فيما تقترب الحملة الانتخابية الاسرائيلية من نهايتها لاتزال شعبية حزب العمل بقيادة زعيمه الجديد عمرام متسناع تراوح مكانها في وقت يبدو فيه زعيم الليكود ارئيل شارون محافظا على شعبيته رغم الاتهامات التي طالته. وينتظر أن يحسم الناخبون الإسرائيليون في 28 من الشهر الحالي كيفية معالجة الأزمات التي يواجهونها وهو اختيار حسب رأي معظم المراقبين شديد الصعوبة نظرا لدقة الوضع الأمني والاقتصادي في اسرائيل. وتشير اخر استطلاعات الرأي الى أن حزب الليكود (يميني) سيحصل على 33 مقعدا مقابل 20 مقعدا لمنافسه حزب العمل (يساري ) . ويرى مراقبون أن متسناع فعل كل ما بوسعه لتضييق الفارق مع حزب الليكود حيث أعلن تأكيده على رفضه المشاركة في حكومة وطنية يتزعمها شارون وهو بذلك يبدو متطلعا الى أصوات الناخبين المؤيدين للأحزاب اليسارية الأخرى للالتفاف حول حزبه بوصفه يمثل القاسم المشترك لجميع أحزاب اليسار. و قال عمرام أنه في حالة فوز شارون في هذه الانتخابات فان الحكومة المقبلة ستكون يمينية متطرفة موكدا أن من لن يصوت للعمل فأنه سيصوت بالفعل الى شارون. ويعتمد الزعيم الجديد لحزب العمل على أسلوب مواجهة الناخبين على نحو واقعي فهو يؤكد على عدم ذر الرماد على عيون الناخبين والكلام عن وحدة مزيفة، ويطرح مبادرات تعد جريئة بين مختلف الأوساط الاسرائيلية ، خاصة في هذه المرحلة التي اكد أنه سيسعى من خلالها لمفاوضات فورية مع السلطة الفلسطينية دون أن يضع خطوطا حمراء حول وضع رئيس السلطة الفلسطينية .ويتخلف حزب العمل عن منافسه الليكود بفارق واسع (حسب استطلاعات الرأي ) الأخيرة لكن المشكلة الأكبر بالنسبة لمتسناع في هذا الصعيد هو الفارق الضئيل بينه وبين باقي الاحزاب اليسارية .فحسب هذه الاستطلاعات سيحصل حزب شينوي (وسط علماني) على 13 مقعدا وحزب ميريت (علماني يساري) على تسعة مقاعد فيما تتوزع تسعة مقاعد على اللوائح العربية المشاركة في الانتخابات .ويتوقع زعيم حزب شينوي تومي لابيد الذي يتطلع للفوز ب 17 مقعدا في هذه الانتخابات أن تظل شخصية شارون مهيمنة على الحياة السياسية في إسرائيل في المستقبل المنظور ، ويعتقد أن اسرائيل بحاجة الى ائتلاف من اليسار واليمين دون مشاركة الاحزاب الدينية المتشددة. كما يتوقع مراقبون أن أصوات الناخبين المترددين ربما تكون لها فعلا مؤثرا في هذه الانتخابات فقد ذكرت الاستطلاعات أن نسبتهم بلغت 16 % بعد أن كانوا يشكلون 10 % قبل ثلاثة أسابيع.وأكثر ما تعتمد عليه المنافسة الانتخابية بين حزبي العمل و الليكود هي العوامل الخارجية حيث ان شارون رغم المشاكل والاتهامات التي تواجهه والمتعلقة بالفساد يبدو مستمرا في الحفاظ على شعبيته ( وفقا للاستطلاعات) نظرا للهاجس الأمني الذي يؤرق الإسرائيليين بصورة يومية. ويقول أحد المحللين أن العمليات الانتحارية التي يقوم بها الفلسطينيون أفادت في تثبيته رئيسا للحكومة دون منافس طالما أن هذه العمليات تطرحه للإسرائيليين كحل لضمان أمنهم ، رغم أنه يبدو غير قادر على وضع حد لهذه المشكلة. من جانبه حث رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الناشطين الفلسطينيين على وقف الهجمات ضد الإسرائيليين على أمل تغيير المسار الانتخابي الى ما يعتقد أنه أفضل من الوضع القائم.وقال عرفات أن العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين ألحقت ضررا بالغا بقضيتنا سواء على الصعيد الدولي أو الرأي العام الاسرائيلي. ويتوقع مراقبون أن يصعد شارون من هجماته قبل موعد الانتخابات على المناطق الفلسطينية استجداء لرد فعل من جهتهم يخدم وضعه الانتخابي لاسيما وأن قرار الناخب الإسرائيلي يظل في هذه الأحوال معلقا حتى اللحظة الاخيرة.وتضغط دول غربية على نحو خجول من أجل تحريك المسار التفاوضي وهي بذلك تتقاطع في اتجاهاتها مع مشروع شارون الذي يتمثل في مساعيه لنسف اتفاقات أوسلو وتجاهل مجمل الحقوق الفلسطينية.وعقد في لندن مؤخرا مؤتمر شاركت فيه شخصيات من السلطة الفلسطينية من دائرة تلفزيونية خارجية بعد أن فرضت الحكومة الإسرائيلية حظرا على مشاركتهم ويهدف هذا المؤتمر الى تعزيز الاصلاحات الفلسطينية. ويقول أحد المراقبين أن المؤتمر مؤشر الى أن هناك اتجاها غربيا سيأتي في وقت لاحق مفاده مواجهة السياسات التي يقودها شارون وهذا ما حذرت منه معظم البرامج الانتخابية لاحزاب اليسار في إسرائيل (حسب قول المراقب).و وصفت وزارة الخارجية الأمريكية التي شاركت في مؤتمر لندن بأنه إيجابي وبناء بعد أن تعهدت السلطة الفلسطينية بتعزيز الإصلاحات على نحو ملحوظ ، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو الى أي مدى يمكن لهذه العوامل مجتمعة أن تدعم حزب العمل صاحب الفرص الضئيلة للفوز في هذه الانتخابات.