبع سماوات, هذه خولة بنت ثعلبة, والله لو لم تنصرف حتى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها. وفي رواية للبخاري في تاريخه: انها قالت: قف يا عمر.
فوقف فأغلظت له القول. فقال رجل: يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم! فقال: وما يمنعني ان استمع اليها وهي التي استمع الله تعالى لها فأنزل فيها ما انزل).
وجميل ما قاله الشيخ ابن عاشور عند تفسيره لسورة المجادلة: (افتتحت آيات احكام الظهار بذكر سبب نزولها, تنويها بالمرأة التي وجهت شكواها الى الله تعالى, بانها لم تقصر في طلب العدل في حقها وحق بنيها. ولم ترض بعنجهية زوجها وابتداره الى ما ينثر عقد عائلته دون تبصر ولا روية, وتعليما لنساء الامة الاسلامية ورجالها, واجب الذود عن مصالحها).
فرص العلم والمعرفة في مختلف مستوياتها, يجب ان تتاح للنساء كما للرجال على حد سواء, واذا ما لاحظت المرأة نقصا او غبنا لها في هذا المجال, فعليها الا تسكت على ذلك, بل تطالب بحقها في كسب المعرفة والعلم. وهذا ما حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , وأقر لهن بمشروعية طلبهن, واستجاب لرغبتهن.
جاء في صحيح البخاري عن ابي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : غلبنا عليك الرجال, فاجعل لنا يوما من نفسك. فوعدهن يوما لقيهن فيه, فوعظهن وأمرهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.