بدأت دولة الامارات العربية في الاول من يناير الجاري في تنفيذ خطتها القاضية بتنفيذ قرار استخدام الوقود الخالي من الرصاص للمركبات، بهدف المحافظة على البيئة من التلوث وحماية الهواء الذي يتنفسه المواطن من السموم. فهل حققت عملية التحول إلى استخدام الوقود الخالي من الرصاص في دولة الإمارات النجاح المطلوب بعد مضي حوالي أسبوعين من بدء التنفيذ ؟ لقد حققت عملية التحول إلى استخدام الوقود الخالي من الرصاص اعتبارا من اول يناير الجاري نجاحا كبيرا في الامارات بفضل التعاون اللامحدود بين جميع الاطراف المعنية بهذا التحول، بما في ذلك محطات الوقود البالغ عددها 500 محطة في مختلف انحاء الدولة. وقال الدكتور سعد النميري المستشار البيئي لدى الهيئة الاتحادية للبيئة ورئيس اللجنة الاعلامية للوقود الخالي من الرصاص: ان هذا التحول تم بشكل مرض جدا ومقبول من كافة شرائح المجتمع في الدولة مقارنة بما حدث في كثير من الدول التي اقدمت على هذه الخطوة من قبل، فتمت فيها عمليات الإحلال بمراحل بعد ان رفض الكثير من شرائح المجتمع بها هذا التحول. وارجع هذا النجاح لحملة التحول إلى استخدام البنزين الخالي من الرصاص إلى تهيئة الناس وتوعيتهم والاستعداد لها قبل وقت طويل لدرجة ان محطات البترول بدأت في الإعداد وغسيل خزانات الوقود بها قبل ستة اشهر من بدء التطبيق الإلزامي وهو ما انعكس عليها إيجابا في خلو هذه الخزانات من اي وقود يحتوي على الرصاص مع بدء التطبيق في اول يناير الا من كميات ضئيلة للغاية. و أكد ان أصحاب وقائدي المركبات لم يتحملوا أي جزء من تكلفة التحول بل تحملتها الدولة وشركات الإنتاج والتوزيع والتسويق. وأكد الدكتور النميري ان دولة الامارات قد فتحت اعتبارا من الاول من يناير 2003 صفحة جديدة من تاريخ مبادرات حماية البيئة التي تتبناها الجهات الحكومية المعنية بالبيئة في الدولة خاصة ان عدد المركبات بالدولة يزداد بشكل كبير، كما ان استهلاك الوقود يزداد بمعدلات مرتفعة مؤديا إلى آثار بيئية سلبية بسبب انبعاث الرصاص من عوادم السيارات. وقال الدكتور سعد النميري: ان البنزين اصبح المصدر الاساسي لتلوث البيئة في معظم دول العالم خاصة المدن المزدحمة بالسكان وهو ما اضر بالصحة العامة للناس خاصة الاطفال الذين يشكلون عصب الحياة واللبنة الاساسية للمجتمع، ومن هذا المنطلق جاء اهتمام دولة الامارات العربية المتحدة بهذه القضية حفاظا على صحة الناس. وكان هذا الاهتمام بالتخلص من البنزين الخالي من الرصاص في الدولة مبكرا وبدأ في عام 1992 حيث بدأ الترويج للبنزين الخالي من الرصاص، وطلب مجلس الوزراء من وزارة النفط والثروة المعدنية دراسة القضية وتم تشكيل لجنة موسعة في الوزارة وتم وضع مواصفات لهذا البنزين، ووضع مجلس الوزراء في هذا العام جدولا زمنيا للإقلال من استخدام البنزين المحتوي على الرصاص وفي عام 2001 جاء قرار مجلس الوزراء بالتحول التام والفوري الى استخدام هذا النوع من البنزين اعتبارا من اول يناير 2003 هو ما ينسجم مع قرار المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورته التاسعة عشرة التي عقدت في ابوظبي عام 1998 والذي نص على التحول التام الى استخدام الوقود الخالي من الرصاص في كافة دول المجلس. وللترويج لهذا النوع من الوقود قامت وزارة النفط والثروة المعدنية بتشكيل لجنة اعلامية عقدت الكثير من اللقاءات مع المسئولين عن انتاج البترول وتم عمل حملة توعية ضخمة اثمرت عن نتائج طيبة. وكان التحول في اول يناير موفقا للغاية ولم يأت هذا من فراغ حيث كان الاستعداد قبله مكثفا وشمل توزيع اكثر من مليون كتيب ونشرة لكيفية التحول وفوائده وتم فتح خط تليفوني سمي الخط الاخضر للرد على استفسارات الجمهور وما اذا كانت هناك صعوبات للتحول وتم انشاء موقع على شبكة الانترنت تحتوي على معلومات شاملة عن الموضوع. كما تم تدريب 7500 موظف من العاملين في ال 500 محطة وقود بالدولة. وأعلن د. النميري انه تم تلقي 7000 مكالمة بينما كنا نتوقع تلقي اكثر من 100.000 مكالمة وهذا العدد القليل مؤشر على ان معظم مستخدمي السيارات كان لديهم الوعي والمعرفة والمعلومات اللازمة مما قلل عدد المكالمات. كما زار الموقع 10.000زائر وهذا مؤشر جيد لعدم وقوع مشاكل في التحول. وأشار الى ان هناك نوعين من الوقود الخالي من الرصاص هما النوع 95 والنوع 98 ومعظم السيارات في الدولة اعتبارا من موديلات 1985 فما فوق تستخدم النوعين دون اي تعديل في المحرك بينما احتاجت الموديلات قبل هذا التاريخ الى اجراء بعض التعديلات وان كانت نسبتها تقع في حدود 10% من عدد المركبات بالدولة. ومن جهتها اشادت حبيبة المرعشي بهذه الخطوة المهمة وقالت: ان الحكومة قد اهدت شعب الامارات هدية قيمة مع انطلاقة العام الجديد بالتحول نحو، استخدام الوقود الخالي من الرصاص واضافت ان الامر لم يتم بين يوم وليلة بل سبقته اعدادات طويلة من حملات التوعية بداية من عام 1992 ونحن كمجموعة تطوعية بدأنا من هذا التاريخ في تنظيم محاضرات ومسابقات لطلبة المدارس والجامعات ولهذا فعندما بدأ التنفيذ كان الأمر سهلاً وباركه الشعب لانه انتظر الخطوة كثيراً. وأضافت حبيبة المرعشي: في ظل تزويد جميع السيارات الحديثة بجهاز المحول الحفاز لكي تعمل باستخدام الوقود الخالي من الرصاص، فان الغاء استخدام الوقود المحتوي على الرصاص في جميع انحاء العالم أمر لا مفر منه في النهاية. ومن دواعي الفخر ان نجد الامارات تلحق بركب الاعداد المتزايدة من الدول المناصرة للبيئة والتي تقوم بمسئولياتها تجاه البيئة. ونحن نتطلع اليوم الى مستقبل خال من التلوث نتيجة لهذه المبادرة الهامة. من جانبها، قالت الدكتورة مشكان العور: بحكم مسئولياتي الجديدة كمديرة لمركز البحوث والدراسات في اكاديمية شرطة دبي، فقد أجريت على مدى سنوات طويلة العديد من البحوث حول موضوع انبعاث الرصاص والغازات من الوقود. وكنت دائماً من المؤيدين لعملية التحول الى استخدام الوقود الخالي من الرصاص. لقد كان يوم الأول من يناير 2003 تاريخياً بالنسبة لدولة الامارات، ونحن نرحب بمزيد من هذه المبادرات التي تهدف الى المحافظة على البيئة في المستقبل. ان قرار اعتماد المحول الحفاز في كافة السيارات الحديثة التي يتم استيرادها الى الدولة ابتداء من عام 2002 يعتبر ايضاً خطوة هامة في هذا المجال. وأضافت ان شرطة دبي ساهمت مع الجهات الحكومية في لعب دور كبير لهذا التحول سواء من خلال اجراء الابحاث العلمية أو تنظيم محاضرات التوعية، وأشارت الى ان العملية تكاملت فيها جهود مختلف الجهات حتى رأى قرار مجلس الوزراء النور في أول يناير 2003.