استبعد الرئيس الايراني حسن روحاني "مائة في المائة" تفكيك منشآت نووية في ايران، بعد الاتفاق الذي ابرم في جنيف حول البرنامج النووي الايراني، فيما اعتبر مشاركون في ندوة نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة أن إيران قدمت تنازلات في مباحثات جنيف بشأن برنامجها النووي، من أجل استعادة دورها الإقليمي، وتفادي نقمة الجبهة الداخلية. وردا على سؤال فايننشال تايمز عما اذا كان تفكيك المنشآت النووية في بلاده خطا احمر ينبغي الا تتجاوزه حكومته، اجاب الرئيس الايراني "مائة في المائة". والمح روحاني ايضا في هذه المقابلة الى امكان ان تشهد العلاقات بين طهرانوواشنطن تحسنا في المرحلة المقبلة. واعتبر ان "المشاكل بين ايران والولايات المتحدة معقدة للغاية ولا يمكن حلها في وقت قصير. وبالرغم من التعقيدات، حصل انفتاح خلال الايام المائة الاخيرة ومن الممكن ان يتسع". تنازلات وفي سياق ذي صلة، اعتبر معظم المشاركين في ندوة نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة أن إيران قدمت تنازلات في مباحثات جنيف بشأن برنامجها النووي من أجل استعادة دورها الإقليمي، وتفادي نقمة الجبهة الداخلية الراغبة في التخلص من العقوبات. وتقول الباحثة بمركز الجزيرة للدراسات فاطمة الصمادي: إن تأثيرات العقوبات الاقتصادية ساهمت بصورة مباشرة في دفع صانعي القرار الإيراني نحو توقيع الاتفاق. وتوضح أن رفع العقوبات بات مطلبا داخليا في إيران، مما حتم على القيادة البحث عن مخرج، قائلة إن الرئيس حسن روحاني كان ملزما بأن يختتم المائة يوم الأولى من رئاسته بإنجاز سياسي. وركزت الصمادي في مداخلاتها على رصد تغيّر الخطاب الإيراني- حتى قبل مجيء روحاني- حيال أميركا، حيث تحولت طهران من خانة المستضعفين والدفاع عنهم إلى حيز المصالح والبحث عن المخارج، حسب تعبيرها. ووفق الصمادي، تجلّى التغير في الخطاب الإيراني في حديثٍ لرئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني حول تغيّر الظروف وتبدّلها، وقوله إن "هذا الشكل من العلاقة بين طهرانوواشنطن لا يمكن أن يستمر". وتلاحظ الصمادي أن المجتمع الإيراني بدأ يتخلى عن الشعارات الكبرى التي ترفعها التيارات المحافظة، حيث خرجت أصوات لا تريد الموت لأحد في معارضة صريحة لشعار "الموت لأمريكا". أما رئيس قسم العلوم الإنسانية بجامعة قطر الدكتور محجوب الزويري، فيرى أن النظام الإيراني قبِل تسوية الملف النووي بعد أن شعر بالتهديدات التي يمثلها تورطه في الأزمة السورية. ويضيف أن طهران استفادت من مقاربة وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي تقتضي البحث عن تقارب مع سوريا لإبعادها عن إيران أو تقارب مع إيران لعزل سوريا. ويرى أن المأزق السوري عجل بإبرام الاتفاق، كونه يشكل أكبر خطر عسكري وسياسي تواجهه إيران منذ حربها ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي. أما الباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان فأشار إلى أن الاتفاق نتج عن مفاوضات سرية طويلة بين الإدارة الأميركية وساسة إيران، ولم يعلم به حتى حلفاء واشنطن، على حد قوله. ويخلص قبلان إلى أن الاتفاق يعكس أن التقاء المصالح الإيرانية والأميركية أصبح ممكنا، في ظل رئاسة روحاني وتحت ضغط شعبي سببه تردي الوضع الاقتصادي. وحسب تقدير قبلان، فإن السلاح النووي لم يكن يوما غاية لدى إيران إنما وسيلة لتوسيع النفوذ، وهذا ما تحقق منذ سنوات وتوّج بالاتفاق مع الغرب.