في مقالنا هذا سنفترض جدلا ان هناك نوعين من المسافات يمكن اختصارهما, النوع الاول هو المسافة المكانية كأن يقوم احدنا باختيار طرق مختصرة توصله الى جهته المقصودة في وقت قياسي, استثمارا لعاملي الوقت والجهد, ويعد الجهد المبذول هنا جهدا مشروعا, والنوع الثاني من المسافات يتعلق باختزال الزمن لبروز اناس مغمورين او بارزين يتطلعون لحضور اكثر, وفي هذا الحال ينقسم هؤلاء المتسابقون على الشهرة والمناصب والجاه الى فريقين: فريق تخطى سلم الزمن للوصول الى غايته باتباع اساليب الخبث والدهاء والمكر, وفريق طوى الزمن محققا غاياته بفضل كفاءته وعبقريته وتميزه, وفي كلا الموقفين استطاع الفريقان ضغط مساحة الزمن للوصول الى هدفيهما. غير ان المهم في نهج كليهما هو مشروعية التحليق سريعا في دائرة الضوء, فالفريق الاول لوى يد الزمن واتخذ الطريق غير المشروع لنفخ ذاته واضاءة نجمه اضاءة مزيفة, وهذا اللون من الناس هم المسيطرون في اغلب الاحيان على زمام الامور في عالمنا العربي وهم ايضا ملمح طاف على سطح المجتمعات العربية. اما الفريق الاخر فقد تهيأ لهم الزمن طواعية ونقلهم من غياهب النسيان الى آفاق المجد جزاء لما صنعت عقولهم وايديهم, وتلك الفئة تمثل سوادا كبيرا في دول الغرب, واذا ما اردنا اسقاط فرضية اختصار الزمن بشقيها المشروع وغير المشروع على واقع مجتمعنا فلن نحتاج الى طول عناء حتى نفصل في الاستنتاج. فمشاهد التسلق اتكاء على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ناطقة بصوت عال في ممارسات مسؤولينا ومشاهيرنا. بل ان حاملي فيروس اللعب بعجلة الزمن من اجل البروز على حساب الوطن والمصلحة العامة كثر في كويتنا العزيزة لهم اول وليس لهم آخر, ولذلك خيم على واقعنا العام غمام من الاحباط والضياع والتناقض والتراجع, واذا اراد مريد ان يكون ذا شأن في مجتمعنا الصغير وهو غير اهل لذلك, فما عليه الا ان يمتطي صهوة اي تيار او ينضم الى طابور شعراء بيع الكلمة, او يزج بنفسه مرشحا في انتخابات الجمعيات التعاونية او البلدي او الامة, او يدعي معارضته للحكومة, وهكذا في غمضة عين يفسح له في المجالس ويتصدر الندوات والمؤتمرات وتناط به مسؤولية الاصلاح والتطوير وبعد حين قليل من الزمن يصبح صاحب قرار لا يشق له غبار, اما عن مآل الكفاءات الوطنية المخلصة التي حملها الزمن عجلا على جناحيه الى مبتغاها السامي فعادة ما ينتهي بها المطاف الى ملازمة المقاهي والديوانيات والاماكن المقفرة فهؤلاء الصفوة مكتوب عليهم النبذ والمحاربة من الانداد متبعي الطرقات الملتوية. اخيرا في عالمنا العربي اضعنا الوقت واسأنا استخدامه فكان جزاؤنا ما نحن فيه من بلاءات, وفي العوالم المتقدمة استثمر الوقت واحسن استخدامه فكان الجزاء من جنس العمل. السياسة الكويتية