تظل العلاقات الانسانية الهدف الاسمى للاسوياء من البشر لانها تعطي الحياة معنى جميلا, لا تعكره الضغائن ولا تشوهه الاحقاد, لذلك كان الاخاء والمحبة وسليتين لدرء اخطار الفرقة والتناحر والتباغض بين افراد المجتمع الواحد والوطن الواحد والامة الواحدة. لكن يبدو ان بعض الناس لا يقر لهم قرار الا اذا اساءوا الى غيرهم. واذا كان هذا التصرف يصدر من بعض عامة الناس فلا غرابة في ذلك لان الانسان تتنازعه عوامل الخير والشر باستمرار, لكن ان يصدر ذلك من اناس يدعون الثقافة ويزعمون الادب, فهذا ما يبعث على الاستغراب, لان هذا التصرف يتنافى مع الادب في معناه العام ومعناه الخاص, وايضا لانه موجه الى رموز ثقافية خدمت الوطن على مدى سنوات, وقدمت له عصارة جهدها وابداعاتها لتعلن للآخرين ان هذا الوطن ليس خيمة وجملا وبئر بترول, بل فكرا وحضارة وثقافة وابداعا متميزا, والاساءة الى هذه الرموز اساءة لهذا الوطن, لان انجازات هذه الرموز هي مكاسب وطنية في نهاية الامر, واذا كانت كل الامم تحتفي برموزها الوطنية, فلان اي منجز تقوم به محسوب للوطن عامة. اقول هذا بعد ان طفح الكيل وتمادى بعض ادعياء الثقافة في الهجوم الشخصي على بعض رؤساء الاندية الادبية الذين ترى فيهم الدولة الاقتدار على ادارة هذه المؤسسات الثقافية الرائدة يساندهم في ذلك اعضاء مجالس الادارات, من المشهود لهم بالكفاءة والقدرة على منح هذه الاندية خلاصة تجاربهم في مجال الثقافة او الادارة, وهم سند حقيقي لرؤساء الاندية الذين لا يتفردون بالقرار حتى وان ارادوا ذلك بحكم تواجد مجالس الادارات التي يتحمل اعضاؤها مسؤولية تسيير دفة العمل في الاندية الادبية فليس رئيس النادي المسؤول الوحيد فيه. وأعجب ما في الامران يتحول النقد الى امور شخصية تستهدف اناسا بذاتهم دون وجه حق, مع ان باب الحوار المباشر مفتوح لمن يريد البناء والاصلاح, ولا يستطيع كائن من كان ان يمنع هؤلاء المنتقدين من الحضور الى هذه الاندية وطرح افكارهم ومقترحاتهم, بعيدا عن الامور الشخصية والاساليب العدائية والمزاعم الكيدية التي توحي انها حق اريد به باطل, بل هي باطل اريد به باطل اذا امعنا النظر في منطلقاتها واهدافها. والاكثر عجبا ان يلجأ صغار المحررين لركوب هذه الموجة الخطرة, فلا يقدمون في استفتاءاتهم الصحفية سوى الآراء المعارضة, ويتجاهلون الآراء المؤيدة في اي قضية مما يتنافى مع شرف المهنة وابجديات العمل الصحفي, وقد وجدوا في هذا الاسلوب اقرب الطرق واسهلها للشهرة المزيفة متجاهلين وعي القارئ وادراكه لحقائق الامور. والاعجب من العجب ان تسمح القيادات الصحفية لظهور هذا الغثاء المستهجن على صفحات صحفها, مع ان الاثارة اسلوب عفى عليه الزمن واضحى محل سخرية القراء الذين يبحثون عما يفيدهم وليس عما يستخف بوعيهم. فمن يرحمنا من هذا الغثاء.