نشأت سلمى في قرية صغيرة بالقرب من القدس، استشهد ابوها وهي صغيرة فذاقت مرارة اليتم وظلم وبطش العدو. الا ان امها استطاعت ان تربيها واخوتها الستة على معاني الكرامة والعزة والايمان، قرأت وهي ابنة ست سنين قصة المرأة العربية المسلمة التي قصت ضفائرها الطويلة الجميلة لتجعلها عنانا لفرس مجاهد في سبيل الله، وفي ذلك اليوم قررت سلمى ان تربي ضفائرها الصغيرة التي كانت تغطيها بحجابها الابيض، رمز الطهارة والعفاف. كبرت سلمى وكبرت ضفائرها واحلامها معها، ومع بلوغها سن الخامسة عشرة دق خبر الاستشهاد باب بيتهم للمرة الثانية، فقد استشهد اخوها صالح في مواجهات الانتفاضة الاولى، لم تجزع الام ولا سلمى ليقينهما ان هذا قدر كل بيت فلسطيني مؤمن مجاهد. دخلت سلمى الى مضجعها لتمسح دمعها، وتمتمت بدعاء لاخيها واخذت تقرأ القرآن، وفي الصباح قامت وتفقدت ضفائرها وكانت تزداد فرحا كلما ازدادت ضفائرها طولا، لا تعلم السبب، لكنه شعور بانها ستشارك الرجال معارج المقاومة الباسلة، كانت تمر على نقاط التفتيش برباطة جأش ونظرات اشد وقعا على العدو من الرصاص، اصرار على البقاء وعزيمة على المقاومة وفي كل مرة كانت تضع يدها فوق حجابها حتى لا تظهر ضفائرها. تزوجت سلمى، كان زوجها في صغره احد اطفال الحجارة، وعندما كبر تحولت الحجارة الى سلاح وعزيمة وتحول الطفل الى مشروع شهيد. كان في كل ليلة يغيب عن البيت تشعر سلمى بالخوف والقلق وعندما يعود تمسح عن وجهه ويديه بقايا دماء وعرق وتراب، ويجلس معها ليحدثها عن المقاومة ثم يتهجدان معا ويدعوان الله بالنصر او الشهادة، رزقها الله بطفلين منه وذات ليلة تأخر في العودة، بدأت بالصلاة وقرأت القرآن وألحت في الدعاء وسمعت اصواتا في الخارج، وعلمت آنئذ ان احدا قد استشهد، كل اسرة كانت تتوقع ان يكون ابنها، او اخاها، او رب اسرتها، تسارعت دقات قلب سلمى، ولم يقطعها الا ضربات على الباب قامت وهي تجر خطاها وفتحت الباب وسمعت بخبر استشهاد زوجها استرجعت وحمدت الله، ضمت صغيريها الى صدرها، ترملت وهي في الثامنة والعشرين من العمر. اصرت سلمى على ابقاء ضفائرها وكانت تحكي لابنيها الصغيرين قصة استشهاد ابيها واخيها وزوجها وتقول لهم: لكل واحد منكم ضفيرة يسرج بها عنان فرسه في سبيل الله عندما تكبرون. بينما كان كثير من العرب منشغلين بمشاهدة مسابقة ملكات الجمال والحفلات الغنائية الراقصة في فضائيات عربية الاسم لا منتمية الهوية. كانت سلمى تنظر من النافذة الى طفليها وهما يرميان جنود العدو بالحجارة, وادركت سلمى ان لديها مشروع شهيدين وليس مشروع شهيد واحد. تفقدت ضفائرها ودمعت عيناها فرحا وليس حزنا. بينما نسيت عيون العرب الدموع وأدمنت الفضائيات.