منذ بدء تطبيق الاحتراف في المملكة وتحولات كبيرة يلاحظها المتابع سواء على اللاعبين وحقوقهم او مفهوم كرة القدم لدى المجتمع وهي تحولات منطقية كان لابد للجميع من التعامل معها, وقد كتبت حينها مقالا قلت فيه ان الكبير سيأكل الصغير وان القوة التنافسية ستكون بيد الاقلية تماما كاقتصاد السوق الحر وقلت آنذاك هناك مسافة بين اندية غنية واخرى متوسطة وثالثة فقيرة وان هذه المسافة ستتسع وستتحول الاندية الصغيرة وحتى المتوسطة الى اندية تفريخ للكبار, ومع مرور الوقت اتضح ان المال هو سيد الامور وان الانتماء انتهى الى غير رجعة وان هناك اندية كبيرة تدفع هي الاخرى فاتورة هذا النظام فانتقالات النجوم لم تقتصر على الاندية الصغيرة بل بين الكبار انفسهم وتحول اللاعب الى سلعة لمن يدفع اكثر. قد تكون هذه المتغيرات طبيعية ومتناسبة مع تطور العصر ولكنها في النهاية ستقتل روح المنافسة وتضيق من قاعدة الاختيار وستصبح مفاتيح اللعبة خارج السيطرة ومع ان هناك اندية صغيرة استطاعت المنافسة مثل القادسية فان النفس قد لا يكون طويلا او قويا على المدى البعيد. الآن وفي تطور جديد ومثير نسمع عن انطلاق قنوات تلفزيونية للاندية وان الدخل المتوقع قد يصل الى عشرين مليون ريال من الاشتراكات, ناهيك عن الاعلانات ودعم اعضاء الشرف وهذا يعني ان الاندية الجماهيرية (الهلال - الاتحاد - النصر - الاهلي) هي التي ستستفيد من هذه القنوات معتمدة على قاعدتها الجماهيرية, بينما تتفرج بقية الاندية على هذه المداخيل الضخمة والنتيجة ان الهوة ستتسع اكثر فأكثر, ولن يكون بإمكان هذه الاندية الاستمرار وقد تغلق أبوابها او تتحول ملكيتها الى اندية كبيرة وستصبح المنافسة محصورة بين الاربعة الكبار فقط, يعني قد تنقرض كما انقرضت بعض المخلوقات. وحينها قد لا نجد موقفا لاندية لها تاريخ كالشباب والاتفاق والقادسية وبقية الاندية الصغيرة الاخرى التي لا تملك القاعدة الجماهيرية والامكانات المالية التي تملكها الأندية الكبيرة. صدقوني ما يحدث الآن من تطورات سيترك آثارا اجتماعية خطيرة وربما فراغا قاتلا لكثير من الشباب واذا كانت الصورة مشوشة حاليا ولا يستطيع أحد أن يصورها بشكل واضح فان الغد يبين ان التحول السريع الذي تشهده كرة القدم السعودية قد ينعكس سلبا ولو بعد حين.. وربما يكون هذا القصور قائما لكنه لا يعدو ان يكون أحد السيناريوهات الممكن حدوثها والعلم عند الله. ولكم تحياتي.